11‏/02‏/2009

شيخ المعتقلين في سجون النظام الجائر في سوريا : الشيخ الجليل عبد الستار قطان


المهندس عبد الستار قطان من مواليد مدينة حلب سنة 1943، اعتُقل عدة مرات ، واستمر اعتقاله قرابة 20 عاماً . وكانت السلطات الأمنية السورية اعتقلت السيد قطان إثر عودته من أداء مناسك العمرة في 27/11/2004 وصادرت كل ما بحوزته من مبالغ مالية. وجاء اعتقاله الأخير على خلفية اتهامه بتقديم عون مالي لبعض أسر المعتقلين الإسلاميين التي تعاني في ظل غياب معيليها منذ عقود ، وحُكم بموجب القانون 49/1980 بالإعدام ثم خُفف الحكم عنه إلى 12 سنة!! وكان المهندس عبد الستار قطان قد أمضى فترتين في السجن قبل هذه الفترة بتهمة الانتساب الى جماعة الاخوان المسلمين فقد اعتقل في الفترة بين 1975-1977 والفترة بين 1979-1995.


عبد الستار قطان أمام محكمة أمن الدولة العليا :


مثل المهندس عبد الستار قطان في 23/10/2005 أمام محكمة أمن الدولة العليا بموجب القانون 49/1980 . ويقضي هذا القانون بعقوبة الإعدام على الانتماء أو التعاطف مع جماعة الإخوان المسلمين.
وجهت المحكمة التهمة للمهندس عبد الستار قطان بتوزيع مساعدات على معتقلين سابقين والاحتفاظ بعلاقات مع شخصيات من جماعة الإخوان المسلمين بعد إطلاق سراحه عام 1995. ثم رفعت المحكمة إلى تاريخ 18/12/ 2005

إن حالة المهندس عبد الستار قطان تثير القلق البالغ ، فهذه المرة الثالثة في حياته التي يزج فيها بالسجن ويجرم بناءً على عمل إنساني -إن صح الإتهام- لا سيما أنه يعتقل منذ حوالي عام في شروط بالغة السوء حرم خلالها من زيارة أسرته ومن الاتصال بالعالم الخارجي، في ظل تقارير مؤكدة عن تعرضه للتعذيب والمعاملة المهينة والحاطة بالكرامة.

إن النظام السوري يقوم بسياسة منهجية للابقاء على المعتقلين الذين أطلق سراحهم في حالة من الفقر والعوز المتعمد، فبالإضافة إلى حرمانهم من حقوقهم المدنية وعدم السماح لهم بالعودة إلى وظائفهم أو إنشاء أعمال خاصة بهم، فهو يمنعهم حتى من تلقي المساعدات من محسنين للإبقاء على أنفسهم وأسرهم. وإذا قام أحد بمساعدتهم أو نقل معونة إليهم فإنه يعتقل ويتهم بالتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين لارتباط المعتقلين السابقين بها.

وتتواتر الأنباء من سجن صيدنايا ، أن المهندس عبد الستار المصاب أصلاً بتصلب الشرايين، والسكري، والضغط والقصور الكلوي الحاد يعاني من أوضاع صحية صعبة جداً، دون أن يلقى الرعاية الصحية المطلوبة التي تتناسب مع سنه / خمسة وستون عاما قضى ثلثها تقريبا في ظروف الاعتقال السيئة .

ويقول مؤمن محمد نديم : وتحت عنوان ( السجين عبد الستار قطان شيخ المعتقلين في سجون آل أسد ) : عبد الستار قطان 65 عاماً! ذاك الاسم اللامع في سماء الوطن؛ وبما عرف عنه بشيخ المعتقلين السوريين الأحياء، أما الباقون من إخوانه وأصحابه الذين لم يُعرف عنهم شيء منذ عقود فأمرهم مختلف، فهم الأسوأ ظروفاً على مستوى العالم الذي لم يشهد لمحنتهم مثيلاً. فهم إمّا في زنازين تحت الأرض؛ يعانون العذابات المريرة؛ وينتظرون من يفك قيدهم، ويخرجهم من هذه الظلمات إلى النور؛ نور رب العالمين، نور الحرية والانطلاق في هذا الرحب الواسع، بين أحبابهم وأهلهم وخلاّنهم وأرضهم، وإما هم تحت الزنازين مدفونين في حفر كما دفن الآلاف من إخوانهم من قبل.

عبد الستار قطان، الرجل الذي مازال على الرادار نرصده؛ ونتتبع خطواته لأنه لازال حياً مكبلاً بالأغلال إنه المهندس الشيخ الذي طعن في السن، وأذهب زهرة شبابه في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي عفواً الأسدي! ولكي لا أظلم بني صهيون أو بني فرعون وهامان؛ فإنهم لم يصلوا بعد إلى ما وصل إليه بني أسد، من الظلم والقهر والاستعباد والاستكبار والقتل والجريمة، فبعد عشرين عام قضاها "القطان" في غياهب السجون المريرة! هاهو يُعاد مرة أخرى إليها! بتهمة مُدبره بإعانة الأسر المنكوبة، وحتى وإن صحت كان من المفروض أن يكّرم لا أن يهان، ويحكم بالإعدام مرة أخرى؛ لإقدامه على عمل خيري كريم، ثم جاءته الرحمات من آل الأسد لتخفف عنه الإعدام إلى اثني عشر عاماً فقط لا غير وقابلة للتمديد، ليدفن في زنزانته كما دفن إخوانه من قبل وهم أحياء.

هل سنرضى أن تعاد الكرّة لهؤلاء الأحرار؛ وهل سنسكت على الضيم مرة أخرى؟

حاش لله أن نرضى لهؤلاء البرابرة أن يذبحونا مرة أخرى، وحاش أن نفرط بحق أي سجين؛ فصوتنا سيرتفع وسيتضامن معنا كل الأبرار، لكي لا يبقى في سورية أي سجين رأي أو ضمير. إلى يومنا هذا وأهالي المعتقلين الذين دخلوا أقبية المخابرات وأقسام التعذيب، يبحثون عن أحبائهم المفقودين في كل مكان، ويعرضون أنفسهم للخطر والإهانة والشتائم ولا يمّلون فيأتيهم الجواب، من رجال الإجرام وبدم بارد انسوهم ولا تسألوا عنهم، هم ليسوا عندنا، والجواب طبعاً مفجع؛ لتلك الأم التي انتظرت طويلاً على أمل اللقاء بكبدها وروحها وقلبها؛ يطلب منها أن تنساه؛ لا بل أن لا تفكر به؛ لأنه في نظر الطغاة لاشيء وعبارة عن سراب، فالقاتل لا يعرف لغة القلوب والأرحام، لا يعرف إلا الإجرام وسفك الدماء والتعالي على الناس، انسوهم ولا تسألوا عنهم! وهذا ما يطلب بالضبط من الآباء المفجوعين والزوجات المكلومات والأبناء والإخوان والذرية والعشيرة وأبناء البلد والأصدقاء والأقرباء أن يفعلوه.

يعطونهم الأوامر بتنفيذ النسيان وإلا لربما يُلحقوهم بهم، وبالتالي لم يُعطوهم الجثة؛ ولا شهادة وفاة، ولا أي استفسار أو إيضاح؟ فقط عليهم أن يحمدوا الله أن وهبهم هؤلاء القادة. وهذا ما يريدون فعله في القطان، ندموا إذ أخرجوه من زنازينهم حياً لأن هذا لا يتناسب مع طباعهم فأرادوا أن يدفنوه أيضاً وهو حي، كما دفنوا رفاقه من قبل.

يا أمة العرب؛ ويا أمة الإسلام؛ ويا أيها العالم المتحضر؛ ويا أيها الكون بأجمعه؛ ما لكم كيف تحكمون؟ الم تشاهدون وقائع الجريمة؟ ألا تحسّون بمعاناة المعذبين في سورية؟ ألا تتكلمون فتمنعوا هذا الباطل؟ أما زال فيكم نخوة تمنعوا هذه الطغمة، إنسانيتكم تذبح عندما يذبح أخوكم الإنسان البريء، كرامتكم تهدر عندما يزج به في السجون ظلماً، وجودكم يسحق عندما يسمح بسحق الأحرار.

أين منظمات حقوق الإنسان؟ وأين الأمم المتحدة؟ ألا يكفي ما وقع بشعبنا السوري من مذابح؟ عندما هدّمت المدن فوق ساكنيها، وقتل من في السجون، عندما هجر قسراً الملايين من أبناء شعبي ولا يستطيعون العودة، عندما أوغلت يد الجزار فينا، وصارت سورية وبمن فيها مزرعة لآل أسد، ولا صوتاً يعلو فوق صوت هذه الأسرة، التي جعلت من بلدنا سجناً كبيراً يتسع لجميع أبناءه .

وأخيراً النصر لشعبنا الحبيب والحرية لجميع أبنائه والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار والفرج القريب بإذن الله لجميع معتقلينا والخزي والعار للقتلة والمجرمين ولكل من تلطخت يداه بدماء شعبنا الحر المصابر.
الحرية لعبد الستار قطان ولضحايا الأعمال الخيرية في وطننا السجين. الصبر والسلوان لأهليه ورفاقه.


ويقول جيفارا السيد : عبد الستار قطان ... ضحية العمل الخيري الانساني :

لا أذكر مرة أنني قرأت اسمه في أحد محافل المعارضة أو الموالاة , كان ظاهراً بأن صاحبنا كان يكره السياسة حتى العظم بعد أن قضى تجربة مريرة في سجن تدمر بتهمة الحرام السياسي ( الاخوان المسلمين ) .

عندما خرج عبد الستار قطان من السجن ضمن عفو رئاسي لم تكن قد ثبتت إدانته بأي حال من الأحوال , هكذا قيل له من قبل ضابط الأمن الذي أسفر وجهه عن ابتسامة صفراء وقهقهة عالية مقززة .
عندها كان عبد الستار قطان قد فقد قرابة عشرين سنة من عمره نتيجة خطأ احترازي . في كل هذه السنين رأى كثيراً من العنفيين ... عاشرهم وخالطهم , وفهمهم ... فهم كيف أن الاستبداد و الظروف المأساوية تولد العنف , رأى كيف قاد الفقر والجهل والاستفزاز الطائفي والعشائري عند الكثيرين إلى أعمال عنف اكتست بطابع الدين ظلماً وزوراً .
تذكًر حينها مقولة لعمر بن الخطاب : لو كان الفقر رجلاً لقتلته , كان ذلك إبان المجاعة التي نزلت بالمدينة و التي جمّد فيها عمر حد السرقة , وذلك رغبةً منه في البداية في استئصال الفقر ( المحرض للسرقة ) .

من هنا اتجه قطان بعد خروجه من السجن إلى العمل الخيري , ومساعدة الأسر الفقيرة , للحول دون تكرار مأساة العنف الدموي , باستئصال مسبباته الحقيقية .

في إحدى المرات ... كان قد قدم المساعدة لعوائل لم يرض عنها السلطان , فكان أن اتهم بالارهاب وبتمويله , ليحاكم اليوم أمام محكمة أمن الدولة العليا بتهمة التعاطف والانتماء للإخوان المسلمين , التهمة التي تفضي في النهاية إلى الاعدام عملاً بالقانون المشؤوم 49 ..... يبدو أن هذه الحقيقة غائبة كلياً اليوم عن أعين الكثير من (النخب) في المعارضة السورية , التي لم تنزل للشارع أمام محاكمته , كما فعلت مع السياسيين من أعضائها . ما يشعرني بأن الروح الحزبوية والقبلية ما زالت تعشعش في كثير من أطراف تلك المعارضة , إضافة إلى ابتعادها عن العلمية و حصرها في قضايا لا تنال من فكر المواطن شيئاً ,لإنها ببساطة لا تؤثر عليه ( إذا كانت الظروف هي التي تصنع الانسان , فإن علينا أن نصنع ظروفاً إنسانية ) . وعليه فإن رائد العمل الخيري ينبغي أن يوضع على الرأس , لا في غياهب السجون والمعتقلات .



تحية إجلال وإكبار للشيخ الجليل عبد الستار قطان ، وتحية إجلال وإكبار لكل الشرفاء في سجون آل الأسد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق