إسرائيل ورغم عنصريتها لم تكبح جماح الثقافة الفلسطينية المنفلتة من كل عقال
وانطلاقاً من العنوان أعلاه , سيتبلور الجواب منذ الوهلة الأولى نحو إيران بكل موضوعية وبعيداً من أي تحيز , وخصوصاً إذا ما قارنا وقسنا الأفعال بينهما , فعنصرية إيران ربما كانت أفجع من عنصرية إسرائيل والعنصرية في هذا المقام تعني العرق أولاً , أي تمجيده وتفضيله على ما سواه من أعراق .
والسؤال لماذا تبدو إيران أشد عنصرية من إسرائيل ? أولاً لأن عنصريتها (أي إيران) تدخل في سياق فقهها القائم على التقية الصماء , التي تبطن ما لا تظهر , وتظهر ما لا تبطن , فضحاياها كثر في الداخل والخارج , أما إسرائيل فليست على هذا القدر من الباطنية , فهي تعلن صراحة أنها دولة يهودية , ورغم ذلك تتزايد اعداد الفلسطينيين داخل حدود "48" من الآلاف إلى مئات الآلاف إن لم نقل الملايين , مقارنة بالاحوازيين الذين لم تعد تتسع لهم منافي الغرب .
والبرهان الأول على تفوق عنصرية إيران هو تطبيقها لمبدأ التهجير والترحيل الطوعي أو القسري , أما البرهان الثاني , أن إيران وحتى تطرد تهمة العنصرية عنها تتهم إسرائيل بها كأسلوب وقائي , وتنسى أنها تحتل أراضي عربية, وبالتالي فإن عنصريتها مفروضة عن ما يزيد على ثمانية ملايين احوازي في حين أن إسرائيل لا تزيد عنصريتها على ستة ملايين فلسطيني .
إيران تمارس عنصريتها في الاحواز منذ عام 1925, بينما إسرائيل في عام 1948 , والفرق شاسع من دون شك , فلماذا تتباكى إيران على أطلال فلسطين , وتتهم إسرائيل بالعنصرية , من دون أن تنظر إلى ما حولها من أقوام شكلت بمجموعها هيكل الدولة الإيرانية منذ قديم الأزل .
الموضوعية تقتضي الإشارة إلى أن إسرائيل ورغم عنصريتها لم تكبح جماح الثقافة الفلسطينية المنفلتة من كل عقال , فها هي القدس تغدو عاصمة للثقافة العربية وعلى رؤوس الشهداء , فهل تسمح إيران بأن تغدو المحمرة عاصمة أخرى للثقافة العربية ? هذا عدا عن أن الثقافة الفلسطينية من دون أن ننسى استطاعت خلال الأعوام الستين الماضية من عمر قضيتها أن تؤرخها بمسمياتها لا بأي مسميات أخرى , بينما إيران تضيق عليها الأمور , لدرجة أنها تمنع من هو غير فارسي من التسمي بأسماء خارجة عن قاموسها , وتفرض ثقافتها فرضاً لمن شاء و أبى .
قد يقول قائل , إنه بدأ زمن المقارنات الظالمة بين إيران وإسرائيل , لكننا نقول : أياً اختلفت ألوان الصورة من عين الى اخرى , فإنها تبقى محافظة على سماتها الأصلية (الاحتلال ) التي نادراً ما تتغير سواء بالنسبة لإيران أو إسرائيل , والتي لا يحجبها ضوء الشمس .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق