لم أعرف متى أنتهوا مني.
لكني أعرف أنهم كانوا متفانون في عملهم إلى أبعد الحدود من خلال أبدانهم المرنة ومهاراتهم العالية في التهشيم وأسلوبهم المحكم في قلب الطبائع والاستئثار بالروح وتهميشها.
بعد أن أنتهوا مني تركوني لشأني.. لجراحي العميقة. لم يعد أحدهم يعرني أي أهتمام.
تركوني مرمياً على الأرض تحت أقدامهم.
بعدها.. علمت إنني وحدي أئِنُ.
جنون الألم تسلل إلى حواسي كلها.. فرش زاده على مساحة الأهداب الدموية النافرة من جلدي المشروخ, كان هذا الجنون قريباً مني.. نائماً على فوهة بركان راقد, في لحظة تحفزه العالية, ناشراً القشعريرة الموجعة فوق وسائد الحيرة ومواقد القلب والروح.
لم يبق مني إلا صوت الأنين الممزق الخائر. أنين مبحوح.. مخنوق. أنين رخو وضعيف يخرج بشكل متقطع من حنجرتي بخواء متعرج ناء.
حواسي كلها مشدودة إلى هذا الطيف اليقظ القادم على الوسائد المطوقة بالوجع والألم.
بقيت مسمراً في مكاني كالتائه السكران, لا يعرف ماذا يفعل, ولا يستطيع الحركة والمشي. لم أستطع أن أقف على قدمي. كانت أقدامي في حالة خدرغريبة. تنمل. كأن ملايين من النمل انزلقت بغتة على قدمي, جاءت على شكل أسراب من مكان ما وأستقرت في عقب رجلي. أحسست أن الطبقة السفلة منها لم تعد ملتصوقة بجسدي, كأنها قطعة لحم مفصولة عني.
جلست على مؤخرتي لا أقوى على حمل جسدي. كل شيء فيّ يرتعش. حاولت أن أمسك قدمي لكني لم أحس بها. كانت قواي خائرة تماماً.
لم أكن أدري أن جسدي لديه كل هذا المخزون المخبأ من الألم.. وهذه القدرة على أختزان الوجع ونشره في كل مكان مني
لم أستطع المشي. رحت أزحف على مؤخرتي, منعكفاً مرة داخل روحي المتعبة, وأحبي مرة أخرى, متكئاً على يدي وركبي. أمد إحدى ركبي إلى الأمام مستنداً على راحة كفوف يدي ثم أتبعها بأخرى, بينما أقدامي في الهواء لا اتركها تلامس الارض من كثرة الألم. بهدوء.. قليلاً قليلاً, أمد الخطا على الركب, فتتسلل الرمال الناعمة المذببة إلى جلدي. تتسلل من الأطراف النافرة, لتستقر في طيات جلدي.
في مسيرتي الطويلة, أسمع صوت أنيني كموسيقا مهتوكة الأوصال, مرمياً على بيادرصدئة. صوت يرتطم بالجدارفيرتد علي. أتابع مشواري. الهث واتاوه وأتابع بالرغم عني. أكاد اتقطع من الوجع. تابعت سيري الطويل إلى أن وصلت إلى قرب الجدار. بهدوء.. وهدوء. بهدوء وتأن. رويداً.. رويداً مددت أصابعي المرتجفة على الجدار. فرشتهما ببطء وتركتهما يتعرشوا كشجرة مكسرة القامة, متمايلة الأغصان والفروع. متهالك بتمامه. لكني أريد الوقوف. استندت على الجدار الأخرس, ثم فرشت يدي المرتعشة عليه. في البدء رحت أتحسس قدرتي.. قدرة جسدي على حملي. بدأت ارتقي قليلاً قليلاً في محاولة البقاء واقفاً، لكني لم أستطع. عدت ثانية للجلوس على مؤخرتي أنقب الرمال التي علقت بين, وفي الجراح في عقب قدمي وداخل اللحم المهروس.
أسئلة كثيرة تتوارد في خاطري في تلك اللحظات.. تبقيني في حدود السوداوية والصمت المطبق.
رحت أقول للزمهريروالصدى والهواء:
ـ آه.. يا أماه.
لماذا أنجبت مولودك في بلاد الوجع والخوف.
أية سعادة كان يحملها قلبك بين كفيك حين حلمت بمولود تنتظره المواجع. هل كنت تعرفين أن بلادنا بلادعابرة للمتاهة والسراب.. والقوافل الراحلة. بلاد مفتوحة على الريح والضباب والموت المنقوش على السلالم المعوجة والأغصان المكسرة. بلاد مفروشة على أكوام العواصف والهبوب المتناثرة المرمية هنا وهناك. لماذا كنت تظنين إنني مولود من الحب. بعدها إلى أين كنت تريدين أن أقف. على أي رصيف من أرصفة العمروفي أية لحظة من لحظاته سأقدم كقربان مدمس مسفوح الدم ومهتوك الروح والقلب مثل سنبلة جافة. هل كنت تعلمين على أي قربان من القرابين كنت سأمدد. لماذا بقيت يداك مرفوعتان إلى السماء تناجي أن يخففوا عني أستباحة دمي أمام قدميك. كنت تعلمين يا أماه أنني ولدت على الجمرالمشوب بخضرة عينيك.. أشتعل بينهما مطوق الساقين والقلب. إذاً.. لماذا كنت تبكين ما دمت تعرفين إننا قرابين منذورة للسماء والماء والأرض والتراب كما للطلاسم والظلمة السكرانة والضياع.
وقتها..
أحسست أن جذوري مقطوعة وأنني في مهب الريح.
بقيت مسمراً على الأرض، أفتح فمي على وسع، استنشاق المزيد من الهواء, اشهق وازفردون أرادة مني. أحاول أن أرمم النفس الغائرة في البعد. لم أعد أحس بالعالم المحيط بي. نسيت رفاقي وأصدقائي الذين ينتظرون وجبتهم المرصوفة على عمامة الصباح الباردة.. ينتظرون موقد النارالتي ستشتعل في وهاد أجسدهم الغافية.
حالة أشبه بالغثيان والهذيان المكثف, غلفتني, تركتني بعيداً عن حالة الوعي.
استدعيت لحظات الهم قافزاً
قلت:
كنت في مضافة الوجع..غريباً. لم أعد أحس بالانتماء إلى شيء.. إلا إلى الألم.
تركوني وحيداً. لم يعد يلتفتوا إلي, مضوا ينشغلوا بغيري.
كان الصمت ثقيلاً.
زوبعة من الصدى النافذ حركت ذاكرتي التائهة أعادتني إلى جدول الحياة.
في استقالتي عن الأشياء المحيطة بي.. في استلقائي على الأرض المتعبة, رأيت وجهوه متشابهة للجلاد.
وجه واحد.. وجهان.. أو ثلاثة.. أوأكثرلا أدري.. ربما عدة وجوه. لكنها كانت وجوه متباعدة متداخلة ومكثفة في وجه واحد. وجه ضخم للغاية, له أنف عملاق, حاجبان كثان مثل أقواس الأفق المخضبة بالدم الخائب.
عيناه صغيرتان غائرتان في جمجمته الصدئة كالوديان العميقة القاحلة. فمه الكبيركجبل أجرد لا نبتة عليه ولا شجرة, أما أسنانه فقد كانت صفراء مائلة للسواد, بشرته متغيرة ومتبدله حسب الطقوس والمكان . فمرة رمادي ومرات أخرى سمراء داكنة أو سوداء معتمة. أما جسده فقد كان مشوه الخرائط . في كل مرة يبدو الجلاد في لون وشكل. في هذه الأجواء, في طقوس الصباح الكانوني البارد كان وجهه ممتقعاً مائلاً الى اللون الأسود. لم يكن له إلا جسد متأكل دون تراسيم متناسقة.
كان الجلاد في لحظة الشبق العليا حاراً.. لحظة ألتحامه بنفسه.. ماسكاً صمته بيده.. أدوات تعبيره عن ذاته.. أدوات بقاءه.
لم أرالعصافيرفي هذه السماء.. كما لم أسمع صوتها.
فرت وهربت إلى أطراف أخرى من عمارة العالم.
بالتأكيد أنها تزقزق في مكان ما من هذا العالم, تطيربعيداً عنا, تسخر من الألوان الداكنة والوجوه الرمادية النافرة. ربما أقول.. ربما تمرمن حولنا, لكنها لا تحط على أشجارنا وجداولنا. تطيرفي أهداب السماء الواسعة, تسرح ترحل إلى مكان انزلاق الضوء الشفيف والألوان الفضفاضة والمبهجة من أجل أعلان بوحها للفضاء الواسع والجمال والتمدد.
فتحت فمي مرة أخرى من أجل تمريرغروية الوجع وحرارته عبر اللسان والفم.
أحّسست بالوحدة للحظات وبالحرية أيضاً.. قلت في نفسي:
لقد ثملوا مني. لن يهتموا بي, لقد تركوني، أنهم مشغولون بغيري. لاشيء يشغلني إلا البحث عن استراحة الألم التي ترافقني وتبحرفي مرافئ حياتي. وجهي يلاصق كياني, مرتقياً سلالم المنفى والغربة. التحم بالدماء النازفة السائلة مني على الارض العطشة بهدوء ومرارة.
بأنين أخرس تمتصه الجدران وتطمسه ذاكرة الايام زفرت عباءة الليل الذي تزين ستائرالنجوم.
اتأوه وحدي من النار الكاوية التي ارتدتني.. والتي بقيت تلاحقني. ادحرج الزفيرالمتصاعد مني.. زفرة وراء زفرة إلى خارج مسامات جلدي. قوة حمقاء قبيحة تنبثق من داخل استراحة الوجع وتتفجر كشلال جارف، مفضية إلى طريق طويل.. طويل للبقاء في سريرالزمن. شيء ما كان يهرب معي.. يريدني أن أبقى في ملامحي القديمة وسنونه المأسورة.
حملت نفسي المتعبة كأنبعاث ميت.. كأمتعة ثقيلة, منطوياً على نفسي, كصرة مصرورة في كيس صغير, ملفوفاً من كل الجوانب إلى أن سرت بعيداً.. رحت أهرب وأهرب.
نسيت كل شيء.. الكون والعالم ورفاقي والشرطة.
تحولت إلى طائرفينيقي طليق، يحلق فوق أجنحة الوجع, يلامس الأهات الخارجة من أتون الدم، ملتصقا بنفسي كأفعى جريئة تلتف حول نفسها وتسبح في عينيها السارحتين فوق الضباب.
عدت مرة أخرى إلى المكان المحاط بي, كأنما أفقت من حلم, اتلمس لفائف بقائي على الأرض الباردة. أبلع ريقي الجاف ممعناً النظرفي الحرارة الصاعدة من لهيب الجسد والعذاب الذي لاحقني. من النار التي تلفحني من كل مكان. مسمراً في طرق الارتعاب، متخذاً تعابيراً متناقضة .
بنظرة خاطفة وسريعة كأنها البرق.. دخلت في وديان اللأشعورمني فوجدت بقية رفاقي وقوفاً على موازاة الجدار, رؤوسهم وعيونهم مطرقة في الارض, خائفون, يسمعون ويصغون إلى صوت الكوابل وهي تلسع أحدهم.
أنهم ينتظرون مصيرهم الذي لا فكاك منه. كل واحد ينتظرعبوره إلى الضفة الآخرى بفارغ الصبر. شعور صعب وقاس ومؤلم للغاية.. أنتظارلسع البرق على الجسد الأعزل. كل لحظة تساوي دهراً.. تبقى الأعصاب ساهرة يقظة تراقب أدق التفاصيل. مع كل كبل ينهال على القدم, يرافقها انكماش واستنفاركامل.
ربما لا أحد يعرف هذا الشعورالمتعب والمرهق إلا الذي جرب القذى والمرارة.
بالتأكيد أن دقات قلوبهم تتسارع في صدورهم.. متحفزون, يشربون الصباح البارد مراً كالعلقم.. مراً كومض كئيب.. ومض ثقيل.
كان بجانبي رفاق وأخوة وأصدقاء. قضينا مع بعضنا في السجن, زهرة أعمارنا, سنون طويلة, نعرف بعضنا في أدق التفاصيل. نعرف مشاعرالخوف أوالحب أو الكره التي تنتابنا. لحظات الحزن أو الياس أو القهرالتي نحس فيها لفقد صديق أوعزيزأوأب أو أم أو أخ. كنا مع بعضنا أقرب من الأهل لبعضهم لأننا كنا في محنة واحدة قاسية وأليمة. رحلة كفاح طويلة ضد الاستبداد والحكم الفردي الكريه. عندما كان يجلد أحدنا, أويضرب على وجهه, نحس بسيول الوجع تتشبث بصدورنا وتدخل في مسامات جلدنا وأفئدتنا.
الجلاد حافظ الأسد, مثله مثل كل الجلادين في العالم, لا يميزبين زيد أو عبيد من الناس. كل مخالف لسلطته الداشرة هو عدومحتمل له, لا فرق لديه بين مسيحي أومسلم.. شيعي أو سني.. درزي أوعلوي. الجميع أعداء تحت الطلب إلى أن تثبت براءتهم. أليس هو القائل:
من ليس معنا هو عدونا.
إنه الزمن الذي يجنح نحو الضلال في أوقات كثيرة, ينبش من بين مخالبه الطويلة أشواك سامة, تقرص لون الشمس, تدمي وتحرق الوجوه الجميلة والنيرة. زمن يطمس في ذاكرته كل الأحمال والأسفار.
لكم تخيلت هذا المسمى الرئيس حافظ الأسد, وهوممسكاً السوط أوالكبل أوأي أداة من أدوات التعذيب في يديه, وهوفي كامل هندامه المستورد, يعذب ضحاياه من كل الألوان. هذا الصنم المقرف القائم فوق أحلامنا, سارق الجمال والحرية والدفئ من ليالينا الطويلة. لقد تفنن هذا الهمجي في أبقاءنا نعيش تحت رحمته في أقسى الشروط.
هناك على مقربة بسيطة مني, رجال مطويي العزيمة, مكبلون, يخلدون للصمت الجرار, يحيون في أقسى الظروف من أجل أن يحيا الانسان كأنسان. يدفعهم الغضب من الحاضرالمرللعمل من أجل مستقبل أفضل. كل واحد لديه دزينة من المشاكل الصحية, نتيجة المدد الطويلة في السجن. كلهم واقفون بوجوم على الجدار في أنتظاروجبة الجلاد الصباحية القاسية.
كان عماررزق في الثامنة والعشرون من العمر. لديه مشاكل في القلب, بالإضافة إلى الروماتيزم. كانت الأوجاع ترهقه.. في الركب والمفاصل وأصابع الأقدام. كانت أقدامه وخاصة عند الأصبع الكبيرة, تزرق أغلب الأوقات, من تكثف الدم وتخثره في الرؤوس والنهايات العصبية, مما كان يجعله هذا الأمريصرخ بصمت من الألم, يتأرق الليل كله. تحت الضغط الذي يغلفه. والبلية الكبرى كانت أصابته بالانفلونزة في هذه الأوقات القاسية, يسعل طوال الوقت. كنت أقوال أي قدر سيسعفه على البقاء:
ـ كيف سيتحمل جسده هذه المشقة والشدة التي أمامه. مواسم طويلة ناضحة بالمرارة تنتظره كما تنتظرنا تحتاج إلى أجساد سليمة, قادرة على التحمل, لأننا بين يدي أوغاد ومجرمين, لا يعرفون معنى أن يكون للأخر حق في الحياة والحرية. كنت أسمع أنينه الذي يقطع نياط القلب والروح. آلام الروماتيزم في المفاصل لم يكن بالشيء الذي يمكن للمرء أن يتحمله بدون وجود مسكن أو دواء يخفف الوجع. مرات ومرات أحس وأرى كيف تسيل دموعه من عينيه, وهولا يستطيع الحركة, لخوفه من جلده في اليوم التالي. عندما يجلد أحدنا نبقى في حالة انطواء نفسي وانفلات داخلي مثل انسحاق الروح وإنكسارها التام. هذا الأحساس المؤلم يسبب الأذى النفسي الطويل للآخرين من رفاق وأخوة في المهجع.. بالرغم من أن عملية الجلد تتم دون أي سبب.
كان عمار صبوراً جداً, يبقى طوال الوقت مكوماً على نفسه, يمتص صراخه, ويبقيه في حلقه, ليرتد على روحه, فتبقى حياته ما بين السوداوية والقلق, والخوف من الغد الغامض. أشياء تدوخ وتذيب العظام في الرأس من هذا اللعاب المختلط ما بين الجفاف والأمل المكتوم.
هذ المرض المستيقظ دائماً, يجعل الجسد مثل الشواء الساخن على مواقد الحطب, منطوياً, يستفقد البقاء في وضع سليم.
طوال الوقت, تراه يجمع الخرق, أوبعض الأقمشة المتوفرة, ويلفها حول ركبه, من أجل أن تبقى دافئة في الشتاءات الباردة, وفي الليل والنهار الصحراوي البارد, لأنعدام التدفئة والحرارة في الشتاء, وعدم توفر السوائل الحارة أيضاً. في هذا السجن الخطير, لا تتوفر أية سخانة أو نارأو أية وسيلة من وسائل التدفئة. لذلك لم يكن لدينا ألا الثياب على قلتها من أجل حمايتنا من البرد والمرض.
عبد الله قبارة في الثالثة والستين من العمرولديه قصورعضلي في الساق بالإضافة إلى مرض السكري. لم يكن يستطيع الجلوس على الأرض أو يستطيع المشيء بشكل طبيعي.
مصطفى حسين في الستين من العمرومريض بالانفصام/ علامات المرض الواضحة بدأت معه بعد أسحاب الجيش العراقي من الكويت في أذار من العام 1991/ وأمراض متعددة لا يبوح بها لأحد. أوجاع في اللثة والأسنان وديسك في الظهروأوجاع في الركب والمفاصل. كان كتوماً جداً لا يعلن عن مرضه ولكنها في لحظات الوجع المستنفرة يقولها بالرغم عنه.
كان مصطفى لديه أحساس أن السلطة أخذتنا إلى سجن تدمرمن أجل تخويفه أوأدخال الرعب في قلبه. لم يكن يصدق أن قافلة الوجع حقيقة ساطعة. كنت أقول له في لحظات القهر الشديدة:
هل تظن يا أخي أنهم يجلدونا من أجل أن تخاف. ينظر إلي ساخراً ويحرك رأسه ولا يتكلم علامة على أنني فهمت ما في داخله من وساوس وأوهام. أرد عليه وأقول:
ما دامت السلطة أخذتنا إلى هذا السجن من أجل أن تخاف لماذا تخفف عنك الضرب/ كان وزنه لا يتجاوز الأربعين كيلوغرام, ربما لهذا السبب كانوا يضربونه أقل من غيره/. ينظر إلي ويبتسم بسخرية مرة, مرة أخرى.
مع هذا لم يراعوا مرضه وكبر سنه وعجزه وخوفه وأبقوه مدة ثمانية أشهرأضافية على حكمه المقررة من محكمة أمن الدولة. لقد بقي في السجن خمسة عشرة عاماً وثمانية أشهر. تنقل خلالها من التحقيق في أدلب إلى سجن أدلب, ثم سجن الشيخ حسن في دمشق وبعدها سجن عدرا وأخيراً سجن تدمر السيء السمعة. لكنه كان منضبطاً في هذا السجن, لخوفه الشديد من تصفيته, لذلك لم يبد أي مشكلة تذكرمع أحد, وبقي معنا في هذه الأجواء المخيفة مدة سنتان ونصف السنة.
لقد خرج من السجن تدمرفي 8/6/1998
كان مصطفى حسين يحتاج إلى العلاج من عدة أمراض. علاج طويل ومكث بدلاً من أبقاءه في السجن. لكنه حافظ الأسد بنظامه وسلطته وعائلته القذرة. لم يتركوا حرمة لشيء. لم يتركوا وسخة أوقذارة لم يفعلوها هؤلاء الحثالة. /مازالت سلطة حافظ الأسد قائمة عبرأولاده وعائلته الكريهة. ما زالت هذه السلطة القذرة تسجن خيرة أبناء بلادنا, لأبسط الأشياء, مثل المكالمة الهاتفية التي أجراها فائق الميرمع أحد النواب اللبنانيين والتي كما يقال ستؤدي به إلى المؤبد أو أكثر. مثله الدكتور عارف دليلة ومحمود عيسى وميشيل كيلووغيرهم.. القائمة طويلة وتطول ولا تقصر.. لا لسبب أقترفوه وأنما لرأي حملوه في رؤوسهم/.
محمد خير خلف لم يكن يتجاوز وزنه الخامسة والأربعين كيلوغراماً. لديه أوجاع مزمنة في المعدة والكولون.
مثله عبد الكريم عيسى ويوشع الخطيب وصفوان عكاش وبكرصدقي. بينما عمر الحايك كان جلد قدمه يتقشربأستمرارمن الأكزيما والألتهابات الجلدية الصعبة والمؤلمة.
يتبع..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق