17‏/06‏/2010

المقاومة والإرهاب ..بين الإسلام والغرب









     إن القضايا الهامَّة التي طرحت نفسها على الساحتين الفكرية والسياسية، وفي المجالين الإسلامي والغربي، والتي باتت تشكِّل بحق إحدى أهم الإشكاليات المؤسسة، بل والمُرَّسخة للتفارق التاريخي بين هذين العالمين، قضية المقاومة لأشكال القهر والتسلط التاريخي الواقعة على بعض أجزاء العالم الإسلامي، والتصنيف الغربي الظالم لهذا الشكل الإنساني الساعي إلى كرامة وحرية إنسانية لا غبار عليها، وذلك عبر استسهال قراءتها وإحالتها إلى خانة الأفعال الإرهابية المُجردَّة من كل بُعد إنساني ومعيار أخلاقي.
فمن المعروف أنَّ جهودا كبيرة بُذلت من أجل وضع تعريف مُحدَّد للإرهاب يتفق عليه المجتمع الدولي، أو يلاقي قبولاً لدى الثقافات والشرائع المختلفة في العالم.
ورغم الاتفاق على المفاهيم العامَّة المُحدِّدة للإرهاب، إلا أنَّ التعارض في المصالح والاختلاف في المواقف السياسية قد أفشل جميع الجهود التي بُذلت في هذا السياق. ففي الوقت الذي حرصت فيه الدول والشعوب التي تتعرض للاحتلال الأجنبي على التمييز بين جرائم الإرهاب التي تُمارس بحق هذه الشعوب عبر اضطهادها وقهرها وإفقارها، وبين العنف الذي تضطر الشعوب إلى ممارسته مقاومةً للاحتلال ودفاعاً عن الحق في الوجود والكرامة. فضلاً عن أنَّ هذه المقاومة تجد سنداً واضحاً لها ليس في الشرائع والديانات وحسب، بل وفي القانون الدولي المعاصر وميثاق الأمم المتحدة.
وبالرغم من ذلك فقد أصرَّ الغرب، وخاصةً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، على رؤيته القاصرة للقضية التي تميزَّت بنظرة عنصرية مستهترة بكرامة الآخر وآدميته، وخاصة إذا كان هذا الآخر مسلماً. وهو ما اختزلته مستشارة الأمن القومي الأمريكي غونداليزا رايس بقولها:" لا يوجد إرهاب جيد وإرهاب سيئ". واضعةً القضية برمتها في إطار الأفعال الإرهابية. وكذلك ما انتهى إليه قساوسة اليمين المسيحي المتطرف المقربون من البيت الأبيض: جيري فالويل وبات روبرتسون وفرانكلين غراهام، من أنَّ " الدين الإسلامي دين إرهابي
ولكن لمَ الإصرار على تحريف القضية وعزلها عن أبعادها الحقيقية ؟!
إنَّ إطلالة بسيطة على التاريخ تبدو مفيدة في هذا السياق. فعدا عن الأسباب التي سبق ذكرها، ثمة عوامل تاريخية ترخي بظلالها على العقل الغربي وتدفعه إلى محاكمة الأمر بطريقة غير موضوعية وعدائية بنفس الوقت.
ويتعلق الأمر ببقايا صراع تاريخي قديم بين المسلمين ودول أُخرى عديدة في الغرب، صراع حرَّكته في مراحله الأولى التنافسية الحادة التي دارت بين الدعاة المسلمين والمبشرين المسيحيين، والتي كان نشوؤها أمراً طبيعياً في ظل دينين عالميين يسعيان إلى دعوة الآخرين للخلاص باعتناق العقيدة الصحيحة كما يراها كل من الدعاة المسلمين والمبشرين المسيحيين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق