28‏/09‏/2009

خديجة مطلوبة للقتل


خديجة فتاة جميلة.. بريئة.. مهزومة ككل النساء وقبلهن الرجال في هذا الشرق المتوحش، تزوجت جارها على سنة الله ورسوله، بدا كل شيء اعتياديا، الخطوبة وحفلة الزفاف وحتى صباحية ما بعد العرس حيث يتوافد الجيران لتقديم التهاني والهدايا للعروسين، كعادة أهل محافظة الحسكة تزف العروس لبيت زوجها وتبقى في بيتها الجديد ثمانية أيام ويذهب شقيقها ليأتي بها إلى بيت أهلها بعد انقضاء هذه المدة

ويحتفلون بها ويفرحون لفرحها، خديجة عاشت كل هذه التفاصيل وفرح بها أقربائها وهي صغرى أخواتها، قضت إجازتها عند أهلها أيضا وذهبت لبيت عريسها، وهنا بدأت فصول قصة شديدة الغرابة وكثيرة الحساسية.
وشوشت زوجة الأب في أذن زوجها أن خديجة كانت تربطها علاقة حب بزوجها خارج إطار الزواج قبل أن تتزوج منه، جنّ جنون الأب وجمع أولاده الأربعة وهدروا دم أختهم دونما شواهد وأدلة، قرروا نحرها لأنها مست بشرف العائلة، جرمها أنها أحبت زوجها قبل زواجها، تمضي الأيام تهرب خديجة وزوجها إلى المجهول إلى مكان لا يعلمه أحد خارج أسوار محافظتها، تتالى السنوات والزوجين يتجرعان الألم والفقر فخوف الزوج من ملاحقة أخوة زوجته لهم كان يمنعه من العمل خشية أن يستدل أحد ما بمكان تواجدهم ويقتلونهم، عاشوا الخوف والترهيب كانت السنوات الأولى من المشكلة عصيبة للغاية كما روت خديجة تجربتها.
اليوم هي أم لأربعة أبناء وثلاث بنات أكبرهم تخرج من المعهد قبل سنة واليوم وقد مضى على الجريمة ما يزيد عن العشرين عاما تعيش هذه العائلة ما هو أكثر مرارة، فمعظم أوراقهم في الدوائر الحكومية في مدينة القامشلي يأتون خفية ويرحلون في الظلام، اضطر الزوج أن يسجل أولاده على أسم امرأة أخرى كون خديجة لا تملك الجنسية وتحتاج لقيد جديد في محافظة الحسكة وبما أنها مطلوبة للقتل فأنها ارتضت أن تبقى عزباء في الدوائر الحكومية المهم مصلحة أولادها، أما أبنائها الشباب وصلوا لمرحلة خدمة العلم ويخشون المجيء للمحافظة خشية الانتقام، هؤلاء الضحايا الذين حرموا من نعمة العائلة والأسرة الكبيرة على إثر وشاية كاذبة، اليوم يدفعون الثمن على كل الأصعدة، تضيف خديجة: غدا لو ذهبت لخطبة فتاة ما لأبني، فبحكم عاداتنا يسألون أين خال العريس؟ ماذا أقول للناس؟ والأمر الأصعب سيكون مع بناتي هؤلاء الضحايا لجريمة الزور، لم نترك صاحب جاهة وحتى كبار المشايخ والعشائر في محافظة الحسكة ليتوسطوا عند أهلي ويبدو أن الله أعماهم على عقولهم وقلوبهم، توفي والدي ورحيله بقي حسرة يمزق قلبي لم يسمحوا لي بأن اسمع نبراته للمرة الأخيرة ولا أعرف أين قبره؟ مع أنني سمعت انه كان يود أن يراني في سنواته الأخيرة لكن إخوتي الرجال كانوا يمانعون بحجة أنهم لا يريدون أن يفتحوا على أنفسهم بوابة القيل والقال بعد أن نسي الناس القصة، أفكر بأن أزور إخوتي البنات بالرغم من تهديدات أخي الأكبر بأنني لو دخلت عتبة المدينة سيقتلونني، إنهم قساة لا يتقون الله خاصة بعد أن أصبحوا من أثرياء المدينة، أخي الكبير رجل حج إلى بيت الله واعتمر عدة مرات لكنه لا يعرف الله ولا يفهم شرعه الذي يحاسب المذنب بالنفي عام واحد من الأرض وليس عشرين عاما إن تم إثبات وقوعه في الخطيئة عاقبونا عقودا ونحن لم نخطئ، أعيش لأجل اللحظة التي نعود فيها بيتا واحدا يتعرف فيها أولادي أخوالهم وخالاتهم وأبنائهم ويتأكدوا أن أمهم بريئة وطعنت في شرفها زورا، لن أنسى مرارة الأيام التي تذوقتها حتى مع عائلة زوجي، لم يرحموني كانت اهاناتهم لي أشد من قتلهم لروحي وجسدي وكانوا يتهمونني أنني الجلاد ولست الضحية، ويذكرونني على الدوام: لو قتلك إخوتك فلا دخل لنا بالموضوع أما لو قتلوا ابننا أيضا فسنقوم بمجزرة بين أهلك، خديجة التي تجرعت مرارة الألم وعانت ما عانته اليوم تسأل الله أن يحمي أولادها ويهدي أخوتها وينقذ روحها المطلوبة للقتل تحت مسمى أنها مست بشرفهم.
نبقى نقول ونرفع الصوت عاليا علنا ننقذ روحا بريئة و الأرقام تتصاعد بذريعة الشرف، أخاف الصمت الذي يفترش شوارعنا، قد يجمعوا تاريخ الجريمة وسيوف القبائل وخناجر الليل كي يطعنوها، فهي البراءات والصباحات التي أشرقت والتي لم تشرق في المدينة قد يكون الصمت طقس الحكمة التي تنتصر كما انتصرت في تاريخنا حينما كل المارقين وقتلة النساء بواجهات الشرف الذي لم ينتهك إلا بقتل امرأة بريئة
أقول: من يصرخ معي في برية الحسكة والمدى ( خديجة مظلومة ) من يحمل رسالتي لإخوتها؟ من يجمع بقايا جرحها ويرسم ملامح حزنها في سراب وهمهم وسطحية تفكيرهم؟ حينما سمعت قصتها اعترفت في قرارة نفسي إنني خائفة عليها ومعها، ماذا لو وقعت الجريمة ونحرها إخوتها باسم الشرف بعد عقدين من الزمن هؤلاء الذين استعاروا لغة الشيطان بأبجدية الصمت قبيل وأثناء نحرها غير آبهين بلغة القانون أو حكم الشرع.
خديجة التي وصلت لمرحلة المواجهة فالغربة باتت الأكثر موتا لروحها، اكشف لكم دموعها فهي واضحة لأنها ترافق الندى وتمتزج بوريقات النرجس، هل يسمعها إخوتها وهل تسمعونها إنها تقول للجميع ( تعالوا ننطلق صوب الأمس، ومنه لما قبله، كي أدلكم على مسرح الجريمة.. الأسماء.. والسكين الذي ذبحني علني لا اُذبح مرتين، لأني وانتم ممن قلنا بالشهادتين).
يا نساء الشرق امتنعن عن الابتسامة وودعن النبضة التي تكتب الأحلام واصرخن بوجوههم ( لنحتكم إلى صوت الله إن كنتم ضد صوت البشر)... لننطلق صوب الأمس وقبلها. لنحكي الحكاية قبل أن يبزغ الفجر ويعلن الشمس بدايات الصباح وينهي شهريار القصة بدماء كان وتبقى اللون المفضل لتاريخ ذكورتهم.

24‏/09‏/2009

إيران سجادة شيرازية أم سجادة الشيطان؟


نتائج الحوار الأوبامي قد تعطي الإجابة!

أوباما: قال: "إن إيران أمة ذات حضارة عظيمة، ويجب أن تتبوأ مكانها الصحيح في العالم، ولكن بالسلام وليس بالقوة والإرهاب". "أريد أن أخاطب الشعب والقيادة في إيران مباشرة وأقول لهم نحن نسعى الى بداية جديدة في العلاقات بين بلدينا".
ما نفهمه من كلام أوباما، أن إيران ليست في مكانها الصحيح، لأنها حددت تموضعها في ساحة الشرق الأوسط الكبير بالقوة وبالإرهاب، وفي حال تخلت عن هذين الشريرين، القوة، الإرهاب، ستجد يدنا ممدودة. ليس في كلام أوباما انه تخلى عن الإستراتيجية الأميركية التي تعتبر ان إيران محور للشر يقوم على دعامتين هما القوة والإرهاب، تغير ترتيب الجمل الأميركية وتغير شكلها، وبقي المضمون بوشيا. ولأن السيد خامنئي المرشد الأعلى لإيران وصاحب القول الفصل فيها قد فهم مضمون الكلام الأوبامي حقيقياً، كان لا بد ان يقول رداً على السيد أوباما رأس الشيطان الأكبر:
"انه لا يرى تغييراً في الموقف الأميركي تجاه إيران، وأكد ان إيران مستعدة للتغيير في حال غيّر الرئيس الأميركي موقف بلاده منها". ما قصد السيد خامنئي من جملة "في حال غيّر" هو: لا تدعموا إسرائيل، ودعونا نكمل برنامجنا النووي بعيداً عن عيونكم وعيون وكالتكم "الدولية" للطاقة النووية.
الإستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط الكبير تقوم على: واحد، حماية نفط المنطقة استخراجاً ونقلاً وتسويقاً وتصفية وتصنيعاً وتخزيناً. اثنان: السهر على الأمن الإسرائيلي وحماية الدولة العبرية كامتداد جغرافي رغم بعد المسافة، وإعتبار إسرائيل النجمة الأكثر سطوعاً في العلم الأميركي رغم انها غير مرسومة وغير مرئية فيه. ثلاثة: بناء استقرار المنطقة وحمايتها من أي تحد أو تهديد أو تغول وخاصة حماية الركيزتين الأساسيتين في منطقة الشرق الأوسط الكبير وهما: 1 ـ دول الخليج العربي. 2 ـ العراق. أربعة: النووي الإيراني الحربي ممنوع بتاتاً أما السلمي فمسموح شرط ان يتم ويتطور تحت العين الدولية ـ الأميركية.
على أساس هكذا إستراتيجية تعمدت إيران تسمية أميركا بالشيطان الأكبر، ورأت الإدارة الأميركية ان إيران ليست سجادة شيرازية رائعة وانما هي سجادة للشر، سداتها الإرهاب ولحمتها الإرهاب أيضاً، ولونها الغالب القوة الوحشية.
يقول روزفلت: تحدث بنعومة وأحمل عصاً غليظة. أوباما تحدث بديبلوماسية، ووضع خلف ظهره العصا، رغم أن رأسها الغليظ ظاهر خلف كتفه الايسر وفوقه قليلاً. السيد خامنئي رأى الرأس الغليظ، واستمع بهدوء وردد بالعربية، هكذا كان يعرفها، ردد:
يعطيك من طرف اللسان حلاوة
ويروغ منك كما يروغ الثعلب.
السيد دبليو بوش، أشهر العصا ورفع صوته ولكنه لم يضرب ولم يهدد بالضرب وهدأ إسرائيل حتى لا تفعله.
الأسلوب الأوبامي أخطر من الأسلوب البوشي، وقد أظهر للعالم ولشعبه انه أراد السلام، ولكنهم أرادوا الحرب.
في ظل فشل الحوار الأوبامي هل سيلقي أوباما على الارض عصاه، لا اعتقد ذلك. ثمة احتمال، ان ينقل العصا الى الأمام مع تهجم وتجهم مكرراً ما قاله في بداية أيامه الرئاسية... قال: سنهزمهم.
أين أذرعة إيران من كل هذا؟ أجاب وزير خارجية النظام السوري السيد وليد المعلم في حديث للفضائية القطرية الجزيرة: "نحن جاهزون للدفاع عن أراضينا" إذن فهي الحرب! بقية الأذرع ليست دولاً وليست بمستوى الحليف السوري وقد يصدق القول هنا:
لا تقطعن ذنب الأفعى وتتركها
ان كنت شهماً فأتبع رأسها الذنبا.
أذرعة إيران أكثر من قطب وأقل من خيوط في السجادة الإيرانية، ولن تكون غير ذلك، كانت الحال سلماً أو حرباً.
إيران ليست سجادة شيرازية رائعة، وانما هي داعية حرب قد تحصل ولا نتمناها أبداً. وعلى من رضي ان يكون ذراعاً، ان يدرك حجم الخطر القادم، وإلا فإن الثقب الأسود سيبتلع الجميع.

21‏/09‏/2009

ولدي حزينٌ على قطّته وليس على وطنه




سألت ولدي ذو الاربع سنوات مازحا : ألا تريد الذهاب الى سوريا في الصيف القادم .. فأجاب على الفور هيهات وكيف سأذهب ؟؟ الى بلدٍ يسجنون فيه الأمهات ويعتقلون الآباء .. ويضربون الأولاد !! أليس هذا ما تقوله يا أبي وأنت تقرأ في مواقع الإنترنيت الغير محجوبه كماهو عليه الحال في سوريا .. أنا لا أحب السجون
صحيح أنني حزين على بلدتي ورفاقي ولكن حزني الأشد على قطتي التي تركتها في منزل جدي .. مَن يطعمها ..مَن يلاعبها.. مَن يعتني بها ..
أجبته لأخفف عنه جدتك لا شك أنها تعتني بها , قال : جدتي ( الله يساعدها ) هي دائماً على خناقات مع جدي .. من أجل الخبز والمازوت والمياه والكهرباء المقطوعة وغيرها .. بتكون نسيت القطة وأولادها .. هي وعدتني أن تعتني بها لكن لو أتت القطة معي كان أفضل ..أتمنى ان أعود يوما وأراها .. مسكينة قطتي كانت تنتظرني عند الباب حين مجيئي من المدرسه تأكل معي وتجلس جانبي وانا أكتب الوظائف ولا تنام إلا في حضني .. ولكن ماذا لو أخذوها الى السجن ؟؟
ولماذا يأخذونها الى السجن يا ولدي .. ربما يقولون أنها /معارضة / مثلك يا أبي .. في الحقيقة يا ولدي أنه ضمن قانون الطوارئ السوري والأحكام العرفية حسب معلوماتي لا يوجد مادة لإعتقال قطط وكلاب وعصافير المعارضة السورية أو تهم مثل ( إثارة النعرات العنصريه والطائفية .. أو وهن عزيمة الأمة أو إضعاف الشعور القومي أو اقتطاع جزء الأراضي السوريه وضمه لدولة أجنبيه ) تطلق عليهم .. وفي حال أخبرتنا جدتك أنهم اعتقلوا القطة بإمكاننا ان نتقدم بشكوى الى مجلس الأمن الدولي أو الأمم المتحدة عن طريق قسم البوليس في المقاطعه وتأكد أن الجهات المعنيه ستبذل قصارى جهدها للإفراج عن قطتك فكما رأينا انه في الدول الأوروبية حقوق الحيوانات الأليفه ُمصانة أكثر من حقوق الانسان في سوريا
والدول التي على شاكلتها .. إطمئن يا ولدي , هذه هي حكاية ولدي وقطته
بينما حكومتنا الجليله لو اعتبرتنا قططاً لما كان الشعب السوري على ما هو عليه الآن , ولدي يفكر ويحزن على قطته وحكومتنا لا يهمها عشرين مليون من البشر بإستثناء مليونين او اكثر لا أدري هم من الفاسدين والسارقين والناهبين للأموال العامة واعوانهم من المرتزقة وبائعي الشرف والضمير .. في وصف موجز لحالة ولدي للمرشدة الاجتماعية قالت: (إن شعوراً طيباً لهذا الولد على قطته فكي ينمو في الطفل شعور حب الوطن مستقبلاً من الطبيعي أن يحب أسرته أولا وتحبه ثم ألعابه ورفاقه وحيواناته وحييه ومدرسته وعلينا أن نساعده ونعوضه عما فقده في وطنه الأم كي ينمو لديه هذا الشعور ) وهذا يذكرني بقول للرئيس المرحوم حافظ الأسد ( كي أقدم كل ما أملك في سبيل وطني .. على وطني ان يُحبني أولاً ) وبالتالي فإن الوطن الذي يحرم الطفل من أعز ما لديه .. أبويه – رفاقه – ذكرياته – أحلامه – من الطبيعي أن يتحول هذا الشعور الى / لا / شعور بالوطن فكيف يوما ما سنتحدث لأولادنا عن وطنٍ كان .. أو نقول لهم أحبوا وطنكم الذي لم يحبكم ...

16‏/09‏/2009

أميركا – إيران:حوار عبثي وصدام حتمي عام 2010

ايران مشكلة دولية – عربية ليس لها حل، فالخضوع لشروطها مستحيل، وثنيها عن مشروعها أكثر استحالة، الحرب معها مستبعدة، من قبل أعدائها وخصومها والسلم معها مستبعد من قبلها إلا بشروطها.

حتى الآن الوقت جرى لمصلحة إيران، وهي تراهن على استمراره معها، خاصة بالنسبة لأوضاع العالم كله من حولها بدءاً من الوضع الأميركي، ثم الوضع الصهيوني، ثم الوضع الروسي – السوفياتي سابقاً ثم الأوضاع العربية – ثم الوضع الآسيوي حولها، إذا لم نذكر الوضع الأوروبي ثم الصيني..

إيران تعتقد ان كل أوضاع العالم تعاني من مشاكل وتراجع، إلا وضعها فهو في نظر ساستها يتقدم ويتقدم كثيراً.

وبناء عليه،

فإن إيران الآن في مرحلة فرض الشروط على الآخرين بعد ان كانت سابقاً في مرحلة رفض الشروط عليها من الآخرين.

إيران لديها مشروعاتها المتكاملة، وهي تعرف ماذا تفعل، وتتقدم نحو تنفيذها.. في وقت يعاني العالم كله تخبطاً في كيفية التعامل معها، لا بل في كيفية التعامل مع مشاكله هو.. وإيران باتت جزءاً أساسياً من هذه المشاكل.

مشروعات إيران المتكاملة ثلاثة هي:

1- الملف النووي.

2- التوسع الإقليمي.

3- الأذرع الطويلة في خدمة الملف والتوسع.

1- الإيرانيون يعتقدون ان هذا الملف النووي يوحدهم، لأنه بات قضية وطنية جامعة، ولن تجد في إيران كلها من يعارض – حتى الآن – الاستمرار في إنجازه حتى الوصول إلى القنبلة النووية التي بات الحصول عليها رمزاً للعزة والكرامة!

وفي هذا المجال يجزم الإيرانيون ان هذا الملف غير خاضع للمساومة أو الوقف أو البطء في تحقيقه.. انهم يقولون بالحرف لأميركا تحديداً: هذا الملف أصبح وراءنا فلننظر إلى أمر آخر.

جماعة ((مجاهدي خلق)) التي كشفت عن المشروع النووي الإيراني – كان لها قبل هذه ((الخيانة)) وضع شبه مقبول، في جزء من الشارع الإيراني المسلم المتعاطف مع تاريخ هذه الجماعة المعادية لنظام الشاه، والتي ساهمت كثيراً بإسقاطه، أما بعد دورها في كشف ملف البلد النووي فإنها فقدت كل تعاطف معها، وباتت في نظر الكثيرين جماعة خائنة.

2- التوسع الإقليمي الإيراني فريد من نوعه لأنه يستند إلى معطيات شرعية وشعبية حتى في بلدان مختلفة عنها في العرق.. لكنها متفقة معها في الدين.. وفي المذهب.. التوسع الفارسي ليس استعماراً.. لكنه أسوأ من كل أنواع الاستعمار.

هذا ما حصدته في العراق، وفي أفغانستان وفي سوريا وفي لبنان وفي اليمن وفي فلسطين.. دون أن ننسى التعاطف معها في قطر والسودان رسمياً، وغيرها حتى وصلت في توسعها الإقليمي إلى الحديقة الخلفية للولايات المتحدة الأميركية نفسها، حين مدت نفوذها أو علاقاتها إلى فنـزويلا.

أما الأهم فهو انتشارها الأمني – الاقتصادي – بين الجاليات العربية وتحديداً اللبنانية (الشيعية)، والفلسطينية (المقاومة) في جمهوريات أميركا اللاتينية – في كولومبيا والبرازيل والاورغواي والباراغواي والأرجنتين.. فضلاً عن انتشارها المحموم في كل دول افريقيا، حيث يعيش نحو 300 ألف لبناني معظمهم على المذهب الشيعي في بلدان: ساحل العاج - ليبيريا – السنغال – غينيا – افريقيا الوسطى – الغابون – انغولا.. الكونغو (بجانبيه).

3- الأذرع الطويلة، وأهمها على الاطلاق حزب الله في لبنان الذي يملك واحداً من أفضل أجهزة الأمن العربية على الاطلاق، بإمكانات مادية وتقنية هائلة، والأهم بعد ذلك وربما قبله بولاء مشهود له بالصرامة والشدة، فضلاً عن القناعة الكاملة بدور رسالي – جهادي محكوم بالنصر ولا يقهر ملقى على عاتق عشرات آلاف المسلحين من الحزب في كل أرجاء لبنان تقريباً.

طبعاً هناك أذرع إيران المتعددة داخل العراق نفسه كالمجلس الأعلى، وجانب من حزب الدعوة، وحزب الله العراقي والتشكيلات الاستخباراتية الأخرى ككتائب الحسين مثلاً فضلاً عن شرعية الحكم في رئاسة الحكومة وأجهزة الأمن والجيش والشرطة ومجلس النواب وبقية المؤسسات وفي فلسطين قبضت إيران على بقعة جغرافية شغلت العالم كله منذ سنوات، هي قطاع غزة عبر حركة حماس ومعها دائماً في الولاء لإيران حركة الجهاد الإسلامي، ونجحت إيران في جعل غزة محور القضية الفلسطينية، مثلما نجح إعلامها في حصر العدوان الصهيوني كله في شرنقة معبر رفح على الحدود بين فلسطين ومصر.

ولعل أهم نجاح تعتقده إيران انها باتت على حدود فلسطين، من ثلاث جبهات هي لبنان – سوريا – مصر.. أما الأردن فهو مشروع جبهة رابعة تنتظر حُسن التوقيت، وليست بعيدة عن بدئه، وهذا ما يخيف الملك عبدالله الثاني في هذا البلد الذي يعيش مفارقتين:

1- مفارقة القسمة بين أبناء شرق الأردن وغرب نهره في الضفة وكلاهما يشهد تعاطفاً مع إيران.

2- مفارقة اللحمة بين الحركة الإسلامية في شرقه والحركة الإسلامية في غربه.. والاثنتان متفقتان على الاعجاب بإيران.

إلى جانب حدود إيران مع فلسطين (اسرائيل) فإن إيران تمكنت بهذا من الانتشار على ساحل البحر الأبيض المتوسط (انظر الساحل السوري + الساحل اللبناني + ساحل غزة.. فما بالك والعبث الإيراني يشمل سيناء كلها، وجزء كبير منها على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وجزء آخر على خليج العقبة فضلاً عن اطلالتها على قناة السويس شريان مصر الاقتصادي (30 مليار جنيه إيرادات القناة عام 2008).. ثم البحر الأحمر وإطلالات دوله: مصر + السودان + المملكة العربية السعودية + اليمن + اريتريا + الصومال..).. الأمن القومي العربي كله أصبح تحت رحمة التوسع الفارسي بأذرعه العربية.

هل نسينا جماعة الاخوان المسلمين بمجلسها العالمي، التي نجحت إيران في اختراقه بمساعدة مشيخة قطر، وعبر رئيسه الحالي الشيخ يوسف القرضاوي، الوزير القطري غير المعلن، مفتي العائلة الحاكمة في الدوحة والمرجع الأعلى لقناة ((الجزيرة)) القطرية، إحدى أدوات التطبيع القطري مع العدو الصهيوني.

انظروا إلى القبلة الجديدة التي اعتمدتها الجماعة في حركتها السياسية تحت اسم الجهاد ضد إسرائيل.. انها إيران. وسفيرة الجماعة إلى هذه القبلة هي حركة حماس، أما مندوبها المعتمد فهو خالد مشعل، وهذا الجسر الواصل بين الجماعة وإيران تعبر عليه كل أمنيات الدعم وحقائقه بين طهران والجماعة.. حتى يخرج مرشد الجماعة في مصر ليتحدث عن إرسال عشرة آلاف مقاتل من جماعته لنصرة حزب الله في لبنان، وربما مثلهم لنصرة حماس في غزة، ويذهب طارق الهاشمي كرئيس للجماعة في العراق إلى الدوحة لنصرة مشروعها السارق لقمة العرب حول غزة، وتغلي أنفس الحركة في الأردن تحرقاً للالتحاق بالركب لولا قوة السلطة فيه.. حتى الآن.

لقد حولت سياسة إيران الاستعلائية نحو العرب بلادهم إلى أرض رخوة تجيد الحركة فيها عبر أذرعها، ونظرت إلى الأمة العربية كرجل مريض في هذه المنطقة تجزم بأنها الأجدر بوراثته بدل تفتيته على أيدي الغرب وإسرائيل، فلتعمل هي على استتباعه بحجة مواجهة الغرب وإسرائيل.



ثم يأتي اوباما بالحوار

هذا هو الحال الايراني.. ثم تجيء ادارة الرئيس باراك اوباما لتحاور طهران فما هي مقومات القوة الاميركية لحوار القوة الايرانية (خارج الاطار العسكري)؟

اميركا – كالعالم كله – في ازمة اقتصادية ستأخذ على الاقل نحو ثمانية عشر شهراً لتجاوز آثارها المدمرة على حياة عشرات ملايين الاميركان، الذين وعدهم اوباما بالتغيير وسيجد نفسه مضطراً للالتزام بهذا الوعد على حساب أي امر آخر.. وأهمه مواجهة ايران.. لا بل هو يعتقد ان مهادنة ايران هو مدخل للتفرغ – وقتاً وسياسة ومالاً – لمعالجة هذه الازمة الطاحنة.

وأميركا – شاءت ام ابت على تماس مباشر مع ايران لا تستطيع تحت أي ظرف تجاهله.

فهي على تماس معها في العراق وفي افغانستان وفي النفط ودوله العربية وفي سوريا وفي لبنان وفي اليمن وفي فنـزويلا وفي السودان وفي جمهوريات القوقاز.

اما اسرائيل فهي قضية اخرى لوحدها.. مع تشابكها مع بقية خطوط التماس.

الانسحاب الاميركي من العراق تم تسهيله بمبادرات ايرانية، ولم يكن للاتفاق الامني الاميركي – العراقي ان يعقد لولا مباركة ايران.

تعزيز القوات الاميركية في افغانستان يحتاج الى مباركة ايرانية زرعت وجوداً امنياً وشعبياً حقيقياً في كل افغانستان، مع الهازار الشيعة ومع الطاجيك ذوي العرق الفارسي، ومع الباشتون ذوي اللغة الفارسية القديمة.

ومثلما خلّصت اميركا ايران من خطر طالبان، فإن ايران لن تسمح لأميركا بالحوار مع طالبان.. حتى تظل هي الباب الوحيد للحل الاميركي في افغانستان.

وعلى هذا المنوال فإن كل حوار اميركي مع أي جهة في العالم الايراني يجب ان يمر من بوابة ايران: مع العراق باتت ايران شريكة لأميركا الى ان تخرج اميركا فتنفرد ايران به، وتبحث واشنطن مع طهران كيفية حماية قواعدها فيه، مع افغانستان باتت ايران بوابة اميركا لهذا البلد، الى ان تشتتت افغانستان، فتعمل ايران على حماية الخروج الاميركي، لأن طهران تجيد التعامل مع قومياته المتناحرة.

في فلسطين لن يثمر أي حوار مع حماس الا عبر بوابة ايران، ألم تختصر حماس فلسطين بغزة التي تحكمها؟

في سوريا فتح كبار العرب باباً لمصالحتها، علّهم ينجحون بإبعادها عن الحضن الايراني، فإذا ببشار الاسد يعمل على اقناع العرب بأن لا حضن لهم الا الحضن الايراني!

وكل مطلب اميركي من سوريا سيمر عبر البوابة الايرانية: فلسطين + غزة يعني حماس يعني ايران.

لبنان يعني حزب الله يعني ايران.

العراق يعني الدعوة والمجلس الاعلى يعني ايران.

لقد امسكت ايران بأوراق المتطرفين الاسلاميين التي سقطت بالاكراه من يد النظام السوري، فجعلت طهران مقراً لهم، في سجن واسع لا يخرجون منه الى ((شمس)) الارهاب الا بإذن ايراني.

تفتح سجنها لاطلاق الارعاب شرط ان يتوجه الى سيناء ساعة تشاء في رسالة دموية الى مصر.

تفتح سجنها لاطلاق الارهاب شرط ان يتوجه الى جبال وصحارى اليمن ساعة تشاء في توجيه رسالة دموية الى المملكة العربية السعودية.

وهكذا،

فهل يفيد حوار اميركي مع ايران من موقع ضعف اميركي واستقواء ايراني؟



وماذا فعل بوش؟
وقبل ان نسقط المسعى الاميركي في عهد اوباما للحوار مع ايران، تعالوا نقيّم جهد جورج بوش ضد ايران في اطار اعتبارها اول دول محور الشر:

*كانت ايران محاصرة من العراق في عهد صدام فأسقطه بوش.

*كانت ايران محاصرة من افغانستان في عهد طالبان فأسقطها بوش.

*كانت ايران بعيدة عن فلسطين في عهد عرفات فأسقطه بوش حتى سمح بقتله في عهد شارون.

*كانت ((القاعدة)) محصورة في افغانستان فأطلقتها اميركا حتى تصبح اسيرة في يد

ايران.

*كان النظام السوري متوازناً الى حد ما بين علاقات موروثة مع ايران في عهد حافظ الاسد، فإذا ببوش يدفع ابنه بشار الى الحضن الايراني.

*قدمت السلطة الفلسطينية كل ما تملك وما لا تملك من اجل تسوية مع اسرائيل، فإذا ببوش يعطي الاذن لشارون لتدميرها ليفتح الباب واسعاً نحو حماس كي تهدي ورقة فلسطين الى ايران..

*سياسة اسرائيل في عهد بوش اوصلت ايران الى ساحل البحر الابيض المتوسط.

دفعت سياسة بوش العنترية – دون فعالية – الى اوسع حملة تضامن وعصبية شعبية ايرانية مع السلطة في مسألة الملف النووي، وكان يمكن لأميركا ان تفعل كل ما فعلته مع ايران وسراً ودون ضجيج ودون استفزاز، لتخلق فجوة حقيقية بين الناس والنظام، على قاعدة الازمات الاقتصادية والنفطية التي جعلت دولة منتجة للنفط كإيران تستورد الوقود مثلاً لتوفيرها لسيارات مواطنيها.

ولو ارادت اميركا بوش مواجهة ايران فعلاً لتحالفت مع طالبان باكراً كما سعت مع الصحوات في العراق ولتحالفت مع القوى العراقية المعادية لايران وهي كثيرة جداً وفعالة جداً.

ولعملت على تشجيع الحركات الوطنية والقومية العميقة الجذور في التربة الايرانية (العرب في الاهواز والمحمرة وعبادان والاكراد في كرمنشاه، والبلوش في بلوشستان، والاذريين في اذربيجان..

ولعملت على دعم جماعة مجاهدي خلق بدل تركهم عرضة للئام في العراق عند اتباع ايران.

ولعملت على حصار اقتصادي حقيقي لايران يبدأ في دبي حيث آلاف الشركات الايرانية، وسوق تهريب كل ما تمنعه اميركا وأوروبا عن ايران، فضلاً عن خلاياها النائمة انتظاراً لأوامر عمليات من طهران.

ولعملت على حصار استراتيجي لايران داخل الدول الإسلامية في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق.

ولعملت على عقد تحالف استراتيجي مع روسيا تشاركها الحصار على ايران، لأن الامن الروسي مهدد من ايران اكثر بكثير من الامن الاميركي البعيد آلاف الكيلومترات عن المدى الايراني.

فالقنبلة النووية الايرانية اعظم خطورة على الامن الروسي من الدرع الصاروخي الذي تسعى اميركا لتركيبه في بولندا وتشيكيا.

ولعملت على ايجاد حل حقيقي لمسألة الصراع العربي – الصهيوني يعيد الارض العربية لاصحابها ويقيم دولة فلسطينية وطنية قابلة للحياة، وفتح المجال امام الشعوب العربية لخيار السلام القائم على العدل بدل السماح للمقاومات ان تنهض على حساب الدول المستقرة وشعوبها.

حل كهذا يسحب ايران من الحدود مع فلسطين (اسرائيل)) ويبعدها عن البحر الابيض المتوسط، ويلغي مبرر نشر اذرعها في لبنان وسوريا وفلسطين، ويجعلها تنكفىء في العراق واليمن.

لم تفعلها اميركا عندما كانت تعتبر ايران ضمن محور الشر في عهد بوش، فكيف سيكون مصير الحوار مع ايران في عهد اوباما بعد ان خاطبها كنظام معترف به في رسالة هي الأولى للدولة التي انشأها الإمام الخميني بعد ان كانت الرسالة الاميركية دائماً موجهة الى الشعب.. على أمل ان يثور على دولته.

كيف تفعلها اميركا أوباما في ظل ازمتها الاقتصادية ووعوده لشعبها بالتغيير.. اذا لم تحمل التنازلات واحدة بعد الاخرى لإيران القوية الآن؟

كانت ايران ضعيفة جداً عندما جاءها بيل كلينتون بصفقة للتوسع الاقليمي الايراني مقابل تطبيع العلاقات مع اميركا.

رفضت ايران العرض الاميركي لأن كلينتون راحل وقناعة بأن الاميركان تجار أغبياء جاؤوا يعرضون بضاعتهم امام تجار طهران الأذكياء.. وكلما أمعن الاميركان بالعرض وتمنع الايرانيون.. اخذوا البضاعة المعروضة بالسعر الذي يناسبهم.. هذا هو منطق السوق وهذا هو منطق الصفقات التي تعرضها اميركا أوباما على طهران الآن.



والآن وقت عقد الصفقات

ايران تريد ثالوثها دون أي تنازل:

1- ملف نووي – 2- توسع اقليمي – 3 أذرع طويلة لحماية الاثنين معاً.

وأميركا لا يمكن لها ان توافق على أي ضلع في هذا الثالوث.

فما العمل؟

أمامنا نحو ثمانية عشر شهراً او اقل ليتواجه القطاران الاميركي والايراني في صدام حتمي!

ما الذي سيحصل الى ان نصل الى هذا التاريخ؟

الجنرال وقت هو الذي سيحكم نوايا الدولتين.

ايران تعتقد ان الحرب غير واردة مطلقاً، لأن لا احد قادراً على تحمل نتائجها خاصة اسرائيل، وأميركا لن تسمح لها اصلاً ببدء أي حرب، حتى اذا قصفت اسرائيل مواقع معينة في ايران، فإنها ستجلب على نفسها دماراً قد يضعها على طريق الزوال، اما اذا ارادت استخدام القنبلة الذرية، فإن امراً جللاً كهذا يحتاج الى قرار اميركي مجنون، والرهان هو على عقلانية اوباما.. وهو الرئيس الذي ورث مجنوناً حاكماً لم يفعلها.

وإيران تعتقد ان الحصار سيفك عنها آجلاً ام عاجلاً، وهذا هو مغزى كلمة علي خامنئي في رده على دعوة اوباما للحوار: اذا تغيرتم تغيرنا، وننتظر أفعالاً ولا نكتفي بالكلمات.

وايران العاقلة تعرف كيف تلاقي اوباما في منتصف الطريق.. وأيضاً دون تنازل. فرسالة خامنئي العلنية الى أوباما عبر مهرجان جماهيري هي رد ايجابي قياساً بتجاهل الرسائل الاميركية السابقة التي كان الرد يجيء عليها عبر وسائل الاعلام لا عبر تجاهلها تماماً.

ايران تقول لأميركا تعالي إليَّ وأنت ضعيفة الآن.. وتقول لاسرائيل انت ضعيفة ومشاكلك الداخلية لا حدود لها، وعجزك الامني ظهر في لبنان وفي غزة.

وايران تقول لاسرائيل ان حرب غزة هي آخر الحروب ضد حماس.. وفي حين تستطيعين الدخول ساعة تشائين الى مناطق السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، فإن عودتك الى غزة باتت مستحيلة.

الرد الايراني عبر خامنئي اعتراف بأن أوباما اطلق الكرة داخل الشباك الايراني، وعلى طهران ان ترد الكرة.. وقد فعلها جامنئي.

قال اذا تغيرتم تغيرنا.. أي ان على اميركا ان تتغير أليس هذا هو شعار أوباما: التغيير؟

خامنئي طالب اميركا بالاعتذار عن ظلم اميركي لبلادهم مستمر منذ نحو 60 عاماً (تاريخ انقلاب الجنرال زاهدي على حكومة محمد مصدق عام 1951).

خامنئي طالب بقرن الأقوال بالأفعال وأول الاتصال رفع الحصار الاقتصادي، وصولاً الى دفع تعويضات واعادة الارصدة الايرانية المجمدة منذ عهد الشاه في مصارف اميركا.. الآن؟.

لاحظوا ان كل المطالب الايرانية هي من الجيب الاميركي اما عن جيوب الآخرين.. فإن الأيدي او الأذرع الايرانية تسيطر عليها كاملة.. فالآن وقت دفع الحساب من اميركا مباشرة.

وايران مطمئنة فحليف اميركا الباكستاني يستسلم لجماعات اسلامية.. ستجد ايران وسيلة للتفاهم معها.. كما القاعدة وطالبان.. وقد شرحنا الحال في افغانستان والعراق وبقية خلق الله في العالم.

وخامنئي أظهر للأميركان قدرة لا تحتاج الى تبيان عن إمساكه خيوط اللعبة الداخلية الايرانية استناداً الى مكانته الإلهية (رب غفرانك) واستناداً الى قدراته الدنيوية من حرس ثوري ولجان مسلحة وأسلحة دمار ارض وبحر وفضاء وأذرع طويلة وخلايا نائمة وأخرى صاحية.. ومبايعة اسلامية.

خامنئي مستعد لإبعاد احمدي نجاد عن السلطة.. عن الرئاسة في سابقة لم تحصل من قبل مع رئيس لا يتمكن من تجديد مدة رئاسية ثانية، في اشارة الى تجاوب مع اميركا التي ابعدت بوش وجاءت بأوباما.

ابعاد نجاد هو ذكاء ايراني، لان البديل (مير حسين موسوي) لن يعمل فقط كخبير اقتصادي على حل الازمة الاقتصادية الايرانية.. بل سيقدم نفسه ثانياً كرجل سياسي براغماتي يناسب العقل السياسي الغربي والاميركي تحديداً.. فضلاً عن ان نجاد شبع استفزازاً للعالم ونجح في تكتيله ضد ايران، مثلما نجح بوش في تكتيل العالم - ولو معنوياً – ضد اميركا، وقد آن الأوان للتلاقي في منتصف الطريق.. تغيير في اميركا، تغيير في ايران؟

هنا،

يعتبر الايرانيون ان اميركا هي القادمة اليهم سلماً.. وهم ليسوا ذاهبين اليها طائعين، فالإيرانيون يريدون من اميركا ان تواكبهم في المنطقة، وفي اسوأ الحالات ان يواكبوها فيكونوا فيها شركاء لا هم اعداء ولا هم اصدقاء.. أليست اللغة لغة مصالح بين تجار اذكياء وآخرين اغبياء؟



وماذا عن اسرائيل؟

تملك اميركا عقد الصفقات في أي مكان في العالم ومع أي كان، ودون حساب لأحد إلا مصالحها.. إلا مع اسرائيل فالأمر يختلف.. لأن الكيان الصهيوني الآن مهدد في الصميم كياناً ووجوداً لأول مرة في تاريخ اغتصاب فلسطين!.. واسرائيل لم تتوقف لحظة عن ان تكون مصلحة اميركية اولى.

واسرائيل تحمل هماً واحداً هو منع ايران من امتلاك سلاح نووي.. هذا هو الظاهر على الاقل.. علماً بأن هناك من يعتقد بأن سلاح ايران النووي يستحيل استخدامه لا ضد اسرائيل ولا ضد غيرها.. بل هو اداة قوة ايرانية ضد الضعفاء.. أي العرب تحديداً.. ولماذا تحمل اسرائيل هم العرب.. انها فرصة لابتـزازهم وهو نهج تعتمده كل من ايران واسرائيل معاً.. والارض العربية رخوة.. ومثلما نجحت اسرائيل في استـزراعها عنصرياً في فلسطين، فلتنجح ايران في استـزراعها دينياً وشعبياً في كل مكان يفتح لها الابواب (فخار يكسر بعضه).

من تصدق اميركا: اسرائيل الخائفة من ايران أم العرب الخائفين من التوسع الايراني؟

غير ان هذا موضوع آخر.

12‏/09‏/2009

الإخوان عندما يؤيدون إيران!


العادة أن الخصوم في الداخل، مهما كانت خلافاتهم، يتحدون في مناسبتين، واحدة وقت الكوارث الوطنية، والثانية في حال وجود خطر خارجي.
ما حدث في مصر العكس. فمرشد الإخوان، أي رئيس التنظيم، مهدي عاكف، هاجم الحكومة المصرية لأنها تنتقد إيران وتبالغ في اتهام حزب الله اللبناني. موقف عجيب في وقت تواجه بلاده أزمة خطيرة حقيقية، ولا يمكن تفسيره إلا من قبيل تصفية الحسابات السياسية بين المعارضة والحكومة. موقف مفهوم ومقبول ومبرر في الأيام العادية، وزمن الخلافات الداخلية، أما ما نراه أمامنا الآن هو حالة حرب ضد مصر. ما حدث اعترف به أمين عام حزب الله عندما أقر بعلاقة حزبه بالمعتقل الرئيسي وعشرة آخرين، وسبق له أن دعا إلى انقلاب على النظام المصري. وهنا لو أن الإخوان ساندوا بلدهم في هذه القضية لكان لهم ثقل إقليمي كبير وصارت كلمتهم مهمة، وزاد من رصيدهم الوطني والسياسي وبالطبع الأخلاقي في أعين الجميع، وأحرج السلطة المصرية نفسها. أما هجومهم على حكومتهم فقد أضعفهم كتنظيم الإخوان ولم يفد إيران.
موقف انتهازي رخيص. وأتذكر في هذه المناسبة حالتين تصلحان للمقارنة. عندما غزا صدام حسين الكويت كانت المعارضة الكويتية على خلاف حاد مع السلطة إلى درجة المظاهرات والمصادمات مع الشرطة حتى ظن صدام أن المعارضين الكويتيين سيلتحقون بمشروعه بإقصاء النظام الكويتي، لذلك قدم نفسه في بداية الاحتلال كمنقذ للكويت من حكم آل صباح. فوجئ الغازي بأن المعارضة الكويتية تعلن بشكل علني رفضها للغزو، وتمسكها بالشرعية الممثلة في النظام الكويتي، رغم أن قيادات الكويت كانت قد أزيحت بالقوة. رفضت المعارضة عرض استلام الحكم وأصرت على مساندة نظامها، رغم خلافها معه، لأنها اعتبرت مسائل الولاء، والوطنية، ورفض التدخل الخارجي، لا مساومة عليها.
والنموذج الثاني موقف قادة ثلاثة تنظيمات إسلامية في نفس أزمة احتلال الكويت. فقد ساندت غزو صدام اعتقادا منها أن الكويت قد راحت إلى غير رجعة، ولم يهمها تبني موقف مبدئي وأخلاقي ضد الاحتلال، ولم تبال بمساندة حقوق شعب احتُل بلده ظلما وعدوانا. ذهب القادة الثلاثة إلى عدوهم صدام وأيدوا جريمته. والمفارقة أن التنظيمات الانتهازية هذه كانت في الأصل تتكئ على تعاطف ومساندة دول مثل الكويت والسعودية وغيرها، لتنقلب عليها في محنتها وتقف إلى جانب المعتدي. في النهاية عادت الكويت وخسرت تلك التنظيمات كل شيء.
يستطيع الإخوان المسلمون، كتنظيم مصري، أن يقول إن علاقته سيئة ولديه قائمة تظلُّم طويلة ضد حكومته، وربما هو على حق في كثير منها في إطار النزاع على السلطة، لكنْ متوقَّع منه أن يقف إلى جانب بلاده في وقت محنتها. اليوم يقرأ أي متابع كيف يؤيد الإخوان إيران ضد بلدهم، ويبررون ما يفعله حزب الله ويعرض مصر بتصريحاتهم لخطر حقيقي.
ومهما يكن رأي الإخوان فإن الأصول والأخلاق في الأزمات أن تقف المعارضة، في كل مكان توجد فيه معارضة محترمة، أن تقف إلى جانب بلدها لا أن تستغل الفرصة وتنتقم من خصومها في الداخل بتأييد الخارج عليه.
الذي يزيد الأمر غرابة أن الإخوان، كحركة سنية دينية متطرفة، معنية بالخصومة أكثر مع حزب الله ونظام طهران الشيعيين المتطرفين، بخلاف الحكومة المصرية التي عرفت بأنها نظام سني معتدل ومتسامح تجاه الطوائف والأديان، لكن قاتل الله السياسة.

07‏/09‏/2009

من مهازل المخابرات السورية


الجرائم التي ترتكبها المخابرات السورية مع العراقيين ماكانت لتحدث اذا كانت هناك جهات تحاسبها

الحديث عن ممارسات و أساليب أجهزة المخابرات السورية في التعامل مع المواطنين العرب والعراقيين منهم خصوصا يحمل نكهات خاصة لكونه قد تجاوز حدود المعقول و دخل في مرحلة السوريالية المفرطة لكون المهازل التي يسطرها زبانية تلك الأجهزة من "الفئران" الذين يتصورون أنفسهم أبطالاً لا تحمل من صفات المهنية الحقة أو الدفاع عن الأمن القومي أو الوطني أي شيء بقدر ما تحمل الصفات الكاملة للصفاقة و الغباء فضلا عن البلطجة الواضحة لمنتسبي جهاز إرهابي رسمي هدفه الحقيقي إرهاب الناس و تركيعهم و كسر إرادتهم و ليس حمايتهم أو الدفاع عنهم فتلك مهمة ليست واردة أبدا في أجندة عمل جهاز المخابرات السوري المتخصص في تطفيش المواطنين و إزعاج حياتهم و الذي يتحمل مهمة عمل قومية مقدسة أيضا وهي إتهام الجماهير العربية بالجملة و المفرد بالعمل لمصلحة جهاز "الموساد" الإسرائيلي! رغم أن أهل "الموساد" يضحكون ملأ أشداقهم على طبيعة الغباء المتميز لعناصر تلك المخابرات , و سأروي جانبا من موقف تعرض له أحد الأصدقاء من العراقيين في مكتب مخابرات فرع (فلسطين) للمخابرات السورية إذ أستدعي الشخص المذكور بعد أن منع من السفر للعراق و أعيد من الحدود من أجل التحقيق على خلفية "تقرير أمني" ملفق كتبه أحدهم و لأغراض كيدية و بإتهامات مضحكة! المهم أن صاحبنا أول ما دخل على الرفاق في الفرع جوبه بعاصفة من الشتائم المقذعة و الكلام الساقط من طراز "عر..." و "أخو شر..."! و بقية المصطلحات المعروفة وغير الصالحة للنشر! كما نصحه أحدهم و كانوا أربعة عناصر واحد يسأل و آخر يكتب! و عنصران يقفان في الخلف لأداء الواجب عند الضرورة من رفس و تشليح و بقية المهمات المعروفة , ولما إستنكر صاحبنا هذا الأسلوب قائلا لهم أنه يستغرب من موقفهم العصبي و العدواني و الذي يختلف عن موقف الرئيس حافظ الأسد! تقدم أحدهم بعنف و ضربه بقبضة يده و بقوة على بطنه قائلا له بالنص : "ولك عر... كان يجب أن تقول الرئيس الخالد للأبد"! بعد هذا الموقف العجيب و المثير للسخرية و الغثيان , طرحت على صاحبنا سلسلة من الإتهامات المفبركة كالعمالة ل¯ "الموساد" و للمخابرات الأميركية وحتى النرويجية! ثم سألوه عن شخصين مقيمين في أوسلو لا أعرفهما وأحدهما يدعى إبراهيم العوادي! و أخرى إسمها إبتسام! و لما أجابهما بأنه لا يعرف جميع الناس و ليس مطلوبا منه ذلك لأنه ببساطة ليس مختار أوسلو و لا عمدتها! هجم عليه الجلاوزة و أوسعوه ضربا بقبضات الأيدي مع توزيعات متناغمة من وصلات الشتم المعروفة و السابق ذكرها طالبين منه التعاون و العمل معهم و تزويدهم بالمعلومات وإلا..! و أعتقد أن هذه المهزلة ما كانت لتحدث أصلا لو أن هناك جهات عراقية مسؤولة أو حتى جهات دولية تحاسب المخابرات السورية على أفعالها المشينة و المخزية خصوصا و أن أجندة جهاز المخابرات السورية مرتبطة أساسا بتصعيد و دعم الإرهاب في العراق من خلال دعم الجماعات المسلحة و توفير الدعم اللوجستي لها ولا سيما بعد إنكشاف الوثيقة الأخيرة لفرع حزب "البعث" السوري في مدينة الحسكة السورية و الموقعة بقلم الرفيق محمد سطام! و التي تعتبر الرئيس الكردي السيد مسعود بارزاني "عميلاً صهيونياً"! بل و تمعن الوثيقة الحزبية في إظهار العداء لحالة السلم في العراق! أي أن النوايا العدوانية المبيتة واضحة وهو ما يفسر تكالب أجهزة المخابرات السورية في إيقاع الأذى النفسي و المادي بالعراقيين و إستغلال كل الفرص الممكنة للتنكيل و إظهار الأحقاد و الضغائن و اللجوء إلى الاساليب التافهة في إيذاء الأبرياء , فمهازل مخابرات نظام دمشق قد تجاوزت كل الحدود فهل يرعوي الجلادون و أساطين الغباء الثوري المزيف?

02‏/09‏/2009

المعارضة السورية بحاجة إلى معارضة.


المعارضة بتعريفها البسيط ، فعل يهدف إلى التغيير ، وليس إلى التبديل ، وهو فعل وردّة فعل في الآن ذاته ، وتستند في فعلها إلى رؤية أساسها فكر متعارض مع ماهو واقع ، غير متصالح معه ، وغير متسامح ، بمعنى أنها نتاج تعارض الرؤى في حل المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية . وسواء نشأت هذه المعارضة في بيئة قمعية ، أو في بيئة ديمقراطية ، أو حتى خارج بيئتها ، فهي تسعى إلى تسفيه ودحض كل ما ينجزه النظام الممسك بزمام السلطة ، حتى وإن كان هذا المنجز نافعاً ومفيداً ، وهذا ما يدفع النظم إلى التودد للمعارضات ، وخلق هوامش للمناورة معها ، وأحياناً للمساومة .
وبالتطرق إلى شكل المعارضة ، وأدواتها ، وأسلوبها ، تبرز حقيقة أن المعارضة السورية ، بكافة فعالياتها ، قد تبنت النضال السلمي الديمقراطي ، كنهج يفضي إلى تغيير النظام بالوسائل السلمية الديمقراطية ، وهذا التبني لهذه الوسائل والأدوات ، قطعاً ينم عن ذهنية حضارية تتسم بالرقي الفكري والأخلاقي ، وأيضاً بقراءة دقيقة لمستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية ، إلاّ أن النظام يقابل سمو هذه الروح الوطنية ، بكم هائل من القوة والعنف ، مؤسِسة بطشها على أجهزة أمنية واستخباراتية لا تعرف الرحمة ، وتلفظ من قاموسها كل ماهو وطني وشريف ، وتستبدله بمفردات أخرى ، أقلّها الخيانة ، والاستقواء بقوى أجنبية ، ومعاداة الوطن ، توهين نفسية الأمة ، أو تحقير رأس النظام . وكل هذه المفردات التي تتحول إلى تُهم ، تصل عقوبتها إلى الإعدام أحياناً ، تشكل عائقاً حقيقياً أمام قوى المعارضة ، لممارسة حقها الطبيعي والمشروع ، في الانخراط وتفعيل المشروع الوطني ، المؤسس على التداول السلمي الديمقراطي للسلطة ، بعيداً عن استخدام العنف .
في حالة كهذه الحالة ، وضمن المعطيات المتوفرة كهامش تحرك يكاد يكون معدوماً ، فرضته السلطة على المعارضة ، لا بد من البحث في تطوير آليات العمل المعارض ، لنظام لا يقبل أي شكل من أشكال الحوار ، ويرفض بإصرار تصور وجود معارض واحد ينتقد سلوكه الذي استمر لفترة زمنية قياسية ، تكاد تصل إلى نصف قرن ، انتفت فيها كافة مظاهر الحياة الديمقراطية .
وبما أن المعارضات السلمية الديمقراطية ، غالباً ما تنشأ في جو ديمقراطي ، وهذه هي بيئتها الطبيعية ، والتي من خلالها يمكن إنجاز برامجها ، والتي من شأنها ، إزاحة الحزب أو ائتلاف الأحزاب الممسكة بزمام السلطة ، ولكنني لا أفهم كيف تستطيع معارضة سلمية أن تعمل ضمن أجواء الرعب التي خلقها النظام ، والتي غايتها الأساسية الحفاظ على استمرارية هذا النظام دون غيره . ولا يخفى على أحد ، بأن طبيعة النظام المبنية على التخوين ، تفرض على كافة فصائل المعارضة ، بل وحتى مؤسساتها الإنسانية ، عدم الاتصال بمثيلاتها عبر العالم ، وإن فعلت ، فهي ستواجه تهم التخابر والتعامل مع الأجنبي ، واستقطاع جزء من الأرض الوطنية لصالح دول أخرى ، ومعاداة " الدولة " ونظامها السياسي ، مما يضفي شكلاً من أشكال القداسة على هذا النظام ، وبالتالي فإن كل التهم التي توجه إلى نشاط المعارضة ، هي تهم " مقبولة " ، ويتم تسويقها عبر الماكينة الإعلامية الضخمة التي أسسها النظام لهذه الغاية .
عدد غير قليل من فصائل المعارضة ، وفي هذا الجو المشحون بالرعب ، لم تعد ترى بصيصاً من النور في نهاية هذا النفق المظلم ، أو أنها أصيبت باليأس ، أو أنها فقدت الوسائل التي تمكنها من الاستمرار ، فلجأ بعضها إلى مغازلة النظام ، بطريقة أو بأخرى ، متذرعةً بأسباب واهية ، كانت هي نفسها تدحضها في وقت من الأوقات .
ولكن تجربة وخبرة النظام الطويلتين ، في التعامل مع معارضته ، وأيضاً مع المعارضات المحتضنة من قبله ، من دول الجوار ، جعلته ومن خلال قراءة أولية وسريعة ، أن يضغط بكلتا يديه على المكان المؤلم للضحية ، ومررت رسائلها عبر ما يعرف بكتّاب السلطة ، حرصها الشديد ، على أن تقوم الضحية بالاعتذار لجلادها ، عن المآسي التي حصلت فيما مضى ، كرسالة طلب غفران ، أو صك استجداء ، ليتم قبولها على أنها الضحية المعتدية ، ليصار بعدئذ إلى فرض ما يتيسر من شروط إذعان .
المطلوب اليوم من المعارضة السورية ، قراءة توجهات النظام ، قراءة صحيحة ودقيقة ، والمطلوب أيضاً ، العمل على وقف الخطاب التخويني الذي ورّثه النظام لكافة فصائل المعارضة ، وأيضاً باستثناءات قليلة ، والبدء بالعمل على إنجاز ما يمكّنها من تجميع قواها المبعثرة ، على أرضية مواجهة الكتلة الهائلة من العنف ، الذي يمارسه النظام ، كآخر الأوراق التي يملكها ، ولم يتبق منها الكثير . فالانفجار العظيم لا يأتي إلا بعد الضغط العظيم ، وعندها قد تتحرك عربة الجماهير ، التي لن يتمكن البعض من قيادتها فحسب ، وإنما لن يتمكن من اللحاق بها أيضاً .