28‏/08‏/2009

لماذا تراجع «الإخوان المسلمون»؟


تراجع «الإخوان المسلمون» عن الدفاع عن خلايا حزب الله في مصر، معلنين أن «مصر أولا.. مصر أولا». تراجع الإخوان على الرغم من قول مرشدهم إن ما ينشر في الإعلام عن تنظيم حزب الله بمصر «تهريج إعلامي لا لزوم له»، وإن «كلام نصر الله مضبوط 100%».
سارع الإخوان لإعلان التراجع، من كل منبر، فمنهم من كتب يوضح، ومنهم من خطب يبرر، بعد أن هب إعلامهم للدفاع عن نصر الله، ولم يكتفوا بذلك بل انقسموا إلى مجموعات، فرقة تولت الطعن والتخوين بحق من نافحوا عن سيادة مصر، وفرقة أخرى تولت مهمة ترقيع خطاب نصر الله الذي اعترف فيه بتورط حزبه بإرسال الخلية لمصر، وكذلك تلميع صورة الحزب الإيراني أمام الرأي العام، على أساس أنه الوكيل الحصري والشرعي للمقاومة، من دون التذكير أيضا بدوره في انقلاب بيروت!
وتفرغ فريق آخر في بعض الصحف الخليجية، السعودية والكويتية والقطرية، وبالطبع اللبنانية، للقيام بعملية تشويش منظمة على رجل الشارع غير المؤدلج، الذي يؤمن بالحق الفلسطيني، ويؤمن بالمقاومة الحقيقية، لكنه لا يقبل بتدخل إيران في منطقتنا.
والسؤال: لماذا تراجع الإخوان الآن، وتنبهوا للتو بأن مصر أولا، على الرغم من أن نصر الله كفاهم عناء الإنكار واعترف بأن الخلية تابعة له؟
يقول مراقب عربي على اتصال مع بعض قيادات الإخوان «لم يعد السؤال في الشارع المصري هل أنت مع النظام أم ضده، بل إن السؤال أصبح هل أنت مع مصر أم ضدها» ولذا فإن الإخوان استشعروا خطورة الاصطدام بالرأي العام. وهذا أمر طبيعي، فالإخوان كانوا يراهنون على الشارع العربي، والمصري، معتقدين أنهم سيدعمون حسن نصر الله ويرددون مقولة عاكف «طز في مصر»، لكنهم فوجئوا بأن العرب، قبل المصريين، قالوا: إلا مصر.
وإذا كان تراجع الإخوان هو من باب أن الحق أحق أن يتبع، فهل يقومون بالاعتذار لكل من أغرقوهم ببحور الشتائم والتخوين التي سطرت على صدور الصحف الإيرانية الهوى في منطقتنا؟ أم أن التراجع تكتيكي فقط، ومن باب استيعاب الرأي العام. فخطأ الإخوان في هذا الملف ليس الأول من نوعه، فهم الذين تصدوا لشيخهم القرضاوي عندما طالب إيران بالكف عن اللعب بالملف المذهبي في دولنا.
والأمر الآخر هنا، هل تتراجع حماس عن تضامنها مع حزب الله أيضا على غرار الحركة الأم، أم تصر على تضامنها مع حزب الله، خصوصا أن المعلومات المتوفرة تشي بتناقض مثير. فهناك مسؤول قيادي كبير في حماس قام بزيارة لم يعلن عنها قبل أيام لدولة خليجية طاف مجالسها وبعض وسائل إعلامها، وأقسم أمام جموع من الحاضرين أنه «لا يعلم أن هناك أفرادا أو جماعات تابعة لحزب الله في مصر وتعمل على دعم حماس لوجستيا». ومعنى هذا الكلام أن خلايا نصر الله كانت في مهمة تخريبية بحتة في مصر، وليس للقيام بالعتالة لغزة، كما قال نصر الله، فهل تستطيع حماس التراجع أيضا؟ دعونا نرى.

21‏/08‏/2009

عنصرية إيران أم إسرائيل


إسرائيل ورغم عنصريتها لم تكبح جماح الثقافة الفلسطينية المنفلتة من كل عقال

لن نتوقف كثيراً عند تصريحات الرئيس الإيراني احمدي نجاد في مؤتمر مكافحة العنصرية في وربان السويسرية , بل سنتجاوز هذه التصريحات وكأنها لم تكن , لنقف من بعدها على حقيقة الأفعال الجارية على الأرض , ونقارن بين مدى تطابق الأفعال والأقوال في كل من إيران وإسرائيل , باعتبارهما دولتين احتلاليتين تنحدران من جذور الماضي وإعادة إحيائه, كل على طريقته , وفي الوقت ذاته يحتلان شعبا واحدا هو الشعب العربي , سواء في الاحواز أو في فلسطين, لا فرق .
وانطلاقاً من العنوان أعلاه , سيتبلور الجواب منذ الوهلة الأولى نحو إيران بكل موضوعية وبعيداً من أي تحيز , وخصوصاً إذا ما قارنا وقسنا الأفعال بينهما , فعنصرية إيران ربما كانت أفجع من عنصرية إسرائيل والعنصرية في هذا المقام تعني العرق أولاً , أي تمجيده وتفضيله على ما سواه من أعراق .
والسؤال لماذا تبدو إيران أشد عنصرية من إسرائيل ? أولاً لأن عنصريتها (أي إيران) تدخل في سياق فقهها القائم على التقية الصماء , التي تبطن ما لا تظهر , وتظهر ما لا تبطن , فضحاياها كثر في الداخل والخارج , أما إسرائيل فليست على هذا القدر من الباطنية , فهي تعلن صراحة أنها دولة يهودية , ورغم ذلك تتزايد اعداد الفلسطينيين داخل حدود "48" من الآلاف إلى مئات الآلاف إن لم نقل الملايين , مقارنة بالاحوازيين الذين لم تعد تتسع لهم منافي الغرب .
والبرهان الأول على تفوق عنصرية إيران هو تطبيقها لمبدأ التهجير والترحيل الطوعي أو القسري , أما البرهان الثاني , أن إيران وحتى تطرد تهمة العنصرية عنها تتهم إسرائيل بها كأسلوب وقائي , وتنسى أنها تحتل أراضي عربية, وبالتالي فإن عنصريتها مفروضة عن ما يزيد على ثمانية ملايين احوازي في حين أن إسرائيل لا تزيد عنصريتها على ستة ملايين فلسطيني .
إيران تمارس عنصريتها في الاحواز منذ عام 1925, بينما إسرائيل في عام 1948 , والفرق شاسع من دون شك , فلماذا تتباكى إيران على أطلال فلسطين , وتتهم إسرائيل بالعنصرية , من دون أن تنظر إلى ما حولها من أقوام شكلت بمجموعها هيكل الدولة الإيرانية منذ قديم الأزل .
الموضوعية تقتضي الإشارة إلى أن إسرائيل ورغم عنصريتها لم تكبح جماح الثقافة الفلسطينية المنفلتة من كل عقال , فها هي القدس تغدو عاصمة للثقافة العربية وعلى رؤوس الشهداء , فهل تسمح إيران بأن تغدو المحمرة عاصمة أخرى للثقافة العربية ? هذا عدا عن أن الثقافة الفلسطينية من دون أن ننسى استطاعت خلال الأعوام الستين الماضية من عمر قضيتها أن تؤرخها بمسمياتها لا بأي مسميات أخرى , بينما إيران تضيق عليها الأمور , لدرجة أنها تمنع من هو غير فارسي من التسمي بأسماء خارجة عن قاموسها , وتفرض ثقافتها فرضاً لمن شاء و أبى .
قد يقول قائل , إنه بدأ زمن المقارنات الظالمة بين إيران وإسرائيل , لكننا نقول : أياً اختلفت ألوان الصورة من عين الى اخرى , فإنها تبقى محافظة على سماتها الأصلية (الاحتلال ) التي نادراً ما تتغير سواء بالنسبة لإيران أو إسرائيل , والتي لا يحجبها ضوء الشمس .

11‏/08‏/2009

معركة انتهت قبل أن تبدأ

معركة انتهت قبل أن تبدأ

على وقع تهديدات واتهاماتٍ إسرائيلية حماسية متبادلة خلال أسبوع عقب انتهاء التهدئة، وإيقاعات كمٍّ كبير من التصريحات والتحذيرات والتهديدات والمقترحات والمكر والتدبير، دخلت القوات الإسرائيلية معركتها الباطشة في غزّة، والفلسطينيون في أشد أحوالهم سوءاً وانقساماً واتهاماً وتخويناً، والعرب أعراب وفي حدهم الأدنى عربان: عرب الاعتدال ويسميهم مشاكسوهم عرب التآمر والمؤامرة، يتهمونهم بالتخاذل والتنازل والانبطاح، وعرب المقاومة والممانعة والتحدي ويقول عنهم مخالفوهم عرب التجارة والمتاجرة ويتهمونهم بالكذب والدجل والخرط والتفنيص على ناسهم وشعوبهم، ومابين الأعراب المفترية والمتاجرة تشهد جماهير الأمة أشـد الأيام سواداً وألماً ودماً في معارك يستخدم فيها اللحم الفلسطيني كالعادة وقوداً في معارك المتاجرة والمبازرة، ومارأيناه من القتل والدمار والوحشية في أسبوع معارك غزّة وما يدور فيها وحولها من طرفي العرب هو بعض الصورة وجزء من المشهد، لأن المخفي أعظم لقوم يعقلون.

على أرض غزّة تتجلى حقيقة، يقتل الناس فيها فرادى وجماعات، وتُهدم البيوت منازل وعمارات، ويراق الدم على ثراها شلالات، والناس بين قاتل ومقتول وصادق وكاذب يقدّم التبريرات ويستخدم الدجل والمخادعات.

ولئن سألت: أين عرب الاعتدال وماذا فعلوا..!!؟ أجابوك بمثل ماسألت: أين عرب المقاومة والممانعة وفرسان الصمود والتحدي وفرس المحق والسحق والتدمير والإزالة..!!؟

في الحقيقة، إن حرب غزّة ودماءها وحدت العربين في الموقف والشعارات والمظاهرات والدعاء والإعانات وهو أمر لايحتاج استدعاءات للشواهد والأدلة، ونحترم من خالف وجهتنا وإنما ندعوه للتصحيح، فكلهم حشد التظاهرات، ورفع الشعارات، واستنكر وشجب وعبس وبسر وفكر وقدر، وكلهم أرسل المساعدات والمعونات والإغاثات ودعا إلى اجتماعات ومؤتمرات، وكلهم تكلّم عن الوحشية والقتل والذبح والجرائم، وكلهم ألغى احتفالات رأس السنة الميلادية والهجرية إظهاراً للحزن وتضامناً مع أهل غزّة. ورغم كل المشاهد المشتركة بين الطرفين فإن عرب الممانعة والتحدي بقوا مصرّين على التشكيك بنوايا العرب الآخرين ومتهمين لهم بل ومخوّنين. ولئن سُئِل الصامدون والمقاومون عن فعلةٍ زيادةً عن الآخرين لأحالونا إلى ما لايسمن ولايغني من جوع من نوايا المعتدلين العاطلة والعياذ بالله مما يصعب الحديث فيه عن الطرفين لسبب أو آخر. وإنما العبرة انتهاءً بفعلٍ فعله الممانعون يختلف عن المعتدلين سبقوهم فيه تميزاً وفضلاً وحالهم من بعضه سواء.

إن وجود بعض التميز الذي لم يتعد فعل الشغب والتخريب وحرق الأعلام في مظاهرات الممانعين والمقاومين والتحريض الواضح على حكام بلدان الاعتدال ورؤسائهم وملوكهم وأنظمتهم ومخاطبة جماهيرهم بشعارات وخطابات تثويرية تحريضية واقتحام لسفارة مصر، لايلغي من المشهد رؤية موقف العربين الواحد المعتدل منهم والحربجي التي شكلت في حقيقتها رداً موضوعياً على الكثير ممن حلّل وكتب وفنّد وتحدث وأطنب عن أن الاعتداء الإسرائيلي وضع المعتدلين المتواطئين في معسكر الاعتدال في مأزق حقيقي، لأن الجيمع بدا أمرهم لجماهيرهم واحد، وأن الكل في الهوا سوا، وأنّ من كان في المأزق الحقيقي هو عموم جماهير الناس في المشرق والمغرب ممن كانوا محتاسين بحثاً عن مخرج لأزمة عصية واقعين فيها مع طغاتهم ومستبديهم وظالميهم، ومدينة أبية صامدة، يجول الدمار والخراب في شوارعها والقتل والإبادة على أرصفتها.

جاءني يقول: أنا - والعياذ بالله – كنت مُحتسَباً من غير حول مني ولاقوة من الآبقين على معسكر المقاومة والممانعة الذي يضم حماس وحزب الله وإيران والنظام السوري قائداً وزعيماً. وإنما بعد وضع النقاط على الحروف فوق وتحت، وبعد تصريحاتٍ لفخامته وجلالته وسموه وفضيلته في الليل والنهار سمعت وشاهدت وقرأت، وبعدما عرفت الذي عرفت، واكتشفت مااكتشفت، من أن هؤلاء هم معسكر المؤامرة وليسوا معسكر الاعتدال غيّرت، وكطائر نورس حلقّت، وإلى معسكر المقاومة والممانعة والسيادة رجعت، وخلف قادته صففت، وأقلامي كسرت وحطّمت، وأوراقي ودفاتري مزّقت، ولكني خجلاً حتى اليوم ماصفقّت، وإلى الله انتهاءً تبت وأنبت، فهل تُراني ياأُخيّ حسـناً فعلت..!!

تذكرت قول من قال: لهم قلوب لايفقهون بها، ولهم أعين لايبصرون بها، ولهم آذان لايسمعون بها.

فعقّبت: قبيل المجزرة بأربعة أيام شهد موقف النظام السوري تكويعة مشهودة وبشكل غير متوقع للممانعين وغير مستغرب ومتوقع عند المعتدلين على لسان رئيسه عن ضرورة الانتقال مع إسرائيل إلى المفاوضات المباشرة. أمّا أثناء المجزرة وفي تمام أسبوع من جديد موقف النظام السوري أو قديمه لافرق، وحماس ومعها غزة تنتظر من حلفائها وقفة مشهودة، فجاء خطاب سماحة السيد حسن نصر الله لساعة من زمان خطاباً تاريخياً لم يقل بمثله من قبل، لايعنينا الحديث عما كان فيه سوى التكويعة التالية والمكمّلة لتكويعة الحليف السوري، بتقريره وتنبيهه على التمسك المسبق بحالة الدفاع الذاتي التام مع كل الحيطة والاحتياط، ومن ثم كانت رسالة واضحة لأولي الألباب وممن يعنيهم الأمر، أنّ لاعملاً عسكرياً مسانداً لحماس وغزة بعد أن بات الموقف احتياطاً وتحوطاً ومحصوراً بالرد على أي مبادرة إسرائيلية بالاعتداء عليه، وأن إيران هي الأخرى بات أمرها محصوراً في مظاهرات وخطابات ومناشدات وتنديدات ومحاصرات للسفارة المصرية. وهكذا اكتملت حلقة الفصل الطوعي لكل الجبهات المحيطة بإسرائيل من عرب المقاومة والممانعة وعرب الاعتدال، ولتبقى حماس ومعها غزة وحيدةً تؤكد ممانعتها ومقاومتها في حربها الضروس تواجه مصيرها ممانعِةً وحيدةً في الميدان من دون حلفائها الذين بدوا ساعة العسرة كالآخرين من عرب الاعتدال أو التآمر كما يسمونهم.

قال لي: معركة حماس وغزة انتهت قبل أن تبدأ من خلال الموقف السوري في الوقت المناسب الذي لن يكون ببلاش في سوق السياسة والنخاسة، وتمّ الإعلان عن نهايتها في خطاب سماحة السيد لله وبالله وابتغاء مرضاة الله ورداً على الدعي بن الدعي ولكن في الوقت المناسب والذي لن يكون ببلاش أيضاً.

قلت: المعركة بدأت وانتهت، ولم نسمع من يقول: اللعبة انتهت The Game is Over

قال: لكل معركة لغز، ومعركة حماس هذا لغزها، وفي فمها ماء كثير، وهل ينطق من في فيه ماء.

06‏/08‏/2009

"حسبي الله ونعم الوكيل"، أسرارٌ خاليةٌ من كلمة السّر..!


السياسي كان إنساناً عادياً في يوم ما..! وهو قادرٌ على صنع الثورة بدون تغيير، ويكون عدم التغيير ثمن الثورة...
"لا يكفي أن يكون المرء ذا عقلٍ حاذق، أهم شيء هو أن يستعمله بشكل حاذق".. هذا ما قاله فيلسوف الشكّ ديكارت.. طبعاً قال ذلك قبل زمن الشك هذا، وقت كانت الناس تستخدم عقلها أكثر...
يقول الذين يحلمون بالليل فقط، أن أحلام النهار لا تضر....

بعض الملاحظات للإنسان القويم العادي، وللسياسي المبتدئ والمنكفئ.. والتائب عن الخطأ... وتصلح للانتصارات الإلهية الجديدة وتصلح أيضاً لصكوك الغفران القديمة.. وحسبي الله ونعم الوكيل:.. عنوان البريد"من حسب الله والنعم، إلى نعم الوكيل المحاسب. دمشق.. غزة .. فينو ـ غراد ...

1 ـ يولد المستبد من رحم"العبودية" وحتى بعد وصوله للحكم لا يستطيع التخلص من عبوديته، سيظل يخاف من الحرية، سيظل يخاف من الناس الأحرار ويقوم بقهرهم واستبدادهم ما استطاع.. والطيور على أشكالها تقع!..
2 ـ يحتاج السياسي الناجح إلى قرني استشعار، الأولى، أن يشعر بالمَلَل والضجر بدون السياسة والنشاط السياسي، والثانية أن يملك شوقاً منقطع النظير اتجاه السلطة..
3 ـ أن يحمل رسالة، من أجل الأمة، من أجل المقدس، من أجل الوطن، من أجل الأخوة في الدين، من أجل الشعب، من أجل الإنسانية، من أجل المسؤولية، من أجل الأخلاق، من أجل القيم، ومن أجل البحث عن حماة وتدمر في غزة، ومن أجل الأجل!، ودور هذه التعابير الكثيرة في سياسة البعض تشبه الوظيفة التي تحملها صورة الوردة المطبوعة على السطح الخارجي لنونية الطفل الذي لم يتعرف بعد على السياسة.. ولم يسمع عن تسعيرة الانتصارات الإلهية محسوبة بعدد النونيات وعليها أصحابها...
4 ـ بعض السياسات، لم يتغير طعمها منذ آلاف السنين، لم تستطع التطور والتقدم، ولم تستطع التقهقر أكثر، لهذا السبب يقوم السياسي الناجح بانتهاز فرصةٍ أو حدثٍ تاريخي ليصبح بعدها يتأرجح كبندول ساعة الحائط محاولاً التأقلم مع الساعة حتى لو كانت ساعة ديجيتال، لا يحتاج للتقدم، كما أن التقدم لا يحتاجه..
5 ـ الطريق التقليدي للسياسة في "أوربا" يقوم على التحوّل بدون تطوّر، الماضي بلا إقفال وإنما تركه كما هو. والمبدأ الوحيد الذي يحدد تصرفات السياسي وسلوكه هو قياس المفيد والضار له في لحظةٍ ما، كما يصفه فرويد في"مبدأ السعادة السياسية"، والذي يؤكّد الكثيرون أنه لم يتحول يوماً إلى مبدأ السعادة الاجتماعية..
6 ـ وما زلنا عند السياسة في أوربا، وعن السياسة في أوربا فقط، ـ اقتضى التنويه كي لا يفهم أننا قصدنا سوريا أو بعض سوريا، والعنوان لم يقله فقط أمير البحرين حفظه الله، بل الأمير مشعل أيضاً حفظ آيات قرآنية، وحفظه الله كمان، وربما مشاعل أيضاً ـ أو كمان ـ على طريق الهداية تضيء الدرب للمؤمن الأخ بشار والبشير والسيد والأمير.ـ ويصبح دور أخٍ ممانعٍ إعلان وفاة أو موت مبادرة ما، كمبادرة للسلام مثلاً، والآخر الأكثر إيماناً يقوم بتأدية صلاة الميّت عليها.. ليعود في اليوم التالي ويحييها، وحسبي الله ونعم الوكيل.. محيي العظام وهي رميم...
وكلما كان الحكم ناجحاً كلما كان السياسي بعيداً عن تحمّل المخاطرة، وعندما تكون الحكومة على أبواب الإفلاس تزدادا بشكل عظيم القدرة على المغامرة وبدرجات غير عقلانية، على أمل المحافظة أو المشاركة بالحكم ساعات أخر..
7 ـ تشبه الصداقة مع السياسي مثل تغيير السفراء في السلك الدبلوماسي، كالجاسوس المختبئ في ثياب السفارة وبمحيط وجوّ ممتع ومريح، أو بالأحرى ضعف المنافس القادم..
8 ـ الحقيقة إذا أردنا أن نكون أمينين على المقدس، علينا أن نتوقف عند الرقم سبعة، وهو أنثى السبع، وننهي حديثنا بخشوعٍ أمامه، لكنه تحدث أحياناً ظروفاً خاصة تلزمنا المتابعة، خصوصاً إذا كانت عن السياسي، أو وجه السياسي، أو زبيبة السياسي، ويمكن القول أنه هناك منفعة مضاعفة للسياسي، أن يصبح مشهوراً بدون أن يقدم إبداعاً ما، وأن يعيش كشخصٍ منتقى(مختار) بدون عملية انتقاء، إلاّ إذا كان هناك من غزلٍ بين السبعة والنجمة الثمانية ـ وهي نجمة مقدسة ـ وحسبي الله ونعم الوكيل..

تعطينا الحياة الدرس أكثر من مرة، حتى نتعلمه بالكامل أو نتعلم منه. أو لا تعطيه لنا أكثر من مرة واحدة، ويمكن الخسارة من أول مرة. وإذا خسرنا أو فشلنا، هذا لا يعني أن الطريق خطأ، لكنه يوصل إلى مكان ما!. يكون الطريق خاطئ إذا لم يوصل إلى أي مكان.. وكمان مرة "حسبي الله ونعم الوكيل".....

"لا يظل النهر في مجراه.. إلاّ في السنين القاحلة.
ويملّ البحر في الإعصار.. حتى ساحله.
يلسع العقرب جسمه حين تغدو النار سورٌ حائلة.
ضاع في الرمل الدليل.. ذلك الشعب العظيم، كيف يرضى قاتله؟
فانحنى غصن النخيل للرمال السائلة.
فلنفتش عن بديل كي يحلّ المعضلة.
كل هذي النوق والفرسان لن تبغي السبيل،
والحمار الغرّ يمضي فوق رأس القافلة"..
أيمن أبو شعر(بتصرف).