28‏/04‏/2010

شجرة عيد الأم وهدم الاقصى


اشتريت لوالدتي “شجرة” زُرعت في فلسطين بمناسبة عيد الأم، وكل ما دفعت ثمنه هو شهادة خضراء اللون مكتوب عليها “أهديكِ يا أمي شجرة باسمك تُزرع في فلسطين” من إحدى جمعيات حماية الطبيعة، ولم أعرف صراحةً إن كانت هناك شجرة ستُزرَع بالفعل على أرض فلسطين أم لا، إلا أنني اتخذت من منطق “يِمكن” أساساً لشرائي هذه الهدية.

ارتسمت السعادة على وجه أمي حين قرأت شهادة “مُلكية” شجرة في فلسطين، وسألتني بلهفة: أين الشجرة؟ أين زَرَعوها؟ وهل سأحصل عليها عندما تتحرر فلسطين؟

لا يا أمي لن تحصلي على شجرة حقيقية في فلسطين أبداً، فالخذلان الإسلامي للمقدسات في فلسطين سيتسبب في هدم الأقصى قريباً، ثم ستتحوّل قضية فلسطين من قضية إسلامية إلى قضية عربية قومية وفلسطينية فقط.

أيضاً لا يا أمّي، لا تعوّلي أبداً على القومية العربية، فقد مُحيَت تماماً منذ عقود، ولا تعوّلي كثيراً على انتفاضة ثالثة، فالأقصى على شفى حفرة من الإنهيار ولم نشهد إلا انتفاضة إلكترونية خجولة وبعض المظاهرات هنا وهناك.

لا يغمرك الأمل يا أمي على الشباب العربي في كل مكان، فهو مُقيّد وفي حيرة من أمره، ليس يملك إلا الصراخ بصوت خفيف، بعضهم يقفون على الضفة الشرقية ينظرون إلى جبال فلسطين، بينهم وبينها البحر الذي مات من أفعال البشر قديماً وسيجف قهراً من أفعالهم الآن، يقفون ويصرخون من بعيداً “فلسطين”، حتى الصدى لا يردّ عليهم.

أمّي، لو تم هدم الأقصى فلن تصبح قضية فلسطين مهمة للجميع كما كانت، بل ستصبح فقط حرباً بين فلسطين واسرائيل، وهل في فلسطين نملك إلا الحجارة؟ بوركت الحجارة.

عدة مواعيد حددتها إسرائيل والعديد من عمليات الحفر تحت الأقصى قامت بها إسرائيل، وها قد أصبحنا نتشبّع الفكرة، حتى نُدمِنَ عليها وحين يتم هدم الأقصى، سيكون “البنج” الذي فينا قد أتى مفعوله ولن نقوى حتى على الصراخ، فالحرب النفسية التي تقوم بها اسرائيل لا نتقنها نحن، إلا أن نستعملها ضد أنفسنا، وهذا هو الحد المسموح للشعوب.

أمي، آسف ولكنك لن تحصلي على شجرة في فلسطين فاكتبي في وصيتك أن يعتني بها أحفاد أحفاد أحفادك، يقطفون منها الزيتون إن كانت شجرة زيتون أو يلعبون تحت ظلها كرة القدم بسلام آمنين.

سلامٌ يا أقصى وسلامٌ على العرب وكل عام وأنتِ بخير يا أمي

أسامة الرمح

27‏/04‏/2010

ماذا لو حكم الإخوان المسلمون سورية!!؟


02-4-2009
قد يزعم النظام أن زمن الانقلابات ولى، وقد نوافقه على ذلك. لكن هناك طرقا أخرى ما تزال سارية المفعول. فهناك الطريقة "الجورباتشوفية"، التي قاد فيها زعماء الحزب الشيوعي انقلابا ضد سيد الكريملين "جورباتشوف". فاستغل "بوريس يلتسين" الوضع وقام بثورة مضادة أنهت سيطرة الحزب الشيوعي، وتم بعد ذلك تفكيك الاتحاد السوفيتي. كما أن هناك الخلافات التي تعصف بأجنحة النظام، مثلما حصل في العراق عام 1964، حيث استغل "عبد السلام عارف" ـ الذي كان مهمشا ـ خلافات البعثيين الداخلية، فأطاح بحكم حزب البعث. تبقى الطريقة التي لا يمكن التنبؤ بتوقيتها وبما ستؤول إليه الأمور وهي الطريقة التشاوشيسكية، أي ثورة الشعب الجياع الذين انتفضوا ضد حكم الدكتاتور الروماني "تشاوشيسكو"


لو أراد أحدهم وصف سورية كما هي في الواقع، لكان أصدق وصف لها أنها استثناء بين دول المنطقة كلها، ولا نريد أن نعمم بأنها استثناء من دول العالم، فإنه تحصيل حاصل.

فالنظام السوري لا يقبل أن يشاركه أحد في صنع أيٍ من مفردات السياسة السورية، مع أن الشعب السوري شريك كامل الشراكة في كل متعلقات سورية، من أرض ووطن ودولة، لكن النظام الحاكم لا يعترف بذلك. ولو أنه اعترف بالشراكة لأحد غيره في أي من هذه المفردات، لقصر الشراكة على الغُرْم دونَ الغنْم.

المواطن السوري يعرف أين مكمن الداء، وربما يعرف أين يجد الدواء، لكنه حائر، ماذا عليه أن يفعل، وقد همّشه النظام ـ في من همّش ـ عندما نص في دستور "حافظ أسد" لعام1973 في المادة (8) منه: "حزب البعث قائد للدولة والمجتمع".

وإننا إذ نؤكد أنه لا يحق لأي حزب أو جماعة أو تيار أن يدعي أنه يختصر الشعب السوري، أو يحتكر تمثيله، فلعل حزب البعث يكون أبعد التيارات عن إدعاء الحق بتمثيل السوريين. فهو لم يكن من الأحزاب التي قاتلت فرنسا وأرغمتها على الرحيل عن سورية كما هو حال "الحزب الوطني"، وإلى حد ما "حزب الشعب" الذي ورث المناضل "عبد الرحمن الشهبندر".

واستطرادا، فلو ادعى أحد داخل حزب البعث ذلك، فإن "ميشيل عفلق" و"صلاح البيطار" اللذان أسسا البعث في7 نيسان من عام 1947، أي بعد عام كامل من استقلال سورية، يشهدان أنه لا أحد من البعثيين يحق له ذلك، بعد أن مضى مؤسّسَا الحزب كل لسبيله طريدا من سورية وهي تحت حكم البعث، فاغتيل "البيطار" في فرنسا، ولجأ "عفلق" إلى العراق ومات فيه.

هذه "الفذلكة" الحزبية لم تكن إلا مدخلا إلى أمور أخرى. والأهم منها هو العلاقة المثيرة للجدل بين النظام السوري وجماعة الإخوان المسلمين، خصوصا بعد التطور الدراماتيكي الأخير، وقد جاء على غير القياس عندما علق الإخوان نشاطهم المعارض في 7 كانون الثاني 2009م، متعاطفا مع حركة حماس في تصديها للهجوم البربري الوحشي الذي استهدف اقتلاعها من قبل إسرائيل في هجومها على قطاع غزة، مع أن ما بين الإخوان المسلمين وبين النظام السوري "ما صنع الحداد". لكنه استشعار من الإخوان بأن الخطب أكبر من خصومتهم مع النظام. وكما يقال في المثل: "لاحقين" على الخصومة، إذا لم يرد النظام التحية بمثلها، على الأقل.

هنا أجدني منساقا كي أحرف الحديث باتجاه آخر. يتجاهل قادة النظام، فلا يضعون في حسابهم أنه سيأتي يوم يجدون فيه أنفسهم خارج السلطة. وإذا كانوا يقولون أن نظراءهم من الأنظمة العربية ما زالوا في السلطة، فنحن نقول أنه بقاء مؤقت. بل إن أنظمة غير ديمقراطية أحرص من النظام على السلطة وربما أقدر، قد أطيح بها بصورة أو بأخرى.

قد يزعم النظام أن زمن الانقلابات ولى، وقد نوافقه على ذلك. لكن هناك طرقا أخرى ما تزال سارية المفعول. فهناك الطريقة "الجورباتشوفية"، التي قاد فيها زعماء الحزب الشيوعي انقلابا ضد سيد الكريملين "جورباتشوف". فاستغل "بوريس يلتسين" الوضع وقام بثورة مضادة أنهت سيطرة الحزب الشيوعي، وتم بعد ذلك تفكيك الاتحاد السوفيتي. كما أن هناك الخلافات التي تعصف بأجنحة النظام، مثلما حصل في العراق عام 1964، حيث استغل "عبد السلام عارف" ـ الذي كان مهمشا ـ خلافات البعثيين الداخلية، فأطاح بحكم حزب البعث.

تبقى الطريقة التي لا يمكن التنبؤ بتوقيتها وبما ستؤول إليه الأمور وهي الطريقة التشاوشيسكية أي ثورة الشعب الجياع الذين انتفضوا ضد حكم الدكتاتور الروماني "تشاوشيسكو" حتى لم يجد أحداً له عليه يدٌ ومنّة، يرضى أن يؤويه ويحميه، مع أنه كان يمسك رومانيا بيد من حديد.

إذا كنا نعتقد أن الإخوان المسلمين لا يفكرون بالوثوب إلى السلطة كما يفعل كل الانقلابيين في سورية وفي غيرها قديما وحديثا، لأنهم يؤمنون أن الحل الانقلابي لا يأتي بخير، "ومن يأتي بانقلاب يذهب بانقلاب".

لكن ما لا يمكن التنبؤ به حصول فراغ في السلطة في سورية بطريقة أو بأخرى، فيجد الإخوان المسلمون أنفسهم، أيضا بطريقة أو بأخرى، وجها لوجه مع استحقاق السلطة، عن طريق صناديق الاقتراع أو بأية طريقة ديمقراطية أخرى، لوحدهم في السلطة أو مؤتلفين مع غيرهم، فماذا يتوقع البعثيون حينئذ من الإخوان؟ بل ماذا يتوقع رموز النظام الذين أحيط بهم، فلم تسعفهم الظروف أن يغادروا؟

يحكى أن مدينة كانت تولي السلطة فيها زعيما لمدة خمس سنوات، ثم تنفيه بعدها إلى صحراء منقطعة، ليس فيها طير يطير ولا وحش يسير. ومرة جاء الدور على رجل حكيم أرغم على تسلم الحكم. ويوم انتهى زمن ولايته الإجبارية، أُخِذ إلى تلك البقعة المنقطعة، ليفاجأ الجميع أن المفازة المهلكة وقد تحولت جناتٍ وينابيع. هذا الرجل الحكيم لم يضع مدة ولايته بالملذات، فقد استأجر العمال من مدن أخرى بالأموال التي كانت تجري بين يديه، حتى إذا ما انتهت ولايته في الحكم وجد ما قدم حاضرا ليوم بؤسه. هذه الموعظة يعرفها الحكام العرب لكنهم لا يعملون بها، فيلجؤون إلى التسويف، حتى إذا أخذهم الاستحقاق ندموا "ولات ساعة مندم".

صحيح أن الإخوان المسلمين عندما قدموا مبادرتهم بتعليق نشاطهم المعارض كانوا يشدون من أزر إخوانهم في حماس. لكن الصحيح أيضا أنهم تقدموا بتحية إلى النظام، وكان الأولى أن يرد النظام على التحية بأحسن منها أو بمثلها.

أمام الرئيس بشار أسد الآن فرصة سانحة لا يستطيع أن يلومه فيها أحد من البطانة الذين يحسبون أن الأمر مستتب لهم. وتتلخص الفرصة بأن يلغي الرئيس القانون 49 لعام 1980، الذي يحكم بالإعدام على مجرد الانتماء للإخوان المسلمين. وأن يعلن العفو العام الذي ينبغي أن يشمل جميع المعارضين إسلاميين وغير إسلاميين. هذه المبادرة كافية لكي تضمد جراح عشرات آلاف الأسر التي يعيش نصفها خارج سورية، وباقي أفرادها في الداخل.

ويبقى السؤال: ماذا لوحكم الإخوان المسلمون سورية؟ ما لاشك فيه أن الإخوان المسلمين بشر قد تتنازع بعضهم نوازع الانتقام. لكنهم في نهاية الأمر لا يستطيعون القفز فوق أحكام الشريعة التي تفرض عليهم أن يعدلوا، قال تعالى: (... ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى ... المائدة الآية 8). وغاية ما في الأمر أن يقدم من تجاوز وظلم إلى القضاء المدني، حتى ينال كل إنسان جزاءه.

البعض قد يظن أن هذا نوع من الخيال، أو أحلام اليقظة، وأن الأنظمة راسخة في الحكم كما رسخت في الراحتين الأصابع. وهذا هو محض هراء، فلو دامت لغيرهم ما وصلت إليهم.

ملاحظة: هذه الأمور تنطبق تماما على النظام في مصر، ويكفي استبدال مصر بسورية أينما وردت، والحزب الوطني بحزب البعث، والرئيس حسني مبارك بالرئيس بشار أسد.

"معتقلون" خارج المعتقل: ماذا بعد الاعتقال السياسي في سورية؟

ينهج النظام السوري أساليب قاسية في تعامله مع معارضيه ومن يخالفونه الرأي. وتذكر تقارير منظمات حقوق الإنسان في سورية وخارجها عشرات الأمثلة عن اعتقالات طالت كتّاباً وصحافيين ومثقّفين ونشطاء سياسيين ومواطنين عاديّين، لأسباب تتعلّق باختلاف آرائهم، قضوا على أثرها فترات طويلة في السجون، تجاوزت أحياناً ربع قرن من الزمن، وتعرّضوا خلالها لألوان مختلفة من أساليب تعامل مخالفة للقوانين وحقوق الإنسان، التي أقرّتها القوانين والأعراف السورية والدولية.
حاور مراسل "سكايز" في دمشق أربعة سجناء سياسيين سوريين سابقين، رفضوا الإفصاح عن أسمائهم لأسباب وصفوها بـ"الأمنية"، وطرح عدداً من الأسئلة تتعلّق بكيفية كسبهم لمعيشتهم في ظلّ حصار أمنيّ واقتصاديّ تفرضه عليهم السلطات السورية، وكيفيّة تقبّل المجتمع السوري لهم باعتبارهم معتقلين سياسيين سابقين، وما هي تطلّعاتهم نحو المستقبل وبأيّ عين ينظرون إليه؟ وكانت إجاباتهم:
لا تنتهي معاناة هؤلاء المعتقلين بخروجهم من السجن، ويجمع كلهم على أنّ "معاناة من نوع آخر تبدأ بعد الإفراج لا تقلّ قسوة وظلماً عمّا نعيشه داخل السجن". ويصل مجموع ما قضاه السجناء الأربعة في السجون السورية إلى 39 عاماً، حيث أمضوا على التوالي: 7 سنوات للأوّل و6 سنوات للثاني و15 سنة للثالث و11 سنة للرابع. ويمكن القول إنهم جميعاً تنقّلوا في كلّ فروع التحقيق الأمنية ومرّوا على معظم السجون السورية الشهيرة: المزّة، تدمر، فرع فلسطين، صيدنايا، وصولاً إلى سجن عدرا المركزي في دمشق. وإلى جانب تجربة السجن المشتركة، جُرّدوا جميعاً من الحقوق المدنية، الأمر الذي وضع حاجزاً كبيراً أمام ممارستهم لحقوقهم وواجباتهم كمواطنين سوريين بعيد الإفراج عنهم.
العامل الاقتصادي
يكاد تدنّي الدخل الفردي وسوء الأحوال الاقتصادية في بلدٍ مثل سورية يكون القاسم المشترك، ليس بين المعتقلين المفرج عنهم فحسب، إنّما مع الشريحة الأكبر من المجتمع السوري. تصبح الأزمة مركّبة وأكثر تعقيداً في الحالات التي نرصدها، فمع التجريد المدني الذي يلاقيه هؤلاء المعتقلين بعد خروجهم من السجون، تغدو الحياة صعبة من دون عمل ودخل ثابت، فهو ممنوع من أداء وظيفة، ويعاني عدم تقبّل المجتمع له وخوفه منه.
خليل، أحد المعتقلين الذين حاورهم مراسل سكايز "يحمل إجازة في الآداب قسم اللغة الانكليزية من جامعة دمشق، أولاده أصبحوا شباباً خلال تواجده في السجن، كان يعمل في الدروس الخصوصية وموظّفاً لدى إحدى دوائر الدولة قبل اعتقاله. يقول: "خرجت من سجني بعد 15 سنة محطّماً، لم أستطع العودة إلى عملي السابق، حاولت بعد فترة من خروجي ممارسة مهنتي الخاصة السابقة، إعطاء دروس خصوصية لكني فشلت، فالناس لا تجازف مع واحد مثلي، يمنعهم الخوف من التعامل معي، كذلك بعد هذه السنين الطويلة في السجن لا يوجد ثقة بقدرتي وتمكنّي من إعطاء الدروس". أما حسن فيقول: "وضعي لا بأس به مقارنة مع رفاقي، يمتلك والدي محلاً للبقالة، صِرتُ أدوام فيه، أبيع بعض المواد الاستهلاكية التي تدر علي دخلاً لا بأس به"، هو أيضاً مدرّس سابق لمادة الفلسفة.
كان أسعد في السنة الثالثة في كلية الحقوق جامعة حلب عندما اعتُقل، لم يستطع بعد خروجه معاودة الدراسة بسبب فصله من الجامعة. يقول: "اعتمدت على أهلي كثيراً لشقّ دربي في الحياة، أعمل الآن عاملاً مياوماً في أحد أقنية الريّ براتب شهري لا يتجاوز الـ6000 ليرة سورية (أكثر قليلاً من 100 دولار) وهذا مبلغ يكفي بالكاد متطلّبات الحياة الكثيرة والملحّة.
أما أحمد فتزيد هويّته الكردية من الأعباء التي يرتّبها عليه الاعتقال: "أنا أزمتي مضاعفة، فالصدّ والرفض يترصدّاني كيفما توجّهت". سبع سنوات في السجن خرج أحمد بعدها مصمّماً على استرداد الحياة، "استطعت إلى حدٍّ ما أن أقف على قدمي، فتزوّجت وأنشأت أسرة وماشي الحال".
لا يقتصر أثر العامل الاقتصادي على شحّ الموارد فقط، بل يتخطّاها ليدخل في نسيج العلاقة الأسرية، بين المعتقل السابق وزوجته من جهة، وبينه وبين أولاده من جهة أخرى. ففي حين اعتادت الزوجة في الغياب القسري للزوج أن تكون ركيزة البيت الاقتصادية ومرجع القرار داخل الأسرة، يجد الزوج، العائد حديثاً إلى أسرته، أنّ "خدماته" المادّية باتت ثانوية، ما يخلق خللاً في العلاقة مع نفسه أولاً، ينعكس على الأسرة ككلّ، بدأ بمحاولات فرض السلطة مجدداً على الأولاد، وصولاً إلى استرداد ربوبية الأسرة، كما هو متعارف عليه في أسرنا الشرقية. ويعترف ثلاثة من المعتقلين الأربعة أنّ خلافات كثيرة حدثت ضمن أسرهم لأسباب مماثلة.
التكيّف والمحيط الاجتماعي ومشاكل أخرى
يواجه السجين السياسي بعد الإفراج عنه صعوبات جمّة، من ضمنها عدم تقبّل المحيط الاجتماعي للتجربة التي عاشها. يقول خليل: "أكثر ما يؤلمني سؤال يصادفني كيفما توجّهت (شو استفدت من سجنك ولماذا فعلت بنفسك ما فعلت؟)". أما حسن فيقول: "أجد صعوبة في التكيّف مع الواجبات الاجتماعية وخصوصاً في العلاقة الزوجية والمجاملات الاجتماعية بشكل عام".
ويخشى أسعد ردّة فعل الجيران على كونه معتقلاً سابقاً، يقول: "لا تستطيع ذكر موضوع اعتقالك أمام الجيران أو في مكان العمل بسبب تخوّفهم من تبعات العلاقة معك إذا ما عرفوا بالأمر"، إذ تفضّل غالبية الناس التعاطي بحذر مع معتقل سياسي قد يثير الشبهات حول من يتعامل معهم، أو يقرّب منهم رجال الأمن، فيطبّقون المثل القائل "خير الدواء الكي"، ويقطعون العلاقة معه كلياً.
يتذكّر الأربعة قصصاً لرفاق لهم في السجون، عانوا بسبب الاعتقال من علاقات اجتماعية فاشلة أو متعثّرة، فكثر منهم فقدوا أسرهم بسبب الطلاق الذي كان الحلّ الأسهل والأنسب في معظم الأحيان، لزوجات لاقين التضييق في المجتمع، واعتقلنّ وهنّ أحرار داخل نظرات الناس المريبة، والحذر الدائم من التعامل معهن. قصص حب معظمها فاشلة، يسردها المعتقلون السابقون، وعلاقات أسريّة متوتّرة تنتهي غالباً بالانفصال.
ويتّفق الأربعة على أنّ العلاقات الاجتماعية أضحت صعبة والطابع الاستهلاكي هو من يتحكّم بها، تطرح تساؤلات لدى هؤلاء عن المتغيّرات الكثيرة التي طرأت على المجتمع أثناء سنوات الغياب، ويختم أحمد: "من الصعوبة بمكان التعامل بالقيم ذاتها التي من أجلها اعتُقلت".
التجريد المدني
يرى أحد الحقوقيين السوريين الذي فضل عدم الإفصاح عن اسمه أنّ "التجريد المدني هو عقوبة ماسّة بالشرف والاعتبار تنطوي على حرمان المحكوم عليه بها من التمتُّع ببعض الحقوق التي تؤثّر على مركزه الأدبي والاقتصادي، ويحكم بالتجريد المدني في الجرائم السياسية ذات الوصف الجنائي كعقوبة أصلية، كما يحكم به كعقوبة فرعية ملازمة للعقوبات الجنائية عامة، ويستمرّ مفعوله حتى السنة العاشرة على تنفيذ العقوبة الأصلية. مع الإشارة إلى أنّ إعادة الاعتبار القضائية تتطلّب انقضاء مهلة سبع سنوات على الجناية وثلاث على الجنحة تبدأ من تاريخ الإفراج عن المحكوم عليه". ويضيف أنّ "التجريد المدني يستوجب العزل والإقصاء عن جميع الوظائف والخدمات العامّة والحرمان من معاش الدولة والعزل والإقصاء عن جميع الوظائف والخدمات، والحرمان من حقّ تولي مدرسة وأيّة مهمّة في التعليم العام أو الخاص... الخ".
يتابع الحقوقي السوري: يُراد من "التجريد" الحرمان والإيلام لأنّه يعني عدم ثقة المجتمع، فمن سيناله، يسُجّل عليه أنّه أدنى من سواه في القيمة الاجتماعية، ثم أنّ تضييق دائرة نشاطه تحول بينه وبين استقلال إمكاناته فتقلّل تبعاً لذلك مما قد يجنيه من كسب مادي أو معنوي".
وفقهاء القانون، ودائماً بحسب الحقوقي السوري، ينتقدون الآثار المؤذية للتجريد المدني حيث أنّه لا يساعد على إصلاح المحكوم، على الرغم من أن الجريمة السياسية بالمفهوم القانوني تعتبر سبباً في منح المعتقل ظروفاً أفضل من نظيره المسجون لأسباب جنائية أو مدنيّة في معظم قوانين العالم.
ويتابع: "رغم أنّ معظم حالات الاعتقال السياسي في سورية، إن لم نقل كلّها، تتمّ بدوافع وأسباب أمنية ولا ينطبق عليها وصف الجريمة السياسية حيث تقوم على انتهاك الحقوق والحرّيات للمواطن، والمعتقل السياسي أساساً يدفع الضريبة بالسجن".
* الأسماء الواردة في النص مستعارة، بسبب تعذّر ذكر الأصلية لأسباب "أمنية".

علي صدر الدين البيانوني: الإسلاميون والعلمانيون خارج معادلة النظام السوري





علي عبدالعال - الإسلاميون.نت

من خلال رسالة كتبها علي صدر الدين البيانوني المراقب العام لـ"الإخوان المسلمين" في سوريا إلى عدد من الأحزاب الإسلامية وتنظيمات الإخوان في أقطار عربية يدعوهم فيها إلى مقاطعة مؤتمر الأحزاب العربية المقرر عقده في دمشق (10 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري)، أعلنت الحركة انهيار الهدنة التي كانت قائمة بينها وبين نظام الأسد في دمشق على خلفية أحداث غزة، ورأت في إعلانها أنه من غير المناسب عقد مؤتمر الأحزاب في سوريا، خاصة أنه غير مصرح بإقامة أحزاب فيها.

وبينما أكد الإخوان السوريون دعمهم وتأييدهم لحق إخوانهم في فلسطين والعراق "أن يستفيدوا في سوريا من المفارقات السياسية لخدمة مشروعهم وقضيتهم"، فإنهم قالوا في الوقت نفسه إنهم ينظرون "بألم بالغ لأي علاقة بين النظام السوري وأي تنظيم إخواني أو إسلامي أو أي شخصية إسلامية"، دون مراعاة لأوضاع إخوانهم المضطهدين في سوريا.

وفي محاولة لفهم تفاصيل وأبعاد هذه القضية وموقف الجماعة منها اتصل "الإسلاميون.نت" بالمراقب العام لإخوان سوريا، المقيم بمنفاه في بريطانيا، وطرح عليه هذه الأسئلة:

* هل حقاً انهارت الهدنة التي كنتم أعلنتموها من جانب واحد بينكم وبين النظام السوري؟

- في الحقيقة إن الحديث عن هدنة أمر مبالغ فيه، حقيقة الأمر أن جماعتنا في ظروف الحرب العدوانية الإسرائيلية الوحشية على غزة، ومن خلال رؤيتنا وقراءتنا للمخططات الدولية، ومحاولات فرضها على المنطقة.. ارتأت تعليق أنشطتها المعارضة للنظام السوري، وطالبت النظام في المقابل بالمصالحة مع شعبه، توفيراً للأسباب الضرورية اللازمة لتحرير الأرض المحتلة، ومواجهة العدوان الصهيوني، ولدعم صمود أهلنا في فلسطين.

نعتقد أن هذه الظروف والمخططات المريبة ما تزال قائمة، وقد تتكشف أبعادها في المستقبل القريب، وموقف جماعتنا ألا تكون معيناً على إنفاذ هذه المخططات، وألا تعطي ذريعة للمنخرطين فيها، هذا موقف مبدئي نتمسك به.

وإخواننا في الأقطار الإسلامية ليسوا بعيدين عن هذه الرؤية، والرسالة التي تم توجيهها إليهم إنما كانت على سبيل التذكير والتوضيح.

لم يكن الوضع الداخلي في سوريا غائباً عن رؤيتنا عند اتخاذ قرار تعليق الأنشطة، لكننا نؤكد أن عوامل إستراتيجية مهمة كانت وراء اتخاذ القرار، ومنها رؤية ومواقف إخواننا المقصودين بالرسالة محل التعليق.. كانت الرسالة خاصة، ولم يكن المقصود أن تصل إلى الإعلام، ربما حصل سوء فهم لدى بعض الإخوان أدى إلى نشرها، وأعتقد أن من الطبيعي أن يكون هناك تنسيق بين التنظيمات القطرية في مثل هذه القضايا، وسواء كانت الرسالة سياسية أو إعلامية فإنها في اعتقادي لا تشكل خرقاً لقرار تعليق الأنشطة المعارضة الذي لا يزال هو الموقف المعتمد في الجماعة.

* هل تجاهل نظام الأسد للمبادرة يشي بضعف إخوان سوريا؟ بمعنى أن النظام لا يخشى جانبهم ومن ثم لا يرى حاجة للتفاوض معهم أو النظر في مطالبهم؟

- هذا تبسيط شديد للقضية السورية.. إن مجرد طرح القضية على أنها بين النظام والجماعة فيه ابتعاد عن واقع الحال، وخروج على مقتضيات القراءة الاستراتيجية للأوضاع في سوريا.. نعتقد أن لقياس الضعف والقوة معايير أخرى.

كانت هناك عبر التاريخ القديم والحديث أنظمة وأحزاب شمولية كثيرة، وكانت هناك شعوب تطالب بالحرية.. الدكتاتوريات كانت دائماً هي التي تذهب، والشعوب هي التي تبقى، هذه هي القراءة الواقعية، الشعب السوري اليوم وفيهم الإسلاميون والعلمانيون والعرب والأكراد.. كلهم خارج معادلة النظام.

لا شك أن خياراتنا ليست سهلة مع موقفنا المبدئي الرافض للخيار الخارجي تحت أي عنوان أو ذريعة، وهذا موقف إستراتيجي قد يحد من مجال حركتنا ومواقفنا التكتيكية، لكننا مصرون على التمسك به، ومستعدون لدفع ثمنه.

المستبدون أمام خيارين (إما اعتدلت وإما اعتزلت).

* ما هي الخيارات المتاحة في هذه الفترة أمام الجماعة لمواجهة ما ترونه تعنتاً من النظام؟

- قلت إن خياراتنا الإستراتيجية واضحة ومستقرة، ونحن متمسكون بها، وماضون بها إلى غايتها، أما خياراتنا المرحلية فهي رغم صعوبتها متعددة ومفتوحة، وربما لا يكون من المصلحة الإفصاح عنها إلا في وقتها.. تقول العرب: عند الصباح يحمد القوم السرى، أو يسفر الصبح لذي عينين، لقد راهن الغرب على أنظمة الاستبداد أكثر من قرن، وكانت شعوبنا خارجة من لجج الأمية والجهل، واليوم وهم يقررون استئناف المراهنة بأساليب جديدة، ينسون أن الشعوب تتقدم، وتسير حثيثاً نحو التحرر، أما المستبدون أنفسهم فسيحاصرهم قريباً خيار (إما اعتدلت وإما اعتزلت)؛ لأن حركة الشعوب نامية، وتسير في الاتجاه المعاكس لحركتهم.

مرة أخرى أؤكد أنه لا يجوز أن نفكر في إطار حزب أو تنظيم أو حتى معارضة.. بل يجب أن نفكر في إطار الشعب وفي إطار الأمة، وأن نبني خياراتنا على هذا الأساس، موقنين أن الله الذي هو فوق الجميع، وهو الملك الحق، وهو العدل السلام.. هو معنا، كما أن حركة التاريخ هي أيضا معنا.

* لكن ما الفائدة التي قد تعود عليكم بعد أن يقاطع الإسلاميون مؤتمر دمشق للأحزاب العربية؟

- قلت إن الرسالة كانت سياسية بالدرجة الأولى، وكان المقصود منها التذكير.. المطلوب من السياسي أن يكون حاضراً، وإذا كان ثمة حضور سياسي للأحزاب العربية في دمشق فالمفترض أن نكون نحن وجميع الأحزاب السورية حاضرين في هذا المؤتمر، بل من المنظمين فيه والمستقبلين.. هذه حقيقة لابد من التذكير بها.

من المتوقع أن تتفاوت تقديرات التنظيمات الإسلامية في الأقطار، فيقاطع بعضها المؤتمر، ويحضر بعضها الآخر، وستكون في أذهان الحاضرين بعض الحقائق عن الوضع الداخلي في سوريا، وبالمناسبة -وفي السياق نفسه- كنا ننوي أن نوجه كتاباً مفتوحاً إلى الأمانة العامة للمؤتمر والمؤتمرين، نؤكد فيه وجودنا ونشرح وجهة نظرنا، هذه هي طبيعة العمل السياسي، إذا رجعت إلى صيغة الرسالة تجدنا نقول: (إننا ننظر بألم بالغ) إلى كل علاقة مع النظام السوري لا تراعي أوضاع المضطهدين ومعاناتهم.. ولم نقل: (إننا ننظر باستنكار) مثلاً، ربما يكون الركود السياسي العام في المنطقة، هو الذي ضخم من وقع الرسالة التي تسربت إلى الإعلام، وربما أراد البعض أن يحملها أكثر مما تحتمل.

* هل تواصلتم بشكل مباشر مع الجهات الإسلامية بهذا الشأن؟

- إن العلاقة بين التنظيمات الإخوانية القطرية هي علاقة تشاور وتنسيق لا أكثر، والواقعة التي بين أيدينا تؤكد ذلك.. إن المفارقات القطرية ترخي بظلالها على الموقف العام، فالظروف القطرية والتنظيمية لا تسمح بأكثر من ذلك، مشاكل العراق مثلاً أكثر تعقيداً، والوضع في لبنان البلد الصغير قد يصعب فهمه في مدينة مليونية مثل القاهرة، ربما يكون الأصعب في الموقف العام، اختصار مشاكل الأمة في مشكلة قطرية، وعدم التمييز عند حساب المواقف بين العناوين والمضامين.

* ألم يكن من الجائز أن علاقة النظام السوري بالإخوان في أقطار عربية أخرى عامل من عوامل التهدئة مع إخوان الداخل؟

- أولاً أحب أن أؤكد أنه لا يوجد تنظيم للإخوان في الداخل، لأن القانون ذا الرقم (49/1980) الذي يحكم بالإعدام لمجرد الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين ما يزال نافذاً ومفعلاً، يتناول في تطبيقه أبناء الإخوان وأحفادهم وأصدقاءهم، وكل من يمت بصلة إليهم.. ثم لا شك أن علاقة النظام السوري بالتنظيمات الإخوانية القطرية يمكن أن توضع في الميزان بما لها وما عليها، كما يمكن أن توظف لمصلحة الأطراف التي تثبت حضوراً أفضل.

* تحدثتم في الرسالة عما اعتبرتموه "معاناة أهل السنة" في سوريا فماذا قصدتم؟

الوضع الطائفي في سوريا وضع مزمن، ولدينا في الجماعة مشروع وطني لاحتواء سلبياته، وتمتين اللحمة الوطنية، على أساس دولة المواطنة، التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات، كل المؤشرات تؤكد أن الحالة الطائفية في سوريا تزداد تأزما وتجذراً، لقد كانت الإشارة في الرسالة إلى حقيقة قائمة يدركها كل مواطن سوري، ولا علاقة لها بالمذهب الشيعي الذي لا يتبعه في سوريا إلا نسبة ضئيلة من المواطنين، ولم يكن القصد منها الإثارة أو تقليب المواجع، لقد أكدنا في مشروعنا السياسي المستقبلي -وما زلنا نؤكد- ضرورة تجاوز الحالة الطائفية، وبناء دولة المواطنة التي يتساوى فيها الجميع.

* لكن علاقة جهات إخوانية عديدة جيدة بالنظام الإيراني، كما في حال حركة حماس في فلسطين، بل الجماعة الأم في مصر، وحتى إخوان إيران أنفسهم دائماً ما يدافعون عن طهران.. كيف ترون هذه المفارقة؟

- في العلاقة مع إيران علينا أن نميز بين إيران (الدولة) كوجود حضاري وإسلامي وقوة سياسية وبين إيران كمشروع مذهبي يحاول الهيمنة والتمدد في المجتمعات السنية.. لا أحد في التنظيمات الإسلامية يعادي إيران (الدولة) على الصعيد الأول، ولكن الحديث والخوف يكون دائماً على الصعيد الثاني من مشروع التمدد المذهبي والغزو الثقافي، هناك فريق متعصب في إيران يحاول في هذه الظروف الصعبة أن يدير معركة في المجتمعات الإسلامية.. إن ما تخسره إيران من هذا المشروع هو أكبر بكثير مما تربحه.

09/11/2009 - 11:10 ص

القانون 49 لعام 1980 القاضي بإعدام الإخوان المسلمين

أحال رئيس الجمهوريّة حافظ الأسد في 21/6/1980 إلى مجلس الشعب السوري مشروع قانون بتشديد عقوبة الانتساب إلى جماعة (الإخوان المسلمين) وتخفيض عقوبة من يسلّم نفسه من هؤلاء.
وجرت مناقشة مشروع القانون في مجلس الشعب برئاسة محمود حديد، وجرى التصويت برفع الأيدي، بالأكثريّة، وفيما يلي نص القانون:
أقرّ مجلس الشعب القانون التالي:
المادة 1: يعتبر مجرماً ويعاقب بالإعدام كل منتسب لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين.
المادة 2:
أ ـ يعفى من العقوبة الواردة في هذا القانون أو أي قانون آخر، كلّ منتسب إلى هذه الجماعة، إذا أعلن انسحابه منها خلال شهر واحد من تاريخ نفاذ هذا القانون.
ب ـ يتم إعلان الانسحاب بموجب تصريح خطي يقدم شخصيّاً إلى المحافظ أو السفير لمن هم خارج القطر بتاريخ صدور هذا القانون.
المادة 3 : تخفّض عقوبة الجرائم الجنائيّة التي ارتكبها المنتسب إلى تنظيم جماعة الإخوان المسلمين، قبل نفاذ هذا القانون تحقيقاً لأهداف هذه الجماعة، إذا سلّم نفسه خلال شهر واحد من تاريخ نفاذ هذا القانون لمن هم داخل القطر، وخلال شهرين لمن هم خارجه وفقاً لما يلي:
آ ـ إذا كان الفعل يوجب الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبّدة أو الاعتقال المؤبّد، كانت العقوبة الأشغال الشاقة خمس سنوات على الأكثر.
ب ـ إذا كان الفعل يؤلّف إحدى الجنايات الأخرى كانت العقوبة الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات.
المادة 4: يعفى من عقوبة الجرائم الجنوحيّة المرتكبة قبل نفاذ هذا القانون، تحقيقاً لأهداف تنظيم جماعة الإخوان المسلمين كل منتسب إلى هذه الجماعة إذا سلّم نفسه خلال شهر واحد من تاريخ نفاذ هذا القانون لمن هم داخل القطر، وخلال شهرين لمن هم خارجه.
المادة 5: لا يستفيد من التخفيض والعفو الواردين في هذا القانون الذين هم قيد التوقيف أو المحاكمة.
المادة 6: ينشر هذا القانون في الجريدة الرسميّة، ويعمل به من تاريخ صدوره.
10/06/2009 - 12:32 ص

22‏/04‏/2010

لبنان ساحة صراع إيرانية إسرائيلية ... وسورية تحاول الإفادة


المذكرة التي سربتها اوساط في وزارة الدفاع الى صحيفة «نيويورك تايمز» مطلع هذا الاسبوع، والتي كشفت تحذيرا وجهه وزير الدفاع روبرت غيتس الى البيت الابيض، من مغبة غياب خطة اميركية للتعاطي مع الملف النووي الايراني، كشفت ايضا خوفا ضمنيا لدى واشنطن من امكانية توجيه اسرائيل ضربة لايران.
وتعتبر مصادر مطلعة، ان «مذكرة غيتس ترتبط بالتصعيد بين اسرائيل ولبنان، على خلفية تمرير سورية لصواريخ باليستية الى حزب الله».
ان «فتيل التوتر الوحيد حاليا في المنطقة»، يقول مسؤول اميركي رفيع المستوى، «هو سعي ايران الى انتاج اسلحة نووية». كل «الصراعات الاخرى في الشرق الاوسط، ترتبط بالمواجهة الضمنية بين ايران واسرائيل، التي تعتبر ان العالم بمن فيه حليفتها الاساسية الولايات المتحدة تخلى عنها، في مواجهة ما تعتبره خطرا وجوديا يتهددها اذا ما توصلت ايران الى انتاج القنبلة».
وتلفت المصادر الى ان اهم ما ورد في مذكرة غيتس كان مطالبته بوضع استراتيجية اميركية لمواجهة الملف النووي الايراني كي «لا يكون هناك اي ارتباك لدى حلفائنا واعدائنا»، وكي ترسل الاستعدادات الاميركية رسالة واضحة مفادها بأن «الولايات المتحدة مستعدة لمواجهة اي شيء قد يطرأ (في الملف النووي الايراني) للدفاع عن مصالحها».
مصادر عربية رفيعة المستوى، زارت العاصمة الاميركية اخيرا، ابدت خشيتها من «امكانية اندلاع حرب بين اسرائيل وحزب الله»، قبل ان تظهر تقارير ترجح تمرير سورية لصواريخ «سكود د» الى الحزب اللبناني. وتقول ان لديها «معلومات» تشير الى ان الاثنين، اسرائيل وايران، تحتاجان الى حرب في لبنان.
اسرائيل، حسب المصادر العربية، «تعتبر ان في حال فشل العالم في منع ايران من حيازة تكنولوجيا عسكرية نووية، وفي حال اضطرت تل ابيب الى توجيه ضربة الى المنشآت النووية الايرانية، فإن الشرط السابق لاي ضربة سيكون التخلص من قدرات حزب الله، الذي كرر مسؤولوه ضمنيا نيتهم الرد على ضربات تطاول ايران».
اما ايران، تضيف المصادر، «فتشعر بنوع من العزلة الدولية المتنامية، مع اقتراب روسيا والصين من الموقف الاميركي، وتشعر بضرورة شغل انتباه العالم وكسب الوقت». وتضيف: «لا شك ان حربا في لبنان تسرق الاضواء بعيدا عن ملف ايران النووي... اما اذا ما فشلت اسرائيل في القضاء على قدرات حزب الله، فان ذلك سيعيقها اكثر فاكثر ويبعد خطر احتمال توجيه ضربة اسرائيلية الى ايران».
وسألت «الراي» المصادر العربية عن موقع سورية، التي بدا انها رأس الحربة في المواجهة مع اسرائيل اثر ازمة «السكود»، فاجابت: «دمشق لا تملك قرارها، وقرار تمرير الصواريخ الى حزب الله ليس بيدها انما بيد طهران، ولكن سورية تحاول الايحاء عكس ذلك، مع رغبة لدى القيادة السورية في تقديم وعود في الشأن اللبناني للمقايضة على ملفات اخرى عالقة بين سورية والمجتمع الدولي».
واستدركت: «لكن يبدو ان المجتمع الدولي صار مقتنعا ان لا جدوى في محاباة سورية لابعادها عن ايران فهي لم تف بأي من الوعود التي قطعتها على مدى عام ونصف العام المنصرم».

14‏/04‏/2010

أضخم تحرك ضد النظام السوري .. يوم السابع عشر من نيسان اعتصامات أمام سبع سفارات سورية


في عواصم غربية.. ومعتقلو سجن عدرا يتضامنون بصيام ذلك اليوم ..

وصفت مصادر المعارضة السورية التحرك الذي تعد له للاعتصام أمام سفارات النظام السوري في سبع عواصم غربية بالتنسيق والتعاون مع منظمة العفو الدولية يوم السابع عشر من نيسان عيد جلاء الاحتلال الفرنسي عن سوريا بأنه الأضخم من نوعه ضد النظام السوري خصوصا وأنه يترافق مع حملة على اليوتيوب كفى صمتا، وكذلك تضامن معتقلي الرأي من قادة إعلان دمشق المعتقلين في سجن عدرا سيء الصيت حيث أعلنوا بحسب المصادر السورية عن صيام ذلك اليوم تضامنا مع المحتجين ..

وعزت المصادر لجوء النظام السوري إلى الإفراج عن ستة وثلاثين شخصا مسجونا للفت الأنظار عن المظاهرات والاعتصامات وإعطاء صورة وانطباع أنه يعمل على تنفيس الاحتقان والإنفراج في سوريا بينما اللافت أنه لم يعلن النظام السوري بنفسه هذه الإفراجات وإنما أعلنتها مصادر حقوقية سورية، بالإضافة إلى أنه لم يُعلم حتى الآن هويات الذين أفرج عنهم ولا أسماءهم ولا فيما إذا كانت محكومياتهم قد انتهت أم لا، وكانت مصادر سورية تحدثت عن أن معظم المفرج عنهم من أصحاب العاهات وأصحاب المرض المزمن ولذا أفرج عنهم النظام السوري ..
ورأى مراقبون ومحللون للشأن السوري أن النظام السوري يواجه كرة ثلج تكبر بشكل حقيقي تتمثل في التحرك أولا وتضامن منظمات حقوقية دولية، بالإضافة إلى إصرار المعارضة السورية على انتزاع حقوقها، ينضاف إلى ذلك الجرأة السورية في التعاطي مع الشأن الداخلي عكسته المقالات والتعليقات على النت وهو ما يخيف ويقلق النظام السوري ..

03‏/04‏/2010

هرباً من بؤس الأسد .... سوريون يُكفنون سوريين بمياه البحر المتوسط


رحلة الوهم إلى اليونان...ثراءٌ من جيوب الفقراء

عندما تكون الهجرة خارج البلاد هي خيار المواطن السوري لتأمين معيشة أفضل, وعندما تكون الهجرة هرباً من بؤس فرضه حاكم البلاد ... فعلى الله السلام. أما أن تكون الهجرة تهريباً مدفوعاً أجرها لصالح أقارب الحاكم ومن ثم يتبعها جريمة قتل من عصابة التهريب والاستيلاء على الأجور المدفوعة وإلقاء الجثث في البحر ... فهذا أمر لم لا يتقبله عقل...

تقوم عصابة الشبيحة التي تقودها أقرباء بشار وأخوه ماهر الأسد في منطقة الساحل السوري بالاحتيال على فقراء شبان الساحل وذلك بالاتفاق مع هؤلاء الشبان الذي قرروا مغادرة بلدهم بسبب البطالة في سوريا... فقراء باعوا أراضيهم لتأمين مبالغ بضعة ألاف من اليورو يدفعونها لعصابة التهريب مقابل تهريبهم من السواحل السورية الى شواطئ قبرص و اليونان على الأمل ببناء حياة جديدة أفضل.

وكانت مصادر إعلام في شهر أوكتوبر الماضي قد أفادت بأن عشرات الشبان السوريين، ومعظمهم من محافظة إدلب (شمال غرب) غرقوا في الآونة الأخيرة في المياه الإقليمية السورية قبالة شاطئ اللاذقية، حيث وجدت جثثهم على الشاطئ مشوهة. وقد تعرف عليهم ذووهم من علامات موجودة على أجسادهم. ويُعتقد بأن هؤلاء الشبان تعرضوا لعملية احتيال من تجار الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، حيث تم إقناعهم عن طريق سمسار من عائلة بكير، وهو من قرية تدعى خان السبلوهو" أن هناك جهة تستطيع إيصالهم إلى شواطئ قبرص للعمل هناك، وذلك مقابل مبلغ مالي يودع عند السمسار ليدفع لتلك الجهة عند وصولهم بأمان. أما الجهة الناقلة فهي جهة "مافيوية من شبيحة اللاذقية من أقارب بشار وماهر الأسد، ويُشك بأنه تم إغراقهم في المياه الإقليمية السورية على بعد 30 كم، ولقد وجد السمسار مقتولاً بطلقات نارية والنقود غير موجودة معه، وذلك لطمس معالم الجريمة".

وكانت منظمة حقوقية قد وجهت نداء للتحقيق في هذا الحادث الشنيع والذي تتستّر عليه السلطات السورية ولاسيما تلك في منطقة الساحل.


إنه فساد عائلة الأسد ....

------ عن سيرياستيبز

ليس من السهل أن تنقل بؤس الشاب يوسف ابن الستة عشر عاماً والذي لايعرف حتى قراءة عقارب الساعة.
ملامح بائسة..فقر يتسرب من ملامحه بلا انقطاع.. خوف قضى على حلم صار من المستحيل.

ثلاثة آلاف يورو ثمن أرض باعها والد يوسف ثمناً لفرصة لم تكتمل كما كل الفرص التي قصدها مئات وربما آلاف الشباب السوريين الذين وقعوا فريسة المهربين وبتعبير أدق تجار الرقيق الأبيض اللاهثين وراء المال وطعمهم هم الشباب العاطل الذي لايحتاج إلا لبارقة أمل ولو كانت كاذبة...كاذبة جداً يتقن اختراعها هؤلاء المهربين الذين يلعبون على القانون وباسم القانون ويظلون بعيداً عن أي عقاب رغم أن الجرائم المحملة في أعناقهم تشتمل أيضاً أرواح ودماء العشرات من السوريين الذين كفنهم البحر الأبيض المتوسط قبل أن يبلغوا الحلم اليوناني.
نعم...في اليونان وكما هو مطلوب منك أن تسمع عن آفاق التعاون التجاري والاستثماري بأجمل صوره...عليك ..بل يتوجب عليك أن تستمع بإصغاء لتفاصيل الحكايات البائسة والتي أبطالها سوريون ومن الطرفين.. تجار الرقيق الذين أسقط المال الرحمة من قلوبهم، والفقراء الذين أسقط المال العقل من رؤوسهم فانصاعوا لخداع المهربين وتجارتهم بالحلم اليوناني بذكاء..

تؤكد السفيرة السورية بأثينا السيدة سعاد الأيوبي: وجود نشاط واسع للمهربين أو كما تصطلح أن تسميهم تجار الرقيق الأبيض وهم أشخاص سوريون يمتهنون الاتجار بحاجات الشباب الفقير والأمي في القرى البعيدة وحيث يلجأون إلى التغرير بهم عبر وعدهم بالسفر إلى اليونان وتأمين فرص عمل يقضون فيها على فقرهم ...المطلوب فقط ..مبلغ يتراوح مابين 2000 إلى 3000 يورو غالباً ما تكون ثمن أرض يتخلون عنها من أجل السفر إلى اليونان وحيث يمكن استرجاع المبلغ المدفوع سريعاً لتبدأ الحكاية المُرّة..
يحجز هؤلاء المهربون على جوزات السفر من أجل ابتزاز أهالي ضحاياهم والحصول على مزيد من المال مقابل إعادتهم أو معرفة أخبارهم بعد أن تكون وعود العمل قد تحطمت وتحولت إلى محاولات يائسة للاستمرار في الحياة لمن يبق على قيد الحياة منهم بعد أن يجدوا أنفسهم مشردين لا مال ولا طعام بل وملاحقين قانونياً لعدم وجود شرعية لتواجدهم على الأراضي اليونانية.

إلا أن المؤلم في الأمر هو في مصير الموت الذي يداهم الكثيرين منهم نتيجة دفعهم إلى البحر من المهربين أنفسهم ليتحولوا إلى جثث بلا هوية..
وتضيف السفيرة الأيوبي التي أنهت مهامها في أثينا قبل أيام أن قضية هؤلاء هي قضية وطنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى ويجب مكافحة ظاهرة تهريب البشر نظراً للمآسي الكبيرة التي تنطوي عليها فبالإضافة إلى ما ذكر أعلاه يلجأ بعض المهربين إلى قذف الشباب إلى مناطق مزروعة بالألغام أو دفعهم للسباحة باتجاه البر...والمصير دائماً واحد.

وأحياناً يلجأ هؤلاء المهربون إلى حجز الجوازات ودفع الشباب بدونها إلى الأراضي اليونانية ويطلبوا منهم أن يدّعوا أنهم فلسطينيين أو أفغان أو عراقيين.
لا تنتهي التفاصيل المؤلمة تقول السفيرة الأيوبي فالمهم هو الالتفات سريعاً إلى هذه الظاهرة الإنسانية المؤلمة التي يذهب ضحيتها مئات الشباب السوري من أجل مصالح فئة قليلة ما زالوا قادرين على أن يكونوا بعيدين عن أعين القانون..داعية إلى تشديد المراقبة والقيام بحملة توعية على مستوى سورية لتنبيه الشباب والأهالي إلى خطورة ما يطرحه البعض من وعود بالسفر والعمل ليس إلى اليونان فحسب وإنما إلى بلدان أخرى فالمهربون يظهرون في صور كثيرة رجال أعمال أصحاب مكاتب تشغيل – وكلاء جامعات – وكلاء شركات ...الخ والهدف واحد دائماً اللعب بمستقبل ومصير الشباب مقابل المال...مال هؤلاء الفقراء.

ونعود إلى اليونان...قبل أيام وجدوا جثة شاب سوري...ربما كان من حسن حظه أن أحداً من أفراد الجالية السورية في اليونان قد تعرف عليها.. ومن حسن الحظ أيضاً أن الجالية أمنت مبلغاً من المال أرسلته مع جثة الشاب في محاولة لتخفيف آلام أهله...ولكن هذه الحالة نادرة لأن أغلب الضحايا لا يتم التعرف إليهم أبداً...ويُكتب على شواهد قبورهم "مجهول الهوية"..وكأن الحلم الذي سعوا إليه كان مجرد تأمين فرصة دفن في الأراضي اليونانية..هذا إذا لم يدفنوا في بطون سمك القرش.
يقول نادر حلبوني: يتفنن المهربون في استغلال الشباب والرجال السوريين بعد الايقاع بهم فحقارتهم لاتقف عند الكذب عليهم وسلب أموالهم التي غالباً ما يكون مصدرها إما بيع أو رهن أرض أو دين...على أمل الرد بعد السفر إلى اليونان بل إنهم يلجأون إلى التفنن في ابتزازهم واحتقارهم إما بحبسهم في غرف تحت الأرض أو نقلهم بسيارات مغلقة غالباً ما يتوفى بعضهم فيها...أو يتركوهم في شواطئ نائية أو يرمون بهم في مناطق الألغام وأقرب حل هو رميهم في البحر...فهل تتخيلون أن هناك سوريون يعاملون سوريين آخرين بهذه الطريقة.

حلبوني وهو رجل مقيم في اليونان يعتقد أن القضية تحتاج لتنسيق من أعلى المستويات نظراً لأبعادها الإنسانية والاجتماعية والأخلاقية...ومعتبراً أن المهربين يسيؤون قبل كل شيء إلى علاقات الدولتين القوية...لذلك لابد من محاربتهم وحصرهم وتشديد الحصار عليهم لمنعهم من الإتجار بالبشر والتسبب في موت الكثيرين بلا أي حساب.
لافتاً إلى أن الكثير من هؤلاء المهربين يظهرون بصور اجتماعية راقية رجال أعمال أحياناً ولا ما نع لديهم من الحديث عن الأخلاق والقيم بعد أن تكون دماء الأبرياء ملأت جيوبهم بالمال بلا أي حساب.

إذاً هي قضية وطنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى...وإن كان القضاء عليها مستحيلاً إلا أنه يمكن تحجيمها والحد منها عبر التوعية أولاً كما قالت السفيرة الأيوبي وثانياً في مراقبة الحدود والتنسيق مع الجهات اليونانية من أجل مراقبة المهربين ومحاولة الوصول إليهم بأي طريقة.
والأمر نطرحه عبر موقعنا على أصحاب القرار آملين ومتمنين أن يأخذ منهم الاهتمام الحقيقي كرمى لأمهات ثكلى وزوجات مازلن ينتظرن عودة آباء أولادهن

01‏/04‏/2010

المشروع الإحلالي الصهيوني ماضٍ إلى غايته.. فأين إرادة الأمة؟

إلى أحرار العالم في كل مكان.. وإلى أبناء أمتنا العربية والإسلامية..

خطوةً بعد خطوة، وإجراءً بعد إجراء، يمضي المشروع الصهيونيّ إلى غايته. المشروع الذي رُسِمَتْ أبعادُه، منذ مؤتمر (بال) في سويسرا. المشروع الذي يرمزُ له الخطان الأزرقان على العلم الصهيونيّ: (الفرات والنيل حدودك يا إسرائيل).

وأمامَ كلّ خطوة يتقدم فيها العدوّ في مشروعه، تقوم حكوماتنا ومؤسّساتنا القومية، الرسمية والمدنية، بالتراجع المموّه بحديث السلام، ومصطلحات: الحكمة، وبعد النظر، وحسن السياسة!.

يا أحرار العالم في كل مكان.. يا أبناء أمتنا العربية المنكوبة..

لفهم حقيقة المـوقف الصهيونيّ، علينا أن نعـودَ إلى أبجديات الصهاينة (المؤسّسين)؛ إلى حديث (غولدا مائير)، يومَ كانت تتنكّرُ لحقيقة وجود الفلسطينيين، وتعتبرُ وجودَ (الفلسطيني) أسطورة التاريخ، ووجود (فلسطين) أسطورة الجغرافيا. هذا الموقف هو التعبير الحقيقيّ عن الرؤية الصهيونية والموقف الصهيوني. وكلّ حديثٍ صهيونيّ خارجَ هذه الحقيقة، إنّما هو أبخرة ملونة، تثيرُ الضباب، وتَغشَى أبصارَ الذين لا يعلمون..

ومع كل صباح، يتقدّم الموقفُ الصهيونيّ خطوة، على طريق قضم الأرض والتراث والإنسان: فجدارٌ وحصارٌ واستيطان، وضمّ واستلحاقٌ وسلخُ هوية، واعتقالٌ وحصارٌ وتجويع. واليومَ يعود الدور إلى سياسات التشريد من جديد..

وها نحن أولاء، اليومَ، أمامَ تهديدٍ بنكبة جديدة!. ها نحن أولاء، اليومَ، أمامَ قرارٍ صهيوني، متغطرس ومستهتر وغاشم.. يقضي باقتلاع أكثرَ من سبعين ألف فلسطينيّ من أرضهم وديارهم!. ولن يضرّ الرئيس (أوباما)، أن يطالب المسئولين العرب، بالمزيد من متطلّبات حسن النية، وبالمزيد من المبادرات، للتعبير عن الحرص على السلام المجيد!

من القمة العربية، حصل نتنياهو على ستة أشهر هدية (زمن معطى)، لتحقيق المزيد من الأهداف، وجني المزيد من الأرباح، ليظلّ القرارُ العربيّ في دوّامة العجز المهين.

يا أحرار العالم في كل مكان .. يا أبناء الأمة العربية والإسلامية..

إن القرار الصهيوني الخطير، بترحيل عشرات الألوف من الفلسطينيين، ستتبعه قرارات!. وسيجدُ الموقفُ العربيّ، كلما غاص أكثر، في بحر الهوان، أنّ هذا البحرَ لا قاعَ له، ولا قرار..

إن قرارَ التطهير العرقي الخطير، بسوابقه ولواحقه المنتظرة.. يفرضُ استحقاقاته على الفلسطينيين ليغادروا ليلَ انقسامهم، وأن يوحّدوا تحت راية المقاومة والرفض صفّهم، وأن يتوقّفوا عن مضغ أحاديث السلام، وعن الحلم بحقّ يعودُ على كفّ التمنّي أو الاسترخاء!. لقد قامت منظمة التحرير الفلسطينية، منذُ عقدين، بتعديل ميثاقها الوطني.. ولكن لم تَجرِ أيّ مراجعة لمقرّرات المؤتمرات الصهيونية. هذا ما يقوله صندوقُ الاقتراع الصهيونيّ، وهذا ما تخدمه، بإخلاص، الحكوماتُ الصهيونية، وهذا ما تعبّرُ عنه السياساتُ الصهيونية، خطوةً بعد خطوة، وصباحاً بعد صباح!.

يفرضُ القرارُ الصهيوني، المستهترُ بالحقوق العربية وبالمبادرة العربية، على الموقف العربيّ والإسلاميّ: على الحكومات، والمؤسّسات المدنية، والجماهير.. استحقاقاً خاصاً، استحقاقاً يتبنّى سياسةً تقول للمعتدي الصهيونيّ: كفى.. سياسةً لا تسحبُ المبادراتِ وتقطعُ العلاقاتِ فقط، وإنّما تعودُ بالقرار العربي إلى عصر اللاءات، وسياسات المقاطعة، والإعداد العمليّ لحسم الشرّ، بما لا ينحسم إلاّ به..

استحقاقٌ يفرضُ على الحكومات العربية، أن تتوقّفَ عن عكس خلافاتها على الموقف الفلسطيني، وأن تتوحّدَ، جميعاً، خلفَ دعم المقاومة، وإعطائها فرصتها التاريخية، والنصرة المطلقة لكلّ من يستعدّ لها حقاً، ويحملُ رايتها بصدقٍ وإخلاص!.

استحقاقٌ يفرضُ على السياسيّ والمثقف، ووسائل الإعلام العربية.. أن يراجعَ كلّ طرفٍ منها، لغته ومصطلحاته وعقيدته القومية وسياساته الإعلامية..

إن جماعة الإخوان المسلمين في سورية، لتدعو الجماهير العربية والإسلامية وقياداتها، أن تأخذَ زمامَ المبادرة، للتصدّي للمخطّطات الصهيونية، وأن تعودَ إلى بؤرة الحدث، لتبحثَ عن دورها التاريخي، وأن تعلمَ أنها إذا تخلّت وخلّت، فإن القادمَ سيمتدّ إلى القاهرة ودمشق وحلب وخيبر.. وإلى كل ما حواه ذراعا الفرات والنيل.

إنّ القرارَ الصهيونيّ الأخير، يتحدّى الشرعيةَ الدولية، والقانونَ الدولي.. يتحدّى الإدارة الأمريكية، كما يتحدّى دولَ الاتحاد الأوروبي. وليس من شأننا أن نعلّمَ هؤلاء، كيف يدافعون عن مقرّراتهم، وعن مكانتهم.. ويتخلّوْن عن سياسة المعايير المزدوجة، لكننا يجبُ أن نُنهيَ إليهم، أن يحذروا، من الظنّ، بأن في حلّ العُقَد على حساب هذه الأمة حلاّ. والله غالبٌ على أمره، ولكنّ أكثرَ الناس لا يعلمون.