03‏/04‏/2010

هرباً من بؤس الأسد .... سوريون يُكفنون سوريين بمياه البحر المتوسط


رحلة الوهم إلى اليونان...ثراءٌ من جيوب الفقراء

عندما تكون الهجرة خارج البلاد هي خيار المواطن السوري لتأمين معيشة أفضل, وعندما تكون الهجرة هرباً من بؤس فرضه حاكم البلاد ... فعلى الله السلام. أما أن تكون الهجرة تهريباً مدفوعاً أجرها لصالح أقارب الحاكم ومن ثم يتبعها جريمة قتل من عصابة التهريب والاستيلاء على الأجور المدفوعة وإلقاء الجثث في البحر ... فهذا أمر لم لا يتقبله عقل...

تقوم عصابة الشبيحة التي تقودها أقرباء بشار وأخوه ماهر الأسد في منطقة الساحل السوري بالاحتيال على فقراء شبان الساحل وذلك بالاتفاق مع هؤلاء الشبان الذي قرروا مغادرة بلدهم بسبب البطالة في سوريا... فقراء باعوا أراضيهم لتأمين مبالغ بضعة ألاف من اليورو يدفعونها لعصابة التهريب مقابل تهريبهم من السواحل السورية الى شواطئ قبرص و اليونان على الأمل ببناء حياة جديدة أفضل.

وكانت مصادر إعلام في شهر أوكتوبر الماضي قد أفادت بأن عشرات الشبان السوريين، ومعظمهم من محافظة إدلب (شمال غرب) غرقوا في الآونة الأخيرة في المياه الإقليمية السورية قبالة شاطئ اللاذقية، حيث وجدت جثثهم على الشاطئ مشوهة. وقد تعرف عليهم ذووهم من علامات موجودة على أجسادهم. ويُعتقد بأن هؤلاء الشبان تعرضوا لعملية احتيال من تجار الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، حيث تم إقناعهم عن طريق سمسار من عائلة بكير، وهو من قرية تدعى خان السبلوهو" أن هناك جهة تستطيع إيصالهم إلى شواطئ قبرص للعمل هناك، وذلك مقابل مبلغ مالي يودع عند السمسار ليدفع لتلك الجهة عند وصولهم بأمان. أما الجهة الناقلة فهي جهة "مافيوية من شبيحة اللاذقية من أقارب بشار وماهر الأسد، ويُشك بأنه تم إغراقهم في المياه الإقليمية السورية على بعد 30 كم، ولقد وجد السمسار مقتولاً بطلقات نارية والنقود غير موجودة معه، وذلك لطمس معالم الجريمة".

وكانت منظمة حقوقية قد وجهت نداء للتحقيق في هذا الحادث الشنيع والذي تتستّر عليه السلطات السورية ولاسيما تلك في منطقة الساحل.


إنه فساد عائلة الأسد ....

------ عن سيرياستيبز

ليس من السهل أن تنقل بؤس الشاب يوسف ابن الستة عشر عاماً والذي لايعرف حتى قراءة عقارب الساعة.
ملامح بائسة..فقر يتسرب من ملامحه بلا انقطاع.. خوف قضى على حلم صار من المستحيل.

ثلاثة آلاف يورو ثمن أرض باعها والد يوسف ثمناً لفرصة لم تكتمل كما كل الفرص التي قصدها مئات وربما آلاف الشباب السوريين الذين وقعوا فريسة المهربين وبتعبير أدق تجار الرقيق الأبيض اللاهثين وراء المال وطعمهم هم الشباب العاطل الذي لايحتاج إلا لبارقة أمل ولو كانت كاذبة...كاذبة جداً يتقن اختراعها هؤلاء المهربين الذين يلعبون على القانون وباسم القانون ويظلون بعيداً عن أي عقاب رغم أن الجرائم المحملة في أعناقهم تشتمل أيضاً أرواح ودماء العشرات من السوريين الذين كفنهم البحر الأبيض المتوسط قبل أن يبلغوا الحلم اليوناني.
نعم...في اليونان وكما هو مطلوب منك أن تسمع عن آفاق التعاون التجاري والاستثماري بأجمل صوره...عليك ..بل يتوجب عليك أن تستمع بإصغاء لتفاصيل الحكايات البائسة والتي أبطالها سوريون ومن الطرفين.. تجار الرقيق الذين أسقط المال الرحمة من قلوبهم، والفقراء الذين أسقط المال العقل من رؤوسهم فانصاعوا لخداع المهربين وتجارتهم بالحلم اليوناني بذكاء..

تؤكد السفيرة السورية بأثينا السيدة سعاد الأيوبي: وجود نشاط واسع للمهربين أو كما تصطلح أن تسميهم تجار الرقيق الأبيض وهم أشخاص سوريون يمتهنون الاتجار بحاجات الشباب الفقير والأمي في القرى البعيدة وحيث يلجأون إلى التغرير بهم عبر وعدهم بالسفر إلى اليونان وتأمين فرص عمل يقضون فيها على فقرهم ...المطلوب فقط ..مبلغ يتراوح مابين 2000 إلى 3000 يورو غالباً ما تكون ثمن أرض يتخلون عنها من أجل السفر إلى اليونان وحيث يمكن استرجاع المبلغ المدفوع سريعاً لتبدأ الحكاية المُرّة..
يحجز هؤلاء المهربون على جوزات السفر من أجل ابتزاز أهالي ضحاياهم والحصول على مزيد من المال مقابل إعادتهم أو معرفة أخبارهم بعد أن تكون وعود العمل قد تحطمت وتحولت إلى محاولات يائسة للاستمرار في الحياة لمن يبق على قيد الحياة منهم بعد أن يجدوا أنفسهم مشردين لا مال ولا طعام بل وملاحقين قانونياً لعدم وجود شرعية لتواجدهم على الأراضي اليونانية.

إلا أن المؤلم في الأمر هو في مصير الموت الذي يداهم الكثيرين منهم نتيجة دفعهم إلى البحر من المهربين أنفسهم ليتحولوا إلى جثث بلا هوية..
وتضيف السفيرة الأيوبي التي أنهت مهامها في أثينا قبل أيام أن قضية هؤلاء هي قضية وطنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى ويجب مكافحة ظاهرة تهريب البشر نظراً للمآسي الكبيرة التي تنطوي عليها فبالإضافة إلى ما ذكر أعلاه يلجأ بعض المهربين إلى قذف الشباب إلى مناطق مزروعة بالألغام أو دفعهم للسباحة باتجاه البر...والمصير دائماً واحد.

وأحياناً يلجأ هؤلاء المهربون إلى حجز الجوازات ودفع الشباب بدونها إلى الأراضي اليونانية ويطلبوا منهم أن يدّعوا أنهم فلسطينيين أو أفغان أو عراقيين.
لا تنتهي التفاصيل المؤلمة تقول السفيرة الأيوبي فالمهم هو الالتفات سريعاً إلى هذه الظاهرة الإنسانية المؤلمة التي يذهب ضحيتها مئات الشباب السوري من أجل مصالح فئة قليلة ما زالوا قادرين على أن يكونوا بعيدين عن أعين القانون..داعية إلى تشديد المراقبة والقيام بحملة توعية على مستوى سورية لتنبيه الشباب والأهالي إلى خطورة ما يطرحه البعض من وعود بالسفر والعمل ليس إلى اليونان فحسب وإنما إلى بلدان أخرى فالمهربون يظهرون في صور كثيرة رجال أعمال أصحاب مكاتب تشغيل – وكلاء جامعات – وكلاء شركات ...الخ والهدف واحد دائماً اللعب بمستقبل ومصير الشباب مقابل المال...مال هؤلاء الفقراء.

ونعود إلى اليونان...قبل أيام وجدوا جثة شاب سوري...ربما كان من حسن حظه أن أحداً من أفراد الجالية السورية في اليونان قد تعرف عليها.. ومن حسن الحظ أيضاً أن الجالية أمنت مبلغاً من المال أرسلته مع جثة الشاب في محاولة لتخفيف آلام أهله...ولكن هذه الحالة نادرة لأن أغلب الضحايا لا يتم التعرف إليهم أبداً...ويُكتب على شواهد قبورهم "مجهول الهوية"..وكأن الحلم الذي سعوا إليه كان مجرد تأمين فرصة دفن في الأراضي اليونانية..هذا إذا لم يدفنوا في بطون سمك القرش.
يقول نادر حلبوني: يتفنن المهربون في استغلال الشباب والرجال السوريين بعد الايقاع بهم فحقارتهم لاتقف عند الكذب عليهم وسلب أموالهم التي غالباً ما يكون مصدرها إما بيع أو رهن أرض أو دين...على أمل الرد بعد السفر إلى اليونان بل إنهم يلجأون إلى التفنن في ابتزازهم واحتقارهم إما بحبسهم في غرف تحت الأرض أو نقلهم بسيارات مغلقة غالباً ما يتوفى بعضهم فيها...أو يتركوهم في شواطئ نائية أو يرمون بهم في مناطق الألغام وأقرب حل هو رميهم في البحر...فهل تتخيلون أن هناك سوريون يعاملون سوريين آخرين بهذه الطريقة.

حلبوني وهو رجل مقيم في اليونان يعتقد أن القضية تحتاج لتنسيق من أعلى المستويات نظراً لأبعادها الإنسانية والاجتماعية والأخلاقية...ومعتبراً أن المهربين يسيؤون قبل كل شيء إلى علاقات الدولتين القوية...لذلك لابد من محاربتهم وحصرهم وتشديد الحصار عليهم لمنعهم من الإتجار بالبشر والتسبب في موت الكثيرين بلا أي حساب.
لافتاً إلى أن الكثير من هؤلاء المهربين يظهرون بصور اجتماعية راقية رجال أعمال أحياناً ولا ما نع لديهم من الحديث عن الأخلاق والقيم بعد أن تكون دماء الأبرياء ملأت جيوبهم بالمال بلا أي حساب.

إذاً هي قضية وطنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى...وإن كان القضاء عليها مستحيلاً إلا أنه يمكن تحجيمها والحد منها عبر التوعية أولاً كما قالت السفيرة الأيوبي وثانياً في مراقبة الحدود والتنسيق مع الجهات اليونانية من أجل مراقبة المهربين ومحاولة الوصول إليهم بأي طريقة.
والأمر نطرحه عبر موقعنا على أصحاب القرار آملين ومتمنين أن يأخذ منهم الاهتمام الحقيقي كرمى لأمهات ثكلى وزوجات مازلن ينتظرن عودة آباء أولادهن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق