26‏/02‏/2009

كيف خلق الإستبداد الأزمة الإقتصادية والمعيشية الحالية للمواطن


لنبدأ بالحديث اليوم عن آثاره المباشرة بشكل تفصيلي على معيشة المواطن ونمو الوطن.

بعد مرور السنة الأولى من حكم الرئيس بشار الأسد، والتي كانت مفعمة بالآمال، ومباشرة تنفيذ الإصلاحات السياسية المختلفة، وجدت عناصر الفساد والتسلط أن الإصلاحات المذكورة تتناقض مع مصالحها، وتتناقض مع توجيهات أسيادها في الخارج المتمثلين بالإدارة الأمريكية الإسرائيلية والموساد الإسرائيلي، فكشّرت عن أنيابها، ومارست ضغوطا قوية واضحة للتسويف وتأخير الإصلاحات، وهكذا تباطأت الإصلاحات تدريجيا، حتى توقفت وانتهى الحديث عنها نهائيا. وفُتح باب الفساد على مصراعيه لكبار الفاسدين الذين يتزعمهم رامي مخلوف ووالده محمد مخلوف المخضرم في الفساد منذ أيام رفعت، وسأشير إلى المذكورين وشركاهم وعصاباتهم ومواليهم تالياً، بتعبير رموز الفساد والتسلط.

هل كان المذكوران هما الوحيدان في مجال الفساد؟ لا بالطبع، وإنما كانا زعيمين لعصابة فساد متكاملة مؤلفة من عشرات الشركاء المخضرمين من أيام رفعت، وشركاء جدد ترفعوا وانضموا للعصابة وأصبحوا من أركانها. أرى أنه لا ضرورة الآن للخوض في أسمائهم، فهذا سيأتي دوره في يوم قريب عندما سيحاسبهم الشعب، ويضعهم خلف القضبان، لينالوا جميعا جزائهم العادل عن خيانتهم العُظمى للوطن والشعب.



أولاً: كيف كانت ممارسة خيانة الفساد في خلق الأزمة الإقتصادية الشاملة للوطن، والمعيشية للشعب والمواطن؟

1. كانت حكومة الرجل "الشريف جدّا" المهندس العطري مع تعديلاتها اللاحقة، مجرّد زرعة زرعتها رموز التسلط والفساد، وذلك لتكون أداة تحقيق أغراضها وفسادها في البلاد. وهذا ما حصل، ولا زال حاصلاً ومستمرٌ بقرارٍ غير دستوري للقيادة القطرية أصدرته منذ أشهر، وكان بتأثير رموز التسلط والفساد.

2. شكّل رموز التسلط والفساد، عشرات الشركات في سورية وفي دول الخليج العربي، وبعض الدول الأجنبية، وكان مُعظم هذه الشركات شركات وهمية. ولم يُضِع هؤلاء الوقت، فقد باشروا بعملية النهب المُنظّم فوراً.

3. وكان أسلوب ممارسة الفساد، هو أن تتقدم أيٍّ من الشركات الوهمية المذكورة بعرض لتنفيذ أو استثمار مشروع يرون فيه مصلحة لهم - حتى ولو لم يكن مدرجاً على لائحة مشاريع الحكومة وليس له نفقات في الموازنة السنوية - وذلك إلى أحد الوزراء المختصين "الأكابر الشرفاء" أو إلى السيد رئيس مجلس وزراء الدولة السورية المهندس محمد ناجي العطري ( يا لعار المهندسين السوريين به وباشباهه )، مشفوعاً باتصال هاتفي من " إبن الأكرمين" آمراً الوزير أو رئيس الحكومة بالموافقة على العرض.

4. لمّا كان الوزير المذكور أو رئيس الوزراء، مجرد أداة رخيصة بيد رموز التسلط والفساد، فقد كان يستجيب فورا - هاشّا باشاً، شاكرا سيده على تفضّله وتكليفه شخصيا بأمور المشروع – وذلك بالموافقة الفورية على العرض، كما ورد، وبسعر مضاعف بدأ بثلاثة أمثال السعر التعاقدي القانوني في السنين الأولى، ووصل أخيراً إلى عشرة أمثاله، يعني المشروع الذي يلزم أن يكون سعره القانوني مئة مليون مثلا، يكون سعر العرض ألف مليون، من أين طبعا؟ من موازنة الدولة، ولما كان المشروع غير ملحوظ له نفقة في الموازنة السنوية، فيقوم السيد رئيس مجلس "الوزراء" بإجراء مناقلة مستعجلة غير قانونية للإنفاق على المشروع من أي باب نفقة آخر.

5. ويتم التعاقد خلافا لجميع القوانين، فلا جدول كميات وأسعار، ولا شروط فنية وعامة للعقد، ولا مناقصة تتيح المنافسة مع الشركات الأخرى، وأحيانا، لا وجود حتى لمخططات للمشروع (مثاله، خط حديد درعا مشروع مفتوح بمليارات الدولارات، و يحوي جميع النواقص المذكورة)، فهذه جميعا سيقوم بها ويفصّلها المتعهد أو المستثمر نفسه لاحقا ووفقا لمصالحه، وما على الحكومة إلا الدفع من موازنة الدولة، التي هي الضرائب التي يدفعها الشعب، مُفترِضا ذهابها لبناء مشاريع التنمية والخدمات للمساهمة بالتنمية الوطنية وتشغيل اليد العاملة ومعالجة أزمات الشعب، ولكن الأمور في عهد حكومة االعطري تسير "بالإتجاه المعاكس"!!!

6. ولضيق المجال، نذكر مثالا واحد فقط عن مثل هذه المشاريع وهو المشروع الذي افتتح مؤخرا وهو مشروع بناء وآلات مطبعة الجريدة الرسمية في دمشق، والذي دفعت حكومة العطري مبلغ ألف وثمانمئة وثمانين مليون ليرة ثمنا له من ميزانية الدولة السورية، وأنا أشهد كمهندس خبير أن المشروع يجب أن لا تزيد كلفته بحال من الأحوال عن عُشر المبلغ المذكور، والباقي هو نهبٌ مُطلق لرموز التسلط والفساد، من الضرائب التي يدفعها الشعب. هذا مثال واحد من عشرات أو قل مئات المشاريع الفاسدة.

7. ومن جهة أُخرى،ألم يخطر ببال أحد كيف أن كلآّ من شركتي الهاتف النقال والإنترنت، أُعطيت لرامي مخلوف بعقد مباشر بالتراضي، ودون أية منافسة قانونية، مما جعله يتحكم في الأسعار والمستويات الفنية، ويحقق مباشرة من جيوب أبناء الشعب المليارات سنويا؟

8. بنتيجة هذا الفساد والتواطىء، فقد أتت عقود الفساد على مُعظم الموازنة السنوية طيلة السنوات السبع الماضية. وكيف كان للحكومة بالتالي أن تقوم ببناء والإنفاق على مشاريع التنمية الوطنية الضرورية للتنمية الوطنية ولتشغيل اليد العاملة، ومثالها بناء المصانع والسدود ومشاريع الطرق، وتطوير الخدمات المختلفة؟ ومن أين ستدفع الرواتب الشهرية للموظفين والعمال؟ ومن أين ستدفع تكاليف ثابتة لا يُمكن التملص منها؟

ثانياً: كيف عالجت الحكومة مسألة تأمين التمويل اللازم بإملاءات رموز التسلط والفساد:

1. إلغاء كافة مشاريع التنمية الوطنية الضرورية للتنمية الوطنية ولتشغيل اليد العاملة، ومثالها المصانع والسدود ومشاريع الطرق، وتطوير الخدمات المختلفة كالأسكان والمواصلات، وتحويل مبالغها للإنفاق على عقود المشاريع غير التنموية، بل والوهمية، المتعاقد عليها مع رموز التسلط والفساد.

2. قام صندوق النقد الدولي الذي تُديره مباشرة الإدارة الأمريكية الإسرائيلية، بتوجيه ممثلها في الحكومة السورية، وهو الدردري وفريقه المشؤوم، بالقيام بطبع مليارات الليرات سنوياً بدون غطاء ذهبي أو نقدي، وذلك لتغطية مصاريف الرواتب والخدمات الثابتة، وذلك بشكل موازي لانخفاض قيمة الدولار، بحيث يبقى سعر الدولار ثابتا وهميا وهو 50 ليرة للدولار. وكان كلما انخفض الدولار، بادرت الحكومة بالطباعة وتخفيض قيمة العملة السورية بذات نسبة انخفاض الدولار، بما يُظهر ثبوت سعرها الظاهري للدولار، وهكذا سنة بعد سنة، وحتى وصلت قيمة الليرة إلى أقل من نصف قيمتها قبل عام 2004.

3. ماذا يعني تخفيض قيمة العملة بالنسبة للمواطن؟

· يعني انخفاض القدرة الشرائية لجميع ثروة والمدخرات النقدية بالليرة السورية لكل مواطن إلى نصف قيمتها قبل التخفيض، بمعنى أن من كان يملك مليونا مثلا، أصبح عمليا يملك نصفه، وقِس على ذلك.

· ويعني أيضاً انخفاض قيمة جميع الرواتب والأجور إلى أقل من نصف قيمتها.

· وترتب على ذلك بالضرورة العلمية والواقعية، ارتفاع الأسعار بالعملة المُخفّضة إلى ضعف قيمتها بالعملة السورية قبل التخفيض. وهذا أمر طبيعي بالنسبة للبائع وإلا فإنه سيدفع فرق انخفاض العملة من جيبه، وهذا سيقوده للإفلاس المحتّم خلال أشهر. وهكذا فقد تضاعف سعر مبيع جميع المواد إلى ما يزيد عن ضعف سعرها قبل القيام بجريمة الحكومة في الطبع بدون غطاء ذهبي أو نقد عالمي.

4. لم يكتف الإستبداد الفاسد وحكومته المُعادية للشعب بذلك، وإنما وتنفيذا لتوجيهات صندوق النقد الدولي إلى عميلها الدردري (كان قبل زرعه في منصبه الحالي يشغل منصبا في إحدى الوكالات الإقتصادية المرتبطة بصندوق النقد الدولي، ثم رئيسا لمكتب جريدة الحياة السعودية في دمشق)، فقد تقرر رفع الدعم عن جميع المواد الأساسية المدعومة بشكل مفاجىء، مُكررّاً مضاعفة ثانية للأسعار، ورفعٍ مُؤكد في تكاليف المنتجات التصنيعية والزراعية على المواطن من جهة، وعلى القدرة على المنافسة الخارجية والتصدير من جهة أُخرى، وهذا ما سيتسبب بدءا من السنة الحالية وإلى الأبد في تزايد خسارة الميزان التجاري السوري، ونشوء دورة تضخمية متتالية تنتج ارتفاعات أسعار متتالية دون توقف.

5. لماذا أُلغي الدعم؟ هو في الحقيقة ليس لحجة التوفير على موازنة الدولة كما تزعم أكاذيب الحكومة الدردرية. وإنما هو لتمكينها من الإنفاق على مشاريع الفساد المتعاقد عليها مع الحكّام الفعليين للدولة السورية وهم رموز التسلط والفساد وشركاءهم، وأعوانهم وأدواتهم الذين يتلقون رواتب شهرية منهم .

6. من هم الأدوات المذكورين في هذه المادة؟ هم بعض قيادات وضباط الأمن والجيش. وهؤلاء يُشكلون الدرع الحاكم والداعم لرموز التسلط والفساد. وبعضهم ممن جرى تعويضه عن المنافع التي افتقدها من لبنان. يُضاف إليهم أدوات من الدرجة الثانية من بعض تفهة الوزراء، وبعض أعضاء القيادة القطرية.

ثالثاً: دور مجلس الشعب الدستوري في الرقابة ومحاسبة الحكومة:

1. هل صدّق مجلس الشعب على طباعة مليارات الليرات بدون غطاء، وهي من صلاحياته حصراً؟ أبدا.

2. هل اعترض مجلس الشعب على أكبر عمل تهديم اقتصادي ونقدي ومعيشي في الدولة؟ أبداًّ.

وكيف يجرأ المجلس أو أي من أعضائه في عهد الإستبداد الوحشي المُطلق على ذلك؟

3.هل قام مجلس الشعب بمحاسبة الحكومة على إنفاقاتها غير المشروعة والتي لم تدخل نفقاتها في الموازنات المصدقة من المجلس؟ أبدا.

4. هل تجرأ مجلس الشعب على تكذيب بيانات التضليل الحكومية في تبرير الغلاء ورفع الدعم؟ أبدا

ذلك أنه في عهد الإستبداد، ليس هناك إلا صورة مُشوهة هزلية لمجلس الشعب الذي مُسخت مهمته إلى البصم فقط، {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ}، ثم يتلقى بعض أعضائه المنافع المختلفة.

رابعاً، تساؤل خطير آخر: هل يعمل رموز التسلط والفساد، بغرض تحقيق مصالحهم اللصوصية غير المشروعة فحسب، أم أنهم يعملون بإمرة وخدمة أعداء البلاد المُتمثلين في الإدارة الأمريكية الإسرائيلية وإسرائيل؟ إن نظرة سريعة لمشاريع فساد ضخمة يُشارك بها رموز التسلط والفساد مع عناصر الحكومة العراقية ....، كانت سببا إضافيا في تكليف الجيش السوري بحماية الحدود العراقية، واحتجاز الراغبين بالمشاركة في إنهاء إحتلال العراق. وإن دراسة واعية لمسألة الفساد المحلي والعراقي والخليجي والخارجي، تُقرر أن هناك هدفاً مستترا هو إضعاف سورية وإفقار شعبها وإشغاله بلقمته، خدمة لأعداء سورية ، وهذه النتيجة تقود إلى حتمية مؤكدة بأن رموز التسلط والفساد، هم خونةٌ يعملون بولاء كامل للجهات الأجنبية المُعادية المذكورة. وذلك لاستكمال مهمة رفعت والكسم، في ثمانينات القرن الماضي في تدمير الإقتصاد والنقد السوري وإفقار الشعب، وتخفيض مستواه المعاشي، وإيقاف مشاريع التنمية وتخريبها، وهذا ما يحدث ويُكَرّر بذاته اليوم.

خامساً، وبعد أيها المواطن:

1. إنك تُعاني شخصيا، في نفسك وأولادك وعائلتك الغلاء الفاحش، وعدم كفاية الدخل لسبب واحد لا غير، وهو الإنفاق الهائل لحكومة خيانة مصالح الشعب والمحصور على مشاريع الفساد غير الإنمائية. والتي يلهطها ويستنزفها حصرا رموز التسلط والفساد، والتي كانت سببا لتخفيض سعر العملة والغلاء الناتج عنه.

2. إن الذي يُديم استمرار سلطة رموز التسلط والفساد، وتحكمهم هو حكم الإستبداد الناتج عن تسلط بعض قوى الأمن العميلة لهم، وعجز القضاء والمحامي العام ومجلس الشعب عن أي رقابة أو محاسبة.

3. إن الوطن يُعاني توقف بناء المشاريع الصناعية والعمرانية والزراعية الجديدة منذ ثماني سنوات مستمرة، مسببا بشكل متزايد البطالة الرهيبة المتزايدة، ومسببا في ذات الوقت انخفاض نسبة النمو إلى أضعف حالاته منذ عقود، خلافاً لما يكذب وَيُزوّر الدردري وأتحداه في ذلك، عندما يزعم زيادة نسبة النمو الوطني، وهي قد انخفضت إلى أدنى مستوى لها تاريخيا. وكيف تزداد نسبة النمو، ولا مصانع جديدة ولا إمكانات تطوير زراعي جديد في البلاد منذ تولّت الحكومة العطرية الدردرية؟

4. إن انخفاض الإنتاجية الوطنية العامة، ونسبة النمو الإقتصادي ستسبب إلى سنين قادمة في تضخم نقدي رهيب مُتزايد، بما يعنى زيادات لولبية متزايدة باستمرار في الغلاء، وانخفاض القدرة الشرائية للرواتب والأجور والمداخيل عامة. فضلا عن السير في طريق تدهور وانهيار الإقتصاد الوطني بشكل شامل.

من المسؤول؟ هو الإستبداد المانع من الرقابة والتحقيق والمحاسبة، والمتفرغ لخدمة رموز الفساد والتسلط.

سادساً: ما هو دورك أيها المواطن لإنقاذ نفسك وأطفالك وعائلتك واقتصاد بلادك؟

1. إن دورك كمواطن مخلص شريف يبدأ في مباشرة التفكير في إنهاء عهد الخرس المفروض، والخوف الوهمي الغبي من سلطات الإستبداد، فالشعب أقوى منها بما لا يُقاس، وما هي إلا نمر من ورق لا يحتمل نفخة واحدة من الشعب. إن الخائن الفاسد هو ضعيف بذاته، وعارف في قرارة نفسه نهايته واقتراب محاسبته.

2. التفكير الجادّ في كيفية خلع الإستبداد، والمطالبة بإقالة الحكومة الخائنة للشعب ومصالحه فوراً، وتكليف حكومة من الشرفاء المشهود لهم بالأمانه والنزاهة والخبرة وحسن الإدارة والجرأة على الوقوف في وجه كل من يسعى للعمل ضد مصالح الشعب والوطن، للعمل أولاً على إنقاذ البلاد من جرائم حكومة التخريب والإفقار، ثم الإنطلاق إلى العودة لاستئناف تنمية البلاد، وتحسين مستوى الشعب ومعالجة أزماته المتفاقمة.

3. المطالبة الجادة الحازمة بمحاسبة رموز التسلط والفساد جميعا، والمتورطين من وزراء الحكومة وأعضاء القيادة القطرية، وإحالتهم إلى محاكم استثنائية نزيهة، لمحاكمتهم بتهمة الخيانة العظمى، والعمل على استرداد أموال الشعب منهم.

أيها المواطن السوري الذي تسحقه خيانة فساد الإستبداد: أبدأ من هذه الساعة بالتفكير والحوار مع الأقارب والأصدقاء والزملاء، في ضرورة الخلاص من حكم الإستبداد الفاسد، وفكّروا في أحسن الوسائل لذلك. وسأعمل لنشر اقتراحات مفيدة في هذا السبيل خلال الأيام القريبة القادمة.

أيها المواطن:

إن الوطن يُناديك،

وإن شرفك وكرامتك تُناديك،

وإن خلاصك من تحكم الفساد يُناديك،

وإن خلاصك من أسباب الغلاء وانخفاض الدخل وأزمات البطالة والسكن يناديك،

وإن مستقبل أولادك وأحفادك وأجيال الوطن تناديك،

وإن مصالحك المعيشية وحقوقك الوطنية تُناديك،

وإن تحرير فلسطين والجولان يناديك،

وإن مواطنتك وإنسانيتك تُناديك،

فهل أنت مجيبُ النداء، أو أنك تريد البقاء خائفا جبانا تأكل وتشرب بسلام كالأرنب، كما أجابني أحد المواطنين؟ هل تريد أن تُشارك في إعادة بناء الوطن لما يخدم مصلحتك ومواطنيك الشرفاء، أم أنّك وصلت لدرجة من الجبن لتفضّل الإستكانة والعار والفقر والحرمان، واستمرار استنزافك حتى آخر قطرة من دمك ودم أبنائك؟

بقي تساؤل واحد أخير وهامّ جدّاً يحتاج الشعب لإجابته وهو: هل الرئيس بشار الأسد ، هو مُرغم على السكوت على تسلط عصابات الفساد، وتخريبها للدولة ولمعيشة الشعب؟ أو أنه ساكت سكوت الرضا؟ ننتظر من الرئيس إجابة صريحة واضحة، تحدد للشعب موقفه وخطواته المُقبلة.

أيها الشعب، لقد حان الوقت، فهل أنت جاهز؟؟؟؟

19‏/02‏/2009

من يحكم من؟بشار أم أبناء الأخوال؟


بعد صدور القرار من الإدارة الأمريكية، بتجميد أرصدة رامي مخلوف، وعدم التعامل مع أعماله، التي وصفها القرار بأنها ناتجة عن قرابته لبشار الأسد، ونفوذه الذي بات يهدد رجال الأعمال السوريين، والذي تم جمع ثروته التي تقدر بالمليارات على حساب المواطنين السوريين. بداية لا بد من التنويه على أن صدور مثل هذا القرار عن الإدارة الأمريكية، يعد أمرا مطلوبا من قبل الشعب السوري، الذي كان يرى أن جل المطالب الأمريكية تتعلق بدول أخرى، ولا تتعلق بالوضع الذي يعيشه الشعب السوري بسبب سلوك هذا النظام وحاشيته. وعلى هذا الأساس يشعر الشعب السوري لأول مرة ربما بأن إجراء كهذا من قبل الإدارة الأمريكية إنما يتعلق بشأن يمس حياته اليومية، بعدما بات أسم رامي مخلوف منتشر في كل بيت وفي كل شارع، ولا توجد أعمال في سورية إلا وهو الشريك المقرر فيها. وكما وضحنا في الرسالة الصوتية الأخيرة حول مفهوم السوق الاجتماعي الذي يتشدق به نظام بشار، من أنه بكل آلياته وعمله هو لحصر حركة الاقتصاد السوري بيد العائلة الأسدية. فقد أصبح رامي مخلوف هو المقرر السياسي الأول في السياسة الاقتصادية السورية وفي كل المجالات، وفي القطاعين الخاص والعام، وهذه مرحلة لم تصل إليها أي بلد في العالم أن يقرر شخص واحد سياستها الاقتصادية بناء على أمواله وحركتها والمنهوبة كلها من الشعب السوري، ولقمة عيشه ومستقبل أجياله، هذا هو السوق الاجتماعي الذي يتحدثون عنه في نظام بشار الأسد.فلم يعد هنالك وزير يستطيع اتخاذ قرار اقتصادي حتى داخل وزارته دون العودة إلى رامي مخلوف ومدى انعكاس هذا القرار على أعماله، التي باتت تشكل محور حركة الاقتصاد السوري. حيث تقدر أكثر التقديرات تواضعا بأن حجم ثروته يقدر بعشرة مليارات دولار، وهذا ليس رقما بسيطا بالنسبة للاقتصاد السوري. إضافة إلى قضية لم ينتبه لها أحد من المعنيين بدراسة واقع الحال الاقتصادي والاستثماري في سورية، وهي أن رامي مخلوف حتى لو كان شريكا بنسبة 10% في أي شركة كانت، فهو صاحب القرار الأساسي فيها، وليس أصحاب النسب الأكبر من رأس المال، وهنا يتضح بما لا يقبل الجدل بأن الوضع في سورية بات شاذا واستثنائيا وفق كل المقاييس. وهذا الأمر يؤشر على خطورة الوضع الذي وصلت إليه سورية، وهو أن رجل واحد وعائلة واحدة باتت تتحكم بكل نشاطات البلاد والعباد. وأصبح رامي مخلوف الرجل الذي تصل يده إلى أصغر مفاصل الدولة، وحركة رؤوس الأموال في سورية. وهذه قضية باتت تطرح سؤالا، من يحكم سورية الآن بشار الأسد أم رامي مخلوف؟ وجاء تأكيده غير المباشر في رده على القرار الأمريكي، حيث بات يتحدث بلغة الجمع- وهذا ما سنعود إليه لا حقا أيضا- وهو يعرف بأن أي مواطن سوري، مهما كان موقفه من السلطة، يعرف بأن كل أمواله واستثماراته هي جراء الفساد والسرقة والنهب المحمي بقوة أجهزة الأمن والمخابرات، حتى رجال المخابرات يعرفون هذا الأمر جيدا. ولكن لا أحد يجرؤ على سؤال رامي مخلوف أو متابعة أعماله، لأنه بات أقوى من أي مركز أمني في البلد. وليس مصادفة أيضا أن تقوم الإدارة الأمريكية من قبل باتخاذ نفس القرار ضد أخيه حافظ مخلوف الذي يترأس قسم دمشق في فرع أمن الدولة في دمشق. هنالك من تحدث معنا على أن بشار الأسد بات يشعر بأنه هو الذي أصبح واجهة سياسية لأبناء خاله محمد مخلوف! لهذا يبقى السؤال من يحكم سورية الآن؟

13‏/02‏/2009

أسرار من دمشق (1 )


نبيل الكزبري رئيس مجلس إدارة شام القابضة وبجانبه رامي مخلوف المالك الأكبر للشركة

يكثر الحديث في دمشق هذه الأيام عن موضوع شركة الشام القابضة ونظيرتها سوريا القابضة والتي تم إنشاؤها فقط للتغطية على شركة الشام التي يملك معظم أسهمها رامي مخلوف ( ابن خال الرئيس ) وذلك من أجل القول بأن البلد ليست مستباحة لشركة واحدة فقط بل هناك شركة اخرى منافسة .

ولكن المطلع يعرف ان هناك فارقاً كبيراً بين الشركتين فالأولى رأسمالها أكبر بعدة مرات من الثانية والمشاريع التي تتصدى لها هي مشاريع استراتيجية كانت حكراً على الحكومة والقطاع العام فقط بينما الشركة الثانية مازالت متعثرة ولا تعرف من أين تبدأ , إضافة للاهتمام الإعلامي والحكومي فقط بشركة الشام فرئيس الوزراء التقى مجلس إدارة شركة الشام فقط وليس شركة سوريا القابضة والإعلام يغطي أخبار وإعلانات ولقاءات شركة الشام فقط .

لماذا نقول ان السيد رامي مخلوف يملك معظم الأسهم رغم وجود 71 مكتتب ( أسماؤهم موضوعة في الأسفل ) تم الضغط عليهم للمشاركة تحت طائلة المساءلة عن مصادر أموالهم التي معظمها إما من التهريب او التهرب الضريبي أو اعمال غير قانونية أو من مشاركة أفراد في النظام مما يعني أنهم مجبورون وفق ما سمعنا منهم شخصيا بالمشاركة وإلا فأنهم يخشون عواقب عدم المشاركة, علماً أنه قد تم إنتقاؤهم من قبل المخابرات السورية من أجل تمثيل طائفي ومناطقي واسع لإبراز أن الشركة تضم جميع أبناء سوريا الغيورين على مصلحتها !!.

فالسيد رامي مخلوف يمتلك ثلث الشركة من خلال صندوق المشرق الاستثماري المسجل باسمه , وكذلك خمسة وعشرون بالمائة إضافية من خلال أخيه ايهاب مخلوف ونادر قلعي وابن عمه ايمن قلعي وعصام انبوبة وهما واجهتان لرامي وما هو مكتتب به باسمهما هو له ,مقابل حصة صغيرة لهما وبالتالي فهو مسيطر على قرار 58 % من الشركة ويملك إدارتها بدون منازع والباقي هم كورس فقط للتغطية على حقيقة ما يجري من سرقة منظمة للبلد وبإشراف الرئيس شخصيا.

كل هذا كان أمراً متوقعاً ولكن الخفايا التي بدات تتكشف افظع واكثر مأساوية فالشركة بالكامل هي واجهة لتبيض أموال عائلة الأسد وكبار المسؤولين , حيث يقوم أركان النظام بالطلب من بعض المساهمين وخصوصاً المغتربين منهم ونظراً لثرائهم في البلدان التي يعملون بها بتبييض مبالغ مالية عائدة لهم وبطرق مختلفة وهو أمر يصعب كشفه من السلطات المختصة في تلك البلدان نظرا لثراء هذه الشخصيات الحقيقي مما يضيع إمكانية عملية التعقب .

ومن الأمثلة ما حصل مع السيد نبيل رفيق الكزبري وهو مغترب في النمسا , حيث تم اصطياده وتقريبه من الرئيس من قبل الصناعي محمد خالد محجوب , وذلك قبل عدة سنوات حيث تم تكليفه بعملية إصلاح واستثمار معمل الورق المتوقف في دير الزور وبقرار مباشر من رئيس الجمهورية رغم اعتراضات اتحاد العمال القوية وبعد فشل عملية إقلاع المعمل وتأخرها بسبب العقبات التي وضعها العمال والروتين الإداري القاتل من قبل الحكومة , كاد السيد الكزبري أن ينسحب من أعماله بسورية ويفقد الامل بالاصلاح وتحقيق الربح , فكان أن أوحت قيادة النظام له و كما ذكر صهره الدكتور محمد رياض الداوودي ( المستشار القانوني للأمن العسكري ولوزير الخارجية ) في لقاء خاص على هامش مؤتمر المغتربين , بأنه سيكون أول رئيس وزراء مستقل لسوريا في مرحلة ما بعد احتكار البعث لرئاسة الحكومة وهي مرحلة ليست بعيدة ولكن يجب ان يقوم بنشاطات وأعمال صناعية وتجارية وخيرية في البلد كي يتعرف عليه الناس ورجال الأعمال ويتعرف على قوانين البلد وإجراءاته كي لا يصطدم بالواقع ويخفق كما حصل مع المغتربين الذين جاؤوا فورا لمنصب الوزارة كعصام الزعيم وغسان الرفاعي .

ويبدو أن هذا الأغراء كان ناجحاً بحيث استمر السيد الكزبري بضخ أموال جديدة في استثمارات لاحقة وتبرع بأموال لمشاريع خيرية وكتب مقالة يمدح بها الرئيس يوم الاستفتاء قال فيها (( نعم لأنه رجل ينطق بما نفكر به ويعمل كما نتمنى لمستقبل أبنائنا.. نعم لأنه ربّان ناجح في قيادة السفينة في قلب العاصفة ولم يحنِ هامته ولا هامة شعبه للريح الهوجاء..))

ورغم حرصه على النأي باسمه وعدم ربطه بأركان النظام في عمل مشترك في الفترة الأولى ولكن إغراء منصب رئاسة الحكومة كان كبيراً مما دفعه بالقبول بمنصب رئيس شكلي لمجلس إدارة شركة الشام القابضة رغم أنه لا يملك فيها أكثر من 3 % مقارنة برامي مخلوف الذي باسمه الشخصي فقط ثلث الاسهم.

ولكن الأمر الجديد الآن وبعد تورطه في هذه اللعبة هي الطلب منه تبييض أموال لصالح محمد مخلوف وهو الأمر الذي دفعه للقلق إذ أن مثل هذا الأمر لم يكن في الحسبان ولم يكن متوقعاً وهو غير قانوني ويخاطر بسببه بسمعته الكبيرة , ودفعه للتساؤل إذا كانت البداية مثل هذا فماذا سيطلبون منه إذا عينوه رئيسا للوزراء ؟.

أما بالنسبة للمغترب السيد نقولا إنطاكلي فهو مغترب في ولاية ميشيغان الأميركية وهو وكيل لعدة انواع من السيارات الأميركية ولديه شركة ( انتراكو ) ومعارض للسيارات بالقرب من دمشق وفي المنطقة الحرة بعدرا , وهو صديق شخصي للسيد محمد مخلوف الذي يعرفه منذ ايام الدراسة بحمص وكلما جاء لسوريا يزوره في منزله ولا ينفك يتفاخر و يتحدث عن هذه العلاقة في كل اللقاءات للجمعيات او في منزل السفير بواشنطن وانه يستضيف " ابو رامي " في منزله وانه يبلغه كل ما يحصل ويهمه ان يعرفه وهو مخلص له بسبب الصداقة ولأنه يسهل له اعماله في سوريا ولا يقصر إذا طلب منه أي شيء في أي مكان بالحكومة , والحديث الان بدمشق أن أبو رامي وبعد استضافته للسيناتور الأميركي الديمقراطي جون كيري في منزله بدمشق أثناء زيارة كيري لها في 20 /12/2006 قد أقنعه بأن يختار شركة تعمل بالعلاقات العامة في اميركا وخاصة في مجالات العلاقات العامة الحكومية في واشنطن وذلك للعمل بشكل سري بدون ضجة إعلامية لتحسين صورة عائلة الأسد والنظام السوري مقابل مبالغ مالية كبيرة جداً , وكي لا تأخذ القضية صورة تمويل حكومي وهو ممنوع وغير قانوني فتم اختيار السيد نقولا انطاكلي ليتم صرف المبالغ المحولة من محمد مخلوف لتلك الشركة لتغطية النشاطات المتفق عليها وبحيث تبدو تلك التحويلات وكأنها تحويلات تجارية وأن تكليف شركة العلاقات العامة يتم من قبل مواطن امريكي وليس النظام السوري.

ومن هنا نستطيع ان نفهم الآن لماذا وبعد زيارة السيناتور الديمقراطي جون كيري مباشرة قامت المذيعة المشهورة بمحطة ABC بإجراء مقابلة مع الرئيس وزوجته وعملت فيها على فبركة نقاط إيجابية فقط لصالح النظام تلتها مذيعة أخرى بتاريخ 9 أيار من محطة NBC واتبعت نفس أسلوب .

اما بالنسبة للمغترب الثالث موفق أحمد القداح فهو مغترب بدبي ويمت بصلة قرابة بعيدة لسليمان القداح – نائب رئيس حزب البعث الحاكم – وكان معروفاً أنه يبيض أمواله , وقد حاول مؤخراً أن يقيم عدة مشاريع استثمارية في سوريا بعد أن سمع بأن هناك انفتاح اقتصادي فشارك اكبر شركة اماراتية وهي إعمار للعقارات لبناء البوابة الثامنة بدمشق ولكن وبعد مضي سنتين لم يتمكن من التقدم بالمشروع بسبب عرقلات إدارية مقصودة من قبل اركان النظام وبالنهاية فهم الأمر وأنه لا يمكن التقدم بالعمل بدون مشاركة رامي مخلوف وفعلاً فقد شارك معه في شركة الشام القابضة وانغمس بالعلاقة مع النظام ومعروف الآن علاقته القوية مع اللواء محمد ناصيف حيث يقوم بتبييض أمواله من خلال مشاريع بسورية كالجامعة العربية – الاوروبية التي يرأسها السيد موفق القداح رغم أنه لا يحمل شهادة جامعية وغيرها من المشاريع التي هدفها تبييض اموال مسؤولي النظام .

لذلك وبعد هذه الحقائق ننصح المواطنين بمقاطعة كافة منتجات والشركات المتفرعة من الشام القابضة وندعوكم أن تسألوا أصدقائكم ومعارفكم من رجال الأعمال والتجار والصناعيين المحترمين وذوو السمعة الحسنة الذين لم يشاركوا في هذه الشركة وتسألوهم لماذا لم يشاركوا ؟, وأسالوهم كذلك عن الفضائح والسرقة المنظمة للبلد المخطط لهذه الشركة أن تقوم بها .



فيما يلي أسماء المساهمين في شركة الشام القابضة :

شركة صندوق المشرق الاستثماري (ممثلها رامي مخلوف) ، إيهاب مخلوف , نادر قلعي , أيمن محمد القلعي , محمد صباغ ، محمد فرزات , هاني عزوز، ، سنيح غزال ، محمد رستم ، سعد الله كردي , ، خالد علبي ، مالك خضير، رامي كويفاتي ، موفق أحمد القداح ، شركة فرست (ممثلها هاني الرفاعي) ، نبيل رفيق الكزبري , محمد كامل صباغ شرباتي ، أسامة قرواني ، شركة الأجنحة (ممثلها محمد عباس)، محمد عمر شورى ، سمير حسن ، عماد الغريواتي ، شكري شاهر صقال ، محمد مرتضى محمد الدندشي ، أديب الفاضل ، أحمد غسان بنشي، نزار جميل أسعد ، غسان مهنا , محمد غياث الحبال، حسان عبد القادر العلي ، الشركة الوطنية للتأمين (ممثلها حسان عبد القادر العلي)، وهيب مرعي، محسن شيخ الأرض، ، مازن الطباع ، وائل طباع, مجموعة كحالة الدولية: رياض كحالة، محمد عماد بولاد ، أيمن جابر، سامر الدبس، المكتب الفني للهندسة والمقاولات المهندسون أبو خاطر واخرس ( ممثلها عارف الأخرس )، خالد عيد سماوي، محمد ماجد عيد سماوي، هيثم الأتاسي، شركة أوراسو - د. عبد الرحمن العطار، علي حسان العلي، أحمد عبد القادر فحل، أنس سيفي، منذر البزرة، ، عبد القادر عبد الله صبرة، رهيف أتاسي، شركة الزين للاستثمار(ممثلها وليد الزين) , ليلى صفا جانودي ، ماهر محمد جميل الرفاعي، بسام غرواي، عمار البردان، فارس بن أحمد الشهابي، أيمن بن أحمد الشهابي، حسام بن احمد الشهابي، سليمان محمود معروف ، ماهر محمد دسوقي ، معاوية ظبيان, عصام خير الله أنبوبا, عمر ميشيل كركور , نظريت يعقوبيان , ناجي شاوي , جوزيف مارينا ، منصور مارينا , نقولا أنطاكلي ، صخر ألتون ,خليل جرجي طعمة .

11‏/02‏/2009

شيخ المعتقلين في سجون النظام الجائر في سوريا : الشيخ الجليل عبد الستار قطان


المهندس عبد الستار قطان من مواليد مدينة حلب سنة 1943، اعتُقل عدة مرات ، واستمر اعتقاله قرابة 20 عاماً . وكانت السلطات الأمنية السورية اعتقلت السيد قطان إثر عودته من أداء مناسك العمرة في 27/11/2004 وصادرت كل ما بحوزته من مبالغ مالية. وجاء اعتقاله الأخير على خلفية اتهامه بتقديم عون مالي لبعض أسر المعتقلين الإسلاميين التي تعاني في ظل غياب معيليها منذ عقود ، وحُكم بموجب القانون 49/1980 بالإعدام ثم خُفف الحكم عنه إلى 12 سنة!! وكان المهندس عبد الستار قطان قد أمضى فترتين في السجن قبل هذه الفترة بتهمة الانتساب الى جماعة الاخوان المسلمين فقد اعتقل في الفترة بين 1975-1977 والفترة بين 1979-1995.


عبد الستار قطان أمام محكمة أمن الدولة العليا :


مثل المهندس عبد الستار قطان في 23/10/2005 أمام محكمة أمن الدولة العليا بموجب القانون 49/1980 . ويقضي هذا القانون بعقوبة الإعدام على الانتماء أو التعاطف مع جماعة الإخوان المسلمين.
وجهت المحكمة التهمة للمهندس عبد الستار قطان بتوزيع مساعدات على معتقلين سابقين والاحتفاظ بعلاقات مع شخصيات من جماعة الإخوان المسلمين بعد إطلاق سراحه عام 1995. ثم رفعت المحكمة إلى تاريخ 18/12/ 2005

إن حالة المهندس عبد الستار قطان تثير القلق البالغ ، فهذه المرة الثالثة في حياته التي يزج فيها بالسجن ويجرم بناءً على عمل إنساني -إن صح الإتهام- لا سيما أنه يعتقل منذ حوالي عام في شروط بالغة السوء حرم خلالها من زيارة أسرته ومن الاتصال بالعالم الخارجي، في ظل تقارير مؤكدة عن تعرضه للتعذيب والمعاملة المهينة والحاطة بالكرامة.

إن النظام السوري يقوم بسياسة منهجية للابقاء على المعتقلين الذين أطلق سراحهم في حالة من الفقر والعوز المتعمد، فبالإضافة إلى حرمانهم من حقوقهم المدنية وعدم السماح لهم بالعودة إلى وظائفهم أو إنشاء أعمال خاصة بهم، فهو يمنعهم حتى من تلقي المساعدات من محسنين للإبقاء على أنفسهم وأسرهم. وإذا قام أحد بمساعدتهم أو نقل معونة إليهم فإنه يعتقل ويتهم بالتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين لارتباط المعتقلين السابقين بها.

وتتواتر الأنباء من سجن صيدنايا ، أن المهندس عبد الستار المصاب أصلاً بتصلب الشرايين، والسكري، والضغط والقصور الكلوي الحاد يعاني من أوضاع صحية صعبة جداً، دون أن يلقى الرعاية الصحية المطلوبة التي تتناسب مع سنه / خمسة وستون عاما قضى ثلثها تقريبا في ظروف الاعتقال السيئة .

ويقول مؤمن محمد نديم : وتحت عنوان ( السجين عبد الستار قطان شيخ المعتقلين في سجون آل أسد ) : عبد الستار قطان 65 عاماً! ذاك الاسم اللامع في سماء الوطن؛ وبما عرف عنه بشيخ المعتقلين السوريين الأحياء، أما الباقون من إخوانه وأصحابه الذين لم يُعرف عنهم شيء منذ عقود فأمرهم مختلف، فهم الأسوأ ظروفاً على مستوى العالم الذي لم يشهد لمحنتهم مثيلاً. فهم إمّا في زنازين تحت الأرض؛ يعانون العذابات المريرة؛ وينتظرون من يفك قيدهم، ويخرجهم من هذه الظلمات إلى النور؛ نور رب العالمين، نور الحرية والانطلاق في هذا الرحب الواسع، بين أحبابهم وأهلهم وخلاّنهم وأرضهم، وإما هم تحت الزنازين مدفونين في حفر كما دفن الآلاف من إخوانهم من قبل.

عبد الستار قطان، الرجل الذي مازال على الرادار نرصده؛ ونتتبع خطواته لأنه لازال حياً مكبلاً بالأغلال إنه المهندس الشيخ الذي طعن في السن، وأذهب زهرة شبابه في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي عفواً الأسدي! ولكي لا أظلم بني صهيون أو بني فرعون وهامان؛ فإنهم لم يصلوا بعد إلى ما وصل إليه بني أسد، من الظلم والقهر والاستعباد والاستكبار والقتل والجريمة، فبعد عشرين عام قضاها "القطان" في غياهب السجون المريرة! هاهو يُعاد مرة أخرى إليها! بتهمة مُدبره بإعانة الأسر المنكوبة، وحتى وإن صحت كان من المفروض أن يكّرم لا أن يهان، ويحكم بالإعدام مرة أخرى؛ لإقدامه على عمل خيري كريم، ثم جاءته الرحمات من آل الأسد لتخفف عنه الإعدام إلى اثني عشر عاماً فقط لا غير وقابلة للتمديد، ليدفن في زنزانته كما دفن إخوانه من قبل وهم أحياء.

هل سنرضى أن تعاد الكرّة لهؤلاء الأحرار؛ وهل سنسكت على الضيم مرة أخرى؟

حاش لله أن نرضى لهؤلاء البرابرة أن يذبحونا مرة أخرى، وحاش أن نفرط بحق أي سجين؛ فصوتنا سيرتفع وسيتضامن معنا كل الأبرار، لكي لا يبقى في سورية أي سجين رأي أو ضمير. إلى يومنا هذا وأهالي المعتقلين الذين دخلوا أقبية المخابرات وأقسام التعذيب، يبحثون عن أحبائهم المفقودين في كل مكان، ويعرضون أنفسهم للخطر والإهانة والشتائم ولا يمّلون فيأتيهم الجواب، من رجال الإجرام وبدم بارد انسوهم ولا تسألوا عنهم، هم ليسوا عندنا، والجواب طبعاً مفجع؛ لتلك الأم التي انتظرت طويلاً على أمل اللقاء بكبدها وروحها وقلبها؛ يطلب منها أن تنساه؛ لا بل أن لا تفكر به؛ لأنه في نظر الطغاة لاشيء وعبارة عن سراب، فالقاتل لا يعرف لغة القلوب والأرحام، لا يعرف إلا الإجرام وسفك الدماء والتعالي على الناس، انسوهم ولا تسألوا عنهم! وهذا ما يطلب بالضبط من الآباء المفجوعين والزوجات المكلومات والأبناء والإخوان والذرية والعشيرة وأبناء البلد والأصدقاء والأقرباء أن يفعلوه.

يعطونهم الأوامر بتنفيذ النسيان وإلا لربما يُلحقوهم بهم، وبالتالي لم يُعطوهم الجثة؛ ولا شهادة وفاة، ولا أي استفسار أو إيضاح؟ فقط عليهم أن يحمدوا الله أن وهبهم هؤلاء القادة. وهذا ما يريدون فعله في القطان، ندموا إذ أخرجوه من زنازينهم حياً لأن هذا لا يتناسب مع طباعهم فأرادوا أن يدفنوه أيضاً وهو حي، كما دفنوا رفاقه من قبل.

يا أمة العرب؛ ويا أمة الإسلام؛ ويا أيها العالم المتحضر؛ ويا أيها الكون بأجمعه؛ ما لكم كيف تحكمون؟ الم تشاهدون وقائع الجريمة؟ ألا تحسّون بمعاناة المعذبين في سورية؟ ألا تتكلمون فتمنعوا هذا الباطل؟ أما زال فيكم نخوة تمنعوا هذه الطغمة، إنسانيتكم تذبح عندما يذبح أخوكم الإنسان البريء، كرامتكم تهدر عندما يزج به في السجون ظلماً، وجودكم يسحق عندما يسمح بسحق الأحرار.

أين منظمات حقوق الإنسان؟ وأين الأمم المتحدة؟ ألا يكفي ما وقع بشعبنا السوري من مذابح؟ عندما هدّمت المدن فوق ساكنيها، وقتل من في السجون، عندما هجر قسراً الملايين من أبناء شعبي ولا يستطيعون العودة، عندما أوغلت يد الجزار فينا، وصارت سورية وبمن فيها مزرعة لآل أسد، ولا صوتاً يعلو فوق صوت هذه الأسرة، التي جعلت من بلدنا سجناً كبيراً يتسع لجميع أبناءه .

وأخيراً النصر لشعبنا الحبيب والحرية لجميع أبنائه والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار والفرج القريب بإذن الله لجميع معتقلينا والخزي والعار للقتلة والمجرمين ولكل من تلطخت يداه بدماء شعبنا الحر المصابر.
الحرية لعبد الستار قطان ولضحايا الأعمال الخيرية في وطننا السجين. الصبر والسلوان لأهليه ورفاقه.


ويقول جيفارا السيد : عبد الستار قطان ... ضحية العمل الخيري الانساني :

لا أذكر مرة أنني قرأت اسمه في أحد محافل المعارضة أو الموالاة , كان ظاهراً بأن صاحبنا كان يكره السياسة حتى العظم بعد أن قضى تجربة مريرة في سجن تدمر بتهمة الحرام السياسي ( الاخوان المسلمين ) .

عندما خرج عبد الستار قطان من السجن ضمن عفو رئاسي لم تكن قد ثبتت إدانته بأي حال من الأحوال , هكذا قيل له من قبل ضابط الأمن الذي أسفر وجهه عن ابتسامة صفراء وقهقهة عالية مقززة .
عندها كان عبد الستار قطان قد فقد قرابة عشرين سنة من عمره نتيجة خطأ احترازي . في كل هذه السنين رأى كثيراً من العنفيين ... عاشرهم وخالطهم , وفهمهم ... فهم كيف أن الاستبداد و الظروف المأساوية تولد العنف , رأى كيف قاد الفقر والجهل والاستفزاز الطائفي والعشائري عند الكثيرين إلى أعمال عنف اكتست بطابع الدين ظلماً وزوراً .
تذكًر حينها مقولة لعمر بن الخطاب : لو كان الفقر رجلاً لقتلته , كان ذلك إبان المجاعة التي نزلت بالمدينة و التي جمّد فيها عمر حد السرقة , وذلك رغبةً منه في البداية في استئصال الفقر ( المحرض للسرقة ) .

من هنا اتجه قطان بعد خروجه من السجن إلى العمل الخيري , ومساعدة الأسر الفقيرة , للحول دون تكرار مأساة العنف الدموي , باستئصال مسبباته الحقيقية .

في إحدى المرات ... كان قد قدم المساعدة لعوائل لم يرض عنها السلطان , فكان أن اتهم بالارهاب وبتمويله , ليحاكم اليوم أمام محكمة أمن الدولة العليا بتهمة التعاطف والانتماء للإخوان المسلمين , التهمة التي تفضي في النهاية إلى الاعدام عملاً بالقانون المشؤوم 49 ..... يبدو أن هذه الحقيقة غائبة كلياً اليوم عن أعين الكثير من (النخب) في المعارضة السورية , التي لم تنزل للشارع أمام محاكمته , كما فعلت مع السياسيين من أعضائها . ما يشعرني بأن الروح الحزبوية والقبلية ما زالت تعشعش في كثير من أطراف تلك المعارضة , إضافة إلى ابتعادها عن العلمية و حصرها في قضايا لا تنال من فكر المواطن شيئاً ,لإنها ببساطة لا تؤثر عليه ( إذا كانت الظروف هي التي تصنع الانسان , فإن علينا أن نصنع ظروفاً إنسانية ) . وعليه فإن رائد العمل الخيري ينبغي أن يوضع على الرأس , لا في غياهب السجون والمعتقلات .



تحية إجلال وإكبار للشيخ الجليل عبد الستار قطان ، وتحية إجلال وإكبار لكل الشرفاء في سجون آل الأسد

02‏/02‏/2009

ثقافة الفساد ..... ابن شرعي لسفاح محرم


أخيرا، رضي مقابلتي، مشترطا عدم ذكر اسمه، وعدم اصطحاب مصورا أو كاميرا فهو يرى أنه دفع ثمنا باهظا، وسجن ظلما.
في الطريق إليه، كنت أفكر ببراءته، وهو الذي قضى حكما بالسجن مدته خمس سنوات، بتهمة اختلاس بضعة ملايين.
لماذا يرفض البرئ أن يذكر اسمه أو تنشر صورته؟
برر هذا التساؤل بأن القصة قديمة ولا يريد فتحها من جديد، ليس من أجله، فهو لم تعد تهمه -كما قال- بل من أجل أبنائه.
في معمله الكائن في احدى القرى القريبة من دمشق،والتابعة لمحافظة أخرى، يتربع في مكتبه، كملك، وقبل أن يبدأ بالحديث يشعل سيكاره الفاخر، سألته:
• قضيتك كانت اختلاس؟
• أبدا، ولا أسمح لأحد أن يتهمني بالمختلس، أتحداك، وأتحدى أي إنسان على وجه الكرة الأرضية، أن يثبت بأني ارتشيت بقرش أو اختلست قرش، لفقت لي التهمة ليتخلصوا مني ويبعدوني عن المكان الذي كنت مؤهلا لأكون مديره، أخفتهم أن آخذ الكرسي منهم، فوجدوا السجن، الحل الوحيد لإبعادي.

بالرغم من الحكم والسجن الا ان الرجل يصر على براءته، وبالرغم من منبته ومنبت زوجته الفقير، الا انه اليوم يملك الكثير من العقارات، ورصيده البنكي تجاوز الملايين، وعندما لمحت له من بعيد لهذا الموضوع، استغربت برودة أعصابه، وجوابه الجاهز،كمن اعتداد على تكراره مئات المرات :
• المال يخص زوجتي، بصراحة أنا أعمل عندها.


طبعا لم أستطع الوصول إلى فاسد أكبر من هذا الفاسد الصغير الذي يحظى باحترام مجتمعه، والذي ينوي أن يجد الحل القانوني ليرشح نفسه لعضوية مجلس الشعب،!!!!
اعتدنا، ومنذ زمن، أن الاحترام بات للمال، لا أكثر ولا أقل، ولا أهمية لأي شيء سواه فهو البلسم السحري الذي يمحو كل التواريخ السوداء.

حلم بالفساد

وصل الفساد الى كل شيئ وبكل شيئ أحدهم أراد ترشيح نفسه لمجلس الشعب، فقط من اجل الحصول على القرض المصرفي الذي يعطى للمرشحين لتغطية حملتهم الانتخابية وبفوائد استثنائية ويسدد على مدى خمس أو ست سنوات – ألا يعتبر هذا فسادا- ما يثير التساؤل ليس ما وصل إليه الفساد أو إلى أين وصل، بل نفوسنا التي أصبحت لا تعيفه، ومجتمعنا الذي انتقل في فترة قياسية من استنكار للفساد، والاستبعاد الاجتماعي لمن تثار حولهم مجرد الشكوك بفسادهم، إلى تخطي مرحلة تقبلهم والوصول إلى احترامهم وطلب ودهم والسعي خلف صداقتهم.

عادة القبول

المهندسة رضوى الناعمة تقول: (( لم تعد لدينا مشكلة في التعامل مع الفاسدين لأننا أصبحنا نخافهم، والفاسد نفسه لم يعد يخجل من فساده لأن القيم تبدلت، والثوابت لم تعد تلك التي تربينا عليها من خير وشر ولم يعد العيب سابقا عيبا اليوم، في الماضي كان المرتشي يمشي في الحارات مطأطئً رأسه، يخشى أن يعلم أحد جيرانه أنه ارتشى، وأن في جيبه قرش حرام، أما اليوم فهو نفسه يتفاخر بمكتسباته ومعارفه وماله الحرام، ولم يعد الفاسد يخشى الناس بل انتقل الخوف الينا، أصبحنا نحن من نخاف الفاسدين، لإدراكنا أن الفاسد باعه طويلة، وله نفوذ كبير مهما بلغت درجة فساده أو نوعه، ويستطيع الوصول الى مسؤول والتأثير فيه، لأنه متقن لعمليات التزلف ومسح الجوخ، أما فيما يخص المعاملات الرسمية فنحن من نبحث عن الموظف الفاسد ولا نتحاشاه، ونفضله عن الموظف الشريف لأن التعامل مع الموظف الفاسد سيكون أسهل من التعامل مع الموظف الشريف، لأن الفاسد سيسهل علينا أي معاملة مهما كانت درجة تعقيدها، ويسرعها، وهنا أؤكد أن المعاملة التي تكون بين أيدينا هي قانونية مئة بالمئة، ولكن سرعة إنجازها هو الغاية، أو فيما يتعلق بالخدمات فنحن نسعى حلف موظف الهاتف الفاسد وموظف البريد الفاسد وموظف الجباية الفاسد لأن هذا سيلبي طلباتنا بسرعة ودون روتين، اذ يستطيع أن يقدم الخدمات الى المنزل برشوة بسيطة أو اكرامية كما يسميها دون انتظار الدور ، وشرطي المرور الذي يقبل اكراميته اسهل من آخر يصر على تطبيق القانون وهم اصلا نادرون، وهناك موظفون لا يرتشون ولكنهم يقبلون الهدية وهذه الهدية قيمتها بحسب قيمة مركز هذا الموظف، فهناك ثقافة عامة وهي الثقافة الاكثر انتشارا بين الناس وهي ثقافة تقبل الفساد))

حزب مادخلني

وزير الصناعة السابق الدكتور حسين القاضي صاحب أول استقالة في تاريخ الوزارة السورية رأى أن السبب الاول والاخير لتقبلنا للفساد، أو لنقل لتفشي ثقافة الفساد بشكل عام هو التردي الاقتصادي الذي وصل اليه وضع المواطن، في ظل فئات وصولية تحصل على ما تريد، وتجني ما تريد، وبسبب غياب القانون كسلطة تطبق بالتتساوي على الجميع، ظهر الى النور حزب جديد اسمه – ما دخلني – وأصبحنا جميعا أعضاء فخريين أحيانا وفاعلين معظم الاحيان في هذا الحزب حتى أصبحنا لا نتأثر بوجود الفاسدين بيننا، وبتنا نعتبر وجودهم أمر واقع بل وأمر طبيعي لأن – ما دخلني – هذه أصبحت تدخل في تفاصيل قيمنا، وتعشش في أجزاء تفكيرنا فما دخلني ان كان فلانا فاسدا أو لا، وما دخلني ان كان فساده يؤذي المجتمع ويؤذيني، وما دخلني إلى أي درجة وصل الفساد اجمالا، ومن هنا بتنا لا نهتم الا بما يحصل خارج دائرتنا الاقتصادية اللاهثة خلف الرزق، وهذا في نفس الوقت أصبح يبرر للآخرين فسادهم كمستفيدين حتى وصل الامر للقول حلال على الشاطر، وبدأت تطفو على السطح فئة اجتماعية مستفيدة تتمتع بالنفوذ، والمال الذي أصبح يصنع الجاه، ويشتري المكانة الاجتماعية .

ضياع البوصلة الضابطة

التقبل الاجتماعي للفساد والذي يعتبر أخطر من الفساد نفسه، يحلله أستاذ علم الاجتماع في جامعة دمشق، ورئيس قسم الاعلام الدكتور أحمد الاصفر فيرى أن مجتمعنا العربي تعرض في فترة الحرب العالمية الثانية الى نوع من الانحلال الاجتماعي يقول : (( ضاعت عوامل الضبط الاجتماعي، وفقد الضابط الديني الذي كان يحد تصرفات الفرد بالحلال والحرام، وفقد الضابط الاجتماعي فما هو عيب، كان في الماضي يعتبر ضابطا قويا لتصرفات الافراد وكانت الاسر مجتمعة تخشى على سمعتها وتلتزم بالقيم الاجتماعية والاخلاقية، وتحمل قيمة لكبيرها أي كبير العائلة فكلامه قانون، وبالتالي فالفاسد مهما كنت درجة فساده ونوعه لم يكن يجرؤ على الفساد حتى لو أراد ذلك أو حتى لو كان مضطرا للفساد، والناس كانوا يستطيعون أن يجاهروا برفضهم للفاسد لأنهم الاكثرية ولأنهم الاقوى، ولكن منذ خمسين عاما الى اليوم تبدلت المنظومة الضابطة للاخلاق الاجتماعية بشكل كبير، فظهرت تيارات نخبوية، تمردت على القيم السائدة واعتبرت قيم العيب تخلفا، والرادع الديني تزمتا غير مبررا، ولكن هذه النخبة لم تكن تقبل الفساد، ولا تروج له، ولكنها لم تضع ضوابط بديلة لتلك الضوابط التي الغتها،فاصبحت المنفعة هي المعيار الاساسي في السلوك، هذا على مستوى التطبيق العلمي للنظريات الاجتماعية على الواقع، أما على المستوى الاعمق، فعبر زمن ليس بالقليل فقد الفرد الثقة بالسلطة التنفيذية متمثلة بالقضاء، وساد مفهوم المصلحة، والمحسوبية، والواسطة. ثم بدأت تطفو على السطح قضية تردي الاوضاع الاقتصادية للمواطن، وعدم كفايته من مرتبه أو أجره، ما دعاه ضمنيا الى تبرير الفساد المالي، لنفسه، ولغيره على حد سواء، وما زاد الامر سوءا الاضطراب الذي بدأ يتلمسه المواطن لدى مؤسسات دولته، الذي لمسه من خلال سياسات الاستيعاب الجامعي التي أهلت كوادر وخرجتهم لكنها لم تستوعبهم في سوق العمل، ما يدفعهم الى محاولة الحصول على عمل إما من خلال الرشاوى، أو الواسطة، أو انهم سيختارون الطريق الفاسد أخلاقيا كالنصب والاحتيال، أو الاتجاه الى طرق فساد أخرى من شأنها أن تقيهم العوز، وبالتالي هؤلاء ليس فقط سيتقبلون الفساد، وإنما سيصبحون جزءا من منظومته، وقواه المدافعة عنه.))


حديث الدكتور الاصفر جعلني أفكر بفساد من نوع جديد، نتلمسه في سياستنا في محو الامية، وصولا الى سياسة الاستيعاب الجامعي، وصولا، الى الجامعات الخاصة التي فتحت المجال واسعا أما الفوارق الاجتماعية في اختيار نوع الدراسة ليكون الطبيب ابن العائلة الغنية ومن لا يملك مالا وفيرا فليكتف بجامعة على قد الحال وليدرس فرعا على مستوى ماله.
فما لاحظناه بعد تنفيذ سياسية محو الامية لعقود تجاوزت الثلاث، أن نسبة المثقفين انخفضت، فلم تعد ترتبط الثقافة بالعلم، لنصل إلى أرتال من المتعلمين، لا علاقة لهم بالثقافة، ولا مكان لهم في سوق العمل، وهنا تبرز ضرورة وضوح الرؤية لدى المؤسسات القائمة على الأمن الاقتصادي للمواطن كحد أدنى لحمايته من الفساد بمختلف أشكاله، فإن لم على أرض الواقع عملا لخريجي الاعلام على سبيل المثال لا الحصر، لماذا يستمر القسم باستقبال الطلبة، وان كانت المؤسسات لا تأخذ مدراءها من خريجي المعهد الوطني للادارة ولا تعترف بهم فلماذا تتكلف الدولة عناء بقاءه على قيد الحياة، والصرف على ميزانيته ورواتب مدرسيه وموظفيه، ألا يعتبر هذا هدرا؟! ألا يتعبر الهدر نوعا من انواع الفساد؟! وأذكر أن أمثلتي على سبيل المثال لا الحصر.
الشريف غبيا

ببساطة أصبحنا مجتمع بلا هوية، ولا ضوابط، هذا ما أراد المهندس حمد نصر أن يلخص به تجربته الخاصة التي تمثلت بعمله باحدى المؤسسات العامة، والتي تتميز بامكانية استفادة موظفيها- بشطارتهم- وعبر ثغرات قانونية تحميهم لكنه أصر ألا يستخدم هذه الشطارة لينعته البعض بنعوت أصبحت تطلق على كل شريف، وينتقل الى مؤسسة أخرى لا مجال فيها لا للفائدة ولا الاستفادة، يقول المهندس نصر : (( أصبح مبدأ الشاطر لا يعني الا شيئا واحدا، وهو كيف يعرف الشخص أن يستفيد من موقعه مهما صغر،ومن يحمل مبادئ أخلاقية ويرفض مبدأ الاستفادة، لا يجوز أن يبقى في مكان تتاح فيه الاستفادة، وبقاء الاشخاص في مثل هذه الاماكن ووصولهم الى مفاصله لا يرتبط، بمهنيتهم، وانما فقط بمعيار شطارتهم تلك، ولهذا أصبحنا نقبل الفساد لأننا نعرف أن الفاسد قد يصل بين ليلة وضحاها إلى مفصل مهم قد يساهم في ضررنا أو محاربتنا في لقمة عيشنا، واجتماعيا ذاك الفاسد لأنه يملك حدا أدنى من الثروة، وحدا أدنى من المعارف المفيدين له ولغيره إن أراد الوساطة أو التوسط للآخرين، وببالتالي المجتمع سيعتبرني أنا وأمثالي أغبياء لأننا لم نعرف كيف نستفيد من موقعنا، وهربنا من الرزق!!!! ))

بلاط خاص للبحار

((من كثرة ما رضينا بالفساد لم يعد لدينا شخص غير فاسد بل الأقل فسادا ً)) هكذا بدأ بالاسترسال، لموضوع من الواضح أنه أرقه طويلا خاصة في اروقة المحاكم ويتابع المحامي عارف حمزة : (( و هذا الأقل فسادا ً هناك من يقوم بملاحقته و طرده و القبض عليه لأنه وقف ضد تيار الفساد العالي و الرهيب .
من كثرة ما رضينا به أصبح لدينا ، و بأمانة كبيرة ، شعور جمعي بالفساد .
أصبحنا نقف إلى جانب اللص و المرابي و الخائن و غير الشريف و القافز من فوق القانون و المتكلم طويلا ً من دون فعل ، و الذي يصنع ضجيجا ً هائلا ً من دون شفقة بنا أو رحمة ، و الذي يهددنا بأبيه أو بماله أو بمركزه أو بسيارته أو ، بكلمة أدق ، بفساده المتراكم عبر زمن أصبح طويلا ً و ثقيلا ً .
مَـن كان يماطل في حق أحد ما يقول له صاحب الحق ، بعد أن يكون قد استنفد طرق الحصول على حقه أخويا ً و بالكلمة الحلوة كان يهدد بالذهاب إلى المحكمة و القانون بيننا .
كان الشخص الذي يماطل يصاب برجفة قوية عند ذكر كلمة المحكمة . و بمرور الزمن أصبح يصاب برجفة أقل . أما الآن فإنه يضحك قائلا ً لصاحب الحق : روح بلط البحر ... و بالفعل هذا الكلام صحيح . فما إن يذهب أحدنا إلى المحاكم حتى يأخذ معه شاحنة كبيرة من " البلاط " و يبدأ بتبليط البحر من أمام القصر العدلي .
في السابق ، رحمة الله على السابق ، كان صاحب " مركز ما " يخاف من الله ، ثم أصبح ، على الأقل يخاف من ضميره و على سمعته و كرامته ، و من بعدها يخاف من القانون حتى يعرف ثغراته . أما الآن ، و بشكل ٍ علني و صريح ، أصبح لا يخاف من أي شيء .
الفساد ، يا سادة يا كرام ، أضاع سلطة الأب و سلطة الزوج و سلطة المدير و سلطة القاضي و المحامي و سلطة المدرس و المربي و سلطة الحارس الليلي و أمين المستودع و سلطة الكاتب و سلطة النائب في البرلمان و سلطة الغيور على وطنه، و في النهاية أضاع سلطة القانون و الحق و المؤسسات .
سيقول من سيقرأ هذه الكلمات بأنني متشائم جدا ً ، و بأن الإصلاح سيقضي تماما ً على الفساد . أتمنى ذلك . رغم أن الفساد لم يعد صرحا ً كبيرا ً و سيأتي يوم ما و نهدمه ، و لم يعد جدارا ً صغيرا ً في وجه طريقنا و سنزيحه عن الطريق ، و لم يعد شخصا ً مطاردا ً سنمسك به يوما ً و نطلق عليه النار، لم يعد الفساد شيئا ً ماديا ً محسوسا ً يمكن المسك به و طرده إلى خارج المكان لتتدفق مياه الإصلاح العذبة . بل الفساد أصبح معنويا ً لارتباطه بأشخاص و أفكار و قوانين و أماكن معينة تقف بقوة في وجه الإصلاح . أصبح الفساد مقيما ً ، و ليس طارئا ً ، في كل شيء و في كل مكان .))
حالة نفسية بامتياز

الطبيب النفسي محمد وضاح حجار برر قضية تقبلنا للفساد نفسيا بأسباب علمية تعود الى عوامل التحكم بالسلوك لدى البشر فيقول: (( الانسان بيولوجيا، مستعدا للدفاع عن الانا التي في داخله، وهذا يترافق مع نوعية من الأفكار والمعتقدات التي يتربى عليها الإنسان والتي يكتشف مع مرور الوقت أنها لا تحقق طموحه وبالتالي تجعله يحيد عنها، فالأفكار التي تسود في المجتمع تدعم هذا السلوك فعلى سبيل المثال، يجد الانسان أن لا وجود على أرض الواقع لمقولة الرجل المناسب في المكان المناسب، ويجد أن المعارف وأمور أخرى تحكم هذا الموضوع ما يؤدي الى تغيير قناعاته، فالمعتقدات التي تزرع في ذهنه عندما يكون طفلا، ينتقيها بعد ذلك ويتمثلها.
الامر المهم الاخر وهو سيادة الافكار المادية فنظرة الناس الى القيم المعنوية لم تعد تحاكيها الحالة الروحية مثل السعادة اذ اصبح المقياس ماديا بحتا ويجد الانسان ان القيم التي يتبناها لا تتماشى مع ماهو راهن ولا تحقق له المنفعة فيتم تحوله الى قيم اخرى ليتخذ معتقدات تتوافق مع ما هو سائد في المجتمع، ويكون هذا التحول – حسب الشخص- اما تدريجيا أو انقلابيا فجائيا، وهذا ما يحصل اليوم في مجتمعنا اذ يجد الانسان نفسه أما الضغوطات الاقتصادية، ونجاح الفاسدين وتفشي الفساد، يجد المجتمع نفسه منساقا في حالة نفسية تبرر الفساد وتجده جيدا أحيانا لتطلق قيمة جديدة عليه _ جيد _ أو خير_ كبديل بديهي عن القيمة القديمة التي كانت ترتبط به ذهنيا مثل _ سيء_ شر _ حرام_ وهذا التبدل بالقيمة الذهنية والفكرية تجاه قضية تقبل الفساد لم يكن فجائيا بل أتى نتيجة تراكم اجتماعي وجد أن الفساد وصل بأصحابه الى النجاح والمال والجاه ما جعله مبررا نفسيا ومقبولا لدى الاخرين وسيكون مثلا أعلى في تطور مرضي لاحق عند الاشخاص اللذين يتعرضون للصراع الداخلي بين الانا والضمير.


فساد نسبي

بالرغم من ابتعاده عن أوساط الفساد والفاسدين، وانشغاله بعمله الثقافي، وترجماته التي يعتبرها حياته، يبقى صالح حلماني متفائلا بجيل الشباب مصرا على أنهم لا يقبلون الفساد، ولا يسبحون في تياره، لكنه وفي نفس الوقت لا يلومهم اذا استساغووا بعض الادب الردئ، كنوع من الفساد، ويجد أن لا ذنب لهم في تقبل فساد الادب ويبرر: (( عندما نقدم للجيل أدبا رديئا، ثم نقدم له أدبا أردأ من الاول ثم نقدم الاردأ فيصبح الادب الرديء الاول أدبا جيدا مقارنة فيما تلاه حسب النظرية النسبية، وبالتالي لا لوم على شبابنا اليوم بتقبل هكذا أنواع من الادب)).
ثم يجد علماني أن للوضع المادي المتردي يدا كبيرة في فساد كل شيئ ، فحتى دار النشر تضطر لنشر كتب لا تقتنع بمحتواها لمجرد كونها عناوين بياعة أو مواضيع تبيع أكثر، والناس كذلك قد يضطرون لفعل أشياء كثيرة تحت ضغط الوضع المادي والحياتي ثم يعود علماني الى نقطه الاولى ليؤكد أن الفساد لا يتجزأ فالادب الردئ هو فساد، ووضع موظف بغير مكانه فساد، وازاحة الكوادر الكفوءة من مراكز أدنى حتى لا يشكلوا خطرا في اخذ المراكز الاعلى فساد، والاغنية الحديثة الهابطة فساد، والاسفاف في التعري على الشاشات فساد، وتلحين كلمات تافهة بلا معنى فساد، وهكذا الى أن أصبح بعض كتاب الادب الردئ الجدد يعتبرون أنفسهم منافسون أكفاء لمركيز شخصيا، والمشكلة أنهم يقبلون في اتحاد الكتاب، ويسموا أدباء بالقوة وطبعا هذا من أجل أن يكسب القائمون على تنسيبهم أصواتهم الانتخابية في الانتاخابات العامة، ويعطونهم أكثر من حقهم، ويروج لهم في ندوات وأطروحات ودراسات ولقاءات، ويبجلون حتى يحتفظ من أدخلهم الى الاتحاد بولائهم له، وبالتالي بأصواتهم الانتخابية الدائمة.

طرف ثالث.... طرف حل

عادة ما تشكل مؤسسات المجتمع المدني، طرفا ثالثا- بعد القطاع الحكومي والقطاع الخاص- مهمته مراقبة أوضاع المجتمع والدولة، وتقييمها وتقديم تقارير تحليلية وحلول رؤوية لتشارك الدراسات الحكومية حول الظواهر الفاسدة والتعاضد لحلها خاصة أن مؤسسات المجتمع المدني تعتبر الرديف الرئيسي للؤسسات الحكومية وعلى عاتقها تقع مسؤولية نهضوية للمجتمع بأكمله، لكن ما ظهر من هذه المؤسسات في سورية كان في فئتين رئيسيتين الاولى جمعيات حصلت على ترخيص عملها من وزارة الشؤون الاجتماعية وهذه الفئة من الجمعيات غلب على اختصاصاتها الطابع الخيري أو كل ما له علاقة بالطفولة والامومة والامراض مثل الجمعيات التي رخصت مؤخرا للعناية بمرضى السرطان، أما الفئة الثانية من هذه الجمعيات فلم تحصل على ترخيص ولم تختص الا بحقوق الانسان، وجل اهتمامها كان رصد انتهاكات السلطة للحقوق السياسية لفئات محدودة من المواطنين، وبالتالي وفي كلا الفئتين لم تصل في عملها الى المؤسساتية فأخذت طابعا شخصيا تمحور حول القائمين عليها، الأمر الذي حال دون وعيها الكافي لحقيقة مسؤوليتها ودورها الرقابي والتصحيحي والتشاركي مع المؤسسات الاخرى للوصول الى النتائج المرجوة من عملها.
المهندس حمد نصر في محاولة للتوصل الى إلغاء هذه الثقافة العامة التي تقبل المتفشي في مجتمعنا يتساءل: (( لماذا لا نؤسس جمعية مهمتها محاربة الفساد على مبدأ جمعية حماية المستهلك وليكن اسمها جمعية حماية المجتمع اوجمعية محاربة الفساد، ولتأخذ دورها كما يجب، في محاولة توعية المجتمع على ضرورة الوقوف بوجه الفاسدين وإقصاءهم ليعرفوا أنهم يدفعون اجتماعيا ثمن أفعالهم.))
أما المحامي عارف حمزة فيمسك بطرف خيط عله يوصلنا الى طريق القضاء على هذا الفساد الذي اعتبره حالة راهنة مقيمة يقول : (( اذا سألت َ الفساد يوما ًما، كيف نقضي عليك ستدمع عيناه من الضحك، ولكن محاربة الفساد تكون عادة، بإعادة الهيبة للقانون ومؤسسات الدولة و المواطن، وبالتالي ستعود ثقة المواطن بالقانون وعندها لن يقبل الفساد ولن يحترم الفاسدين، لأنه ببساطة لم يعد يخشى نفوذهم.))
وفي حل أكيد رآه الدكتور حسين القاضي: (( نحن نحتاج الى ليبرالية جديدة حتى نستطيع القضاء على الفساد بانواعه، وليست ليبرالية ايديوليوجية فقط، بل ليبرالية فكرية وليبرالية ثقافية وليبرالية اجتماعية أيضا ، ولا نظن أننا نحارب الفساد ببناء جيل على قيم جديدة مناهضة للفساد لأن هذه الشريحة نفسها ستفسد مع الزمن طالما هناك فاسدين،إذن فلنبدأ بازاحة الفاسدين من أماكنهم دون خوف.))
الاسرة، المدرسة، مجتمع نظيف......

المهندسة رضوى ناعمة تجد أن الخطوة الاولى لبناء مجتمع يرفض الفساد تبدأ من الاسرة والتربية التي تزرع الرادع ا؟لأخلاقي لدى أبناءها بعدم قبولهم للفساد كحالة، وتشجعهم لعدم الخوف من مجابهة الفاسدين وعدم التعامل معهم أو تقبلهم، فلا بد أن تمحى كلمة ما دخلنا من قاموس اسرنا لأن التربية هي الاساس ويدعمها المناهج المدرسية المتكاملة منذ سنوات الدراسة الاولى الى المراحل التعليمية المتقدمة والتي تركز على قيم الخير والشر والصح والخطأ، وسيادة القانون وتوجه الجيل الى رفض كل ما هو خاطئ من قيم ومبادئ واستبداله بالقيم الجيدة التي نريد زرعها في المجتمع.
أما الدكتور محمد وضاح حجار فيقول في محاولة وصوله الى بداية للحل : ((السلوك الإنساني هو نتيجة تدريب تتدخل فيه العائلة والمجتمع والذي يجعل من الفرد ضعيفا أمام الفساد أننا نعيش في مجتمع يؤمن بعقيدة القطيع، فالأهل دائما يركزون في تربيتهم على تجنب الأولاد الدخول في صراعات وحتى على صعيد الأسرة وداخل المنزل يكون الأب غير قابل للنقاش فهو وبنحو غير مباشر يدريب أبناءه على الصمت، فغدا الفرد يعتقد أنه لا يستطيع أن يصل إلى حقه بطريقة مقبولة والتي هي أساس تقبل الفساد فالفرد الصالح لا يستطيع الحفاظ على حقوقه أما الفرد السيئ يستطيع تحصيلها والحفاظ عليها قد ينتبه المجتمع لهذا الخلل ولكن ذلك قد يحتاج إلى وقت طويل لتقويمه ولا بد أن تكون المؤسسات والأفراد متنبهين ومتيقنين بأهمية التغير الذي سيطرأ ومستعدين إذا لاحت بوادر النية الصادقة، فالمعتقدات والسلوك هو نتيجة لتدريب نتيجته تكون في تبني الإنسان لمعتقدات وأفكار التدريب- الافكار الجديدة- هو من يجعل الإنسان يتقبل أفكار ويدمن عليها، وهذا يوضح ان السلوكيات ما هي الا نتائج تدريب، وبالتالي الحصول على عكس النتائج يحتاج الى تدريب على المدى الطويل أي أننا اليوم نحتاج الى الترويج لثقافة جديدة تحارب ثقافة الفساد والى تدريب نفسي واجتماعي نوعي يمهد الطريق أمام قيم جديدة ترفض الفساد تحل محل القيم المتقبلة للفساد، ولا ننكر أن المسألة تحتاج الى وقت وقد يكون طويلا نوعا ما.))
هذا مجمل عن أراء، شخصت ثقافة الفساد السائدة، وحاولت تشريحها كظاهرة، لتعطينا بدايات لحلول، رأتها معقولة وناجعة، كي تمكننا من استعادة ثقتنا بأنفسنا، لنكون قادرين على امتلاك مستقبلنا ورسمه كما نريد