15‏/03‏/2009

جئناك أيها الفساد اللعين.. فانتظر السحق والمحق..



لعل موضة الحديث عن مكافحة الفساد هي من أقدم الموضات انتشاراً في بلادنا، فقد سبقت بالظهور موضة الخنافس والشارلستون والجنز والمكسي والميني والسنتكور والبنتكور وسواها، وإذا كان بعض هذه الموضات قد اندثر مثل موضة الخنافس والشارلستون، فان موضة الحديث عن مكافحة الفساد ما زالت صامدة مثلها مثل الجنز.. لقد شكلوا قبل نحو ثلاثة عقود ونيف لجنة أطلقوا عليها لجنة مكافحة الكسب غير المشروع، اشتغلت لفترة قصيرة، ثم ذهبت في حال سبيلها، لأنها لم تستطع أن تفتح فجوة بحجم رأس إبرة في الجدار الذي يتمترس وراءه كبار الفاسدين.. ومنذ ذلك اليوم والحملات الكلامية على الفساد تشتد، والفساد يتغول، ويبتلع في طريقه كل شيء.. والمشكلة أن أولي الأمر أوجدوا من الهيئات لمكافحته لاحقاً ما يعجز المواطن عن تعداد أسمائها.. فحين تطور الفساد لدينا من ظاهرة مرضية طارئة إلى مرض مستوطن كانت لدينا رقابة مالية وجهة أمنية واحدة فحسب.. وحين تحول من مرض مستوطن إلى سرطان، كان لدينا رقابة مالية وهيئة مركزية للرقابة والتفتيش وعدد كبير من الجهات الأمنية.. ويوم انتشر أفقياً وشاقولياً، ووصل إلى كل مكان وبقعة في البلد أضيفت إلى الجهات المذكورة سابقاً الرقابات الداخلية في المؤسسات الحكومية.. وهكذا إلى أن وصل الأمر بالمواطن إلى الاعتقاد الجازم بأن أصحاب الأصوات العليا في مكافحة الفساد هم الأكثر فساداً، وأن جزءاً لا يستهان فيه من الجهات المخولة بمكافحة الفساد هي فاسدة بالأصل.
طيب إذا كان حزب البعث، الذي يقود الدولة والمجتمع، ابتداء من أنصاره وأعضائه العاملين الذين يتجاوزن المليون ونصف المليون، مروراً بفرقه وشعبه وفروعه، وانتهاء بمؤتمراته القطرية، يقف ضد الفساد، ويطلب مكافحته بقوة..
وإذا كانت أحزاب الجبهة المتحالفة معه ابتداء من ( قواعدها ) وانتهاء بقياداتها، تقف ضد الفساد، وتطلب مكافحته بقوة..
واذا كانت المعارضة ـ على دروشتها ـ واحزابها تقف ضدّ الفساد وتدعو لمكافحته بقوة..
وإذا كان الموظفون، ورؤساء الدوائر، والمديرون، والوزراء، ورؤساء الوزارات يقفون ضد الفساد، ويطلبون مكافحته بقوة..
وإذا كان رؤساء البلديات، ورؤساء مجالس القرى، والبلدات، والمدن، وأعضاء المكاتب التنفيذية، والمحافظون يقفون ضد الفساد، ويطلبون مكافحته بقوة..
وإذا كان اتحاد العمال، ابتداء من أعضاء لجانه النقابية، مروراً برؤساء هذه اللجان، وأعضاء مكاتب النقابات، ورؤسائها، وأعضاء المكاتب التنفيذية، ورؤساء الاتحادات، وانتهاء بالإتحادات المهنية، والاتحاد العام، يقفون ضد الفساد، ويطلبون مكافحته بقوة..
وإذا كانت المنظمات (الشعبية) والنقابات المهنية، ابتداء من الطلائع والشبيبة مروراً بالفلاحين والخياطين واللحامين والنجارين ومكنسي البلدية، وانتهاء بالأطباء والمحامين والمهندسين والمعلمين والكتاب يقفون ضد الفساد، ويدعون لمكافحته بقوة..
وإذا كان القضاء، والجهاز المركزي للرقابة المالية، والهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، والرقابات الداخلية، والجهات الأمنية، وكتّاب التقارير يقفون ضد الفساد، ويدعون لمكافحته بقوة..
وهكذا بعد أن نجمع ونطرح ونضرب ونقسم، لن نجد بين أيدينا سوى الشعب الحارس الأمين للفساد، فلتقف هذه الجهات مجتمعة بوجه الشعب، وتعلن الحرب الضروس عليه، كمقدمة لا يستغنى عنها للقضاء على الفساد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق