فأمهُ الكبيرةُ الصابرة الاصيلة المتجذِّرَةُ في أرضها كشعبِها السيدةُ الفاضلة امُّ احمد كانت ملهمَتَهُ الأولى كحبيبتِهِ فلسطين.
فلقد كان لعجينِها وموقِدِها، لحنانها وحبِّها، لصلابتها وشكيمتِها لإرادتِها وحيويتها اعظم الاثر على حياة شاعر الثورة الفلسطينية الذي تأججت روحُهُ المبدعةُ المتوهجة في نار خبزها المقدس:
قصائدَ وأنَّات، وحرقاتٍ وزفرات تحاكي معاناةَ شعب ومأساةَ وطنٍ ونزيفَ أمة.
تعزيتي من خلال امُّ احمدَ الى كل الامهات الفلسطينيات الصابرات والى المرأة الفلسطينيةِ الصامدةِ تحت الحصار الظالم، وأمام وخلفَ الجدار القاتم، وفي المعتقلات والمظالم، ومواجهة العدو الآثم.
فكفكفي الدمعَ!
كفكفي الدمع يا أمَّ احمدَ ولا تحزني فانت يا سيدةَ فلسطينَ والعربِ الاولى يا ابنة الثاني والتسعين ربيعاً أنجبت لنا اعظم مولود فكان محمود أحلى حبات العنقود.
عنقودُ الثورة والنضال، والصلابة والقتال، ومقارعة الاحتلال من اجل التحرر والاستقلال.
عنقودُ الشعر والابداع، والفكر والإشعاع، ورائحةُ الحبق ولونُ الزنبق وروحُ النَّعْنَاع.
عنقودُ النثر والعطر وعبيرِ السوسن وعبقِ تراب الأرض وقامةِ أشجارِ الحور ورحيق الزهر ونجوم السماء.
تعزيتي الحارة ايضا الى الرئيس الفلسطيني القابض على الجمر محمود عباس ومن خلاله الى الشعب الفلسطيني الحبيب.
فلا تحزني يا فلسطين عندما يكون موتُ الشاعر ولادةً جديدة لقضيته العادلة.
لقد كانت قضيةُ فلسطين تعتمل بكثرة مآسيها وعمقِ احزانها وصراعِ أبنائها في قلب الشاعر المعذب فلم يستطع قلبُهُ الرقيقُ واحساسُهُ المرهفُ تحملَ كل هذه الهموم والمأسي والأحزان وصراعات الإخوان فسكت عن الخفقان وأسلم الروح لتحيا فلسطين وتتوحد وتنتصر على قوى الاغتصاب والظلم والاستيطان!
فابنُ البروة بنتُ الجليل الفلسطيني المحتل كان عبقريةً فذةً قل نظيرها، وثروة فكريةً لا تنضب، وظاهرة ثقافية عالميةً مرموقةً، وحركة شعرية مجدِّدَةً للقصيدة العربية وعلما فلسطينيا عربيا شامخا في العلاء ، وما يزال !
فالموت هنا يستطيع تغييبَ الشاعرِ جسديا ، ولكنه لن ولن يستطيع تغييب أشعاره الخالدة من خلال قصائده الرائدة وروحه الخلاقة المبدعة!
وسيظل المقاتل بالكلمة محمود درويش خالدا في ضمير شعبه وأمته ومثالا يحتذى به، وستردد الأجيالُ أشعارَهُ لتبقى فلسطين سيدة حرة عربية مستقلة!
وستظل كلماتُهُ الثورية وقصائدُهُ الوطنية التي ترجمت الى 22 لغة أجملَ صورةٍ حضارية راقية عن الشعب الفلسطيني.
فهنيئا لفلسطين بأبنائها الخالدين!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق