06‏/02‏/2011

الشعب : وقود الثورة ...... وقود البقاء


الثورة ... على من ولمن ولماذا وكيف ومتى والى اين ...
المتابع لكل الدعوات الى الانتفاضة او الثورة على النظام في سوريا ، يرى جليا التخبط والفوضى بين الداعين الى التغيير بكل اشكاله ، التخبط في الشعارات والاليات والادوات وحتى الوقت ، ومن الواضح والطبيعي ان اغلب الدعوات تصدر من خارج سوريا ... وكل من له القدرة على النفاذ الى الانترنت يتصدر حركة تغيير على هواه كمن يلعب البلاي ستيشن ، بالنسبة اليه اللاعبون هم مجرد رسوم ثلاثية الابعاد يحركها ضد عدو مفترض ، على ساحة يعتقد انه يعرفها جيدا ، ويعتقد ان لديه عدة حيوات حتى يتغلب ابطاله على العدو او يُغلب ، ويستطيع ان يلعب من جديد بعد ان يرى عبارة غايم اوفر ، اعلموا ان اللاعبون هم بشر ومواطنون سوريون تدفعون بهم وقودا لنار تغيير لم تستطيعوا انتم انفسكم ان تحددوا ملامحه ، بل ان النظام نفسه - الذي تتهمونه بالديكتاتورية - اقدر منكم على اقناع الناس بقدرته على التغيير ... هو يغير حسب مصالح فئة متحكمة بقدرات البلاد ، وباستخدام ادوات ظاهرها ديمقراطي شعبي ... هذه الفئة يوصّفها كل ثورجي حسب عقيدته وافكاره وحسب الضرر الذي يعانيه .... فواحد يقول انها طائفة العلويين ؟؟؟ وآخر يقول انها عائلة الاسد ؟؟ وثالث متيقن انهم ضباط الجيش والامن ؟؟؟ ويتحفنا رابع بانهم مأجورون يتفذون اجندات اسيادهم الامريكان ( ويتخبط بالتحليل ، فلا يعرف اي امريكان : صهاينة ام ماسونيون ام امبرياليون ام ....؟ ) ، والبعض يتهم حزب البعث ،والاخر يصدح بنغمة انهم الفاسدون من كل هؤلاء ...
1- اذاً لم تحددوا من هو عدونا بالضبط... ضد من نثور ؟؟؟
- اسقاط النظام ....... محاسبة بشار الاسد عن جرائمه ..... الديمقراطية ... الحرية ......العدالة .....الغاء قانون الطوارئ والاحكام العرفية ... الغاء محاكم امن الدولة .... قانون صحافة حر ... قانون احزاب ......
تطرحون الشعارات وكأنها قائمة طعام في مطعم فاخر وعلى الزبون ( الشعب ) ان يختار ببساطة ما يريد ... وانتم تطبخون على هواه ...
هل منكم من قال اي نظام تريدون اسقاطه ؟؟؟ وهل تريدون اسقاطه كله ام نصفه بكل ما يعنيه ..؟ واي جرائم مثبتة ارتكبها الرئيس الحالي ؟؟ اي ديمقراطية متفقون عليها ؟؟ واي حرية ( فلتة ) تريدون ؟؟؟ واي عدالة تدعو الى الابادة ( لانكم انتم فقط مقتنعون بادانة الاخر ) ... ولماذا الغاء قانون الطوارئ والاحكام العرفية ونحن بحالة حرب مع اسرائيل ؟؟؟ .. واي صحافة حرة ؟؟؟ واي احزاب ؟؟؟
2- اذاً ، لم تحددوا الشعار ... لماذا نثور ؟؟
- الوقت المختار ( للثورة ) ، اوضح تماما التخبط ، فقائد ثوري يقول في 3 شباط والاخر يقول في 4 او 5 وقائد يقول 10 شباط والان تدعون للثورة في 17 نيسان ، وربما اذا كان احد القادة مشغولا في ذلك اليوم سيقترح الثورة في 18 ايار ، ولم تكن الثورة الشعبية المظفرة سلفا لتبدأ لو أن الشعب في مصر وتونس لم يثر اولا ..... اليس الاجدر لو انكم دعوتم الى الاعتصام والتظاهر لدعم الثوار الاحرار في تونس ومصر ، ورفعتم شعاراتهم في مدننكم ؟؟
وبالتالي كان هذا مقدمة لما تدعون اليه من اسطوانة كسر حاجز الخوف ... وتعويد الشارع على الانضواء تحت شعارات وطنية تمسنا كما تمس شعب مصر ؟؟؟ ، أليست خيانة لشهداء الهبّة الشعبية المصرية ضد الظلم والاضطهاد ان تسرقوا الاضواء منهم الآن ؟؟؟ اليس ضعفا ان نستغل صمودهم هم لنحقق مكاسب لنا ؟؟
وهل تعتقدون ان الظروف الذاتية والموضوعية في سوريا اختمرت لاندلاع الثورة الآن ؟؟ ... وهل قامت ثورة في التاريخ بدعوة عامة من اي جهة ؟؟؟ ... اليست الشعوب هي من يثور ؟؟؟
3- لم تحددوا الوقت ... متى نثور ؟
- ظهر من خلال الدعوات الى الثورة المجيدة ، من قبل القادة الثورجيين ، انهم غير متفقين على كيفية قيادة الثورة ، او بالاحرى غير قادرين على قيادتها ... بحكم انهم جميعا خارج البلد ، وبحكم انهم لم يقدموا برنامجا محددا للتحرك ، ولم يشكلوا لجاناً لقيادة الحراك الشعبي ( الثورة ) ، اذا بحسن نية على الاغلب هم يرتكبون خطأً - ولنقل جريمة – اذ لو ان الجماهير استجابت للدعوة لكانت كالاطرش بالزفة ، لايدرون ماذا يقولون والى اين يتجهون والى متى سيصمدون وكيف ؟؟؟ ... وماذا بعد ؟؟
4 – اذاً ، لم تحددوا برنامجا واضحا ومقنعا للتحرك ... كيف نثور ؟؟؟


كل وطني يجب ان يكون مسرورا لانه لم يستجب احد للدعوات الى التظاهر ( الانتحار ) ، بالطريقة التي رسمها من منفاه ، شباب يفترض انهم وطنيون يحملون هموم الوطن وسكان الوطن .... واغلبنا كذلك ..
خلاصة الحديث ،، لنطرح الاسئلة من جديد :
1- ضد من نثور ؟
2- لماذا نثور ؟
3- متى نثور ؟
4- كيف نثور ؟
ولنحاول الاجابة عليها :
1- نثور ضد الفئة المتحكمة باقتصاد البلاد وسياسته ، وتسير بالوطن باتجاه مصالحها الشخصية التي تلتقي في كل الاحوال مع مصالح الامبريالية العالمية بكل اشكاها ،مما انعكس بشكل كارثي على مستوى معيشة الناس وحتى على علافتهم بمفهومهم المواطنة والحرية والديمقراطية ومجمل وعيهم السياسي والانساني العام ، وهذه الفئة لاتدين لا لطائفة معينة ولا قومية واحدة ولا حزب واحد ، وهذه الفئة ليست بالضرورة في رأس السلطة ، هم في كل المواقع القيادية والادارية ....
2- نثور من اجل :
1- تعزيز المكتسبات التي حققها الشعب السوري ، والدفاع عنها وحمايتها، من خلال الدفاع عن القطاع العام ومقاومة كل اشكال تدميره واضعافه في الطريق الى خصخصته لصالح البعض المتنفذ او المرتبط به ..
2- الحفاظ على المؤسسات الدستورية ومؤسسات المجتمع المدني وتعزيز دورها وتنقيتها من المفسدين والمرتشين والمأجورين ، من خلال قانون انتخاب عصري ، وسيادة القانون ، ووضع اليات جديدة لضمان وجود الشخص المناسب فعلا في المكان المناسب .
3- الاسراع باصدار قانون صحافة واعلام حديث يسمح باصدار اي صحيفة وطنية تعبر عن اي تيار وطني بعيد عن الطائفية والعرقية والترويج لثقافة الاستهلاك واللامبالاة ، وقانون احزاب عصري يسمح بشرعنة وجود الاحزاب الموجودة اصلا، و بتشكيل الاحزاب الوطنية التي يمكنها طرح برامج عمل لخدمة الوطن والمواطنين بعيدة عن تهميش الاخر واقصاؤه والهيمنة عليه ، ولاتكون طائفية ولا اثنية ولا قومية
4- تقنين استخدام قانون الطوارئ والاحكام العرفية ، ووضع الضوابط والضمانات القانونية لمنع استخدامه الا في الحالات التي شٌرّع من اجلها ....
5- الغاء قانون الاستثماررقم 10 وتعديلاته ، واعتماد الخطط الخمسية في كل المجالات الزراعية والصناعية والتجارية ، والاعتماد على الانتاج الوطني ( العام والخاص ) كحامل اساسي للسيادة الوطنية .
6- رفع المستوى المعاشي للجماهير من خلال زيادة الرواتب والاجور من مصادر حقيقية ، ووضع الاليات من خلال تفعيل دور وزارة التموين والتجارة الداخلية ، لضبط الاسعار وعدم السماح بمبدأ التجارة الحرة المنفلتة من كل الضوابط والتي تثقل على كاهل المواطن ووضع قانون ضريبي عادل لايحرم خزينة الدولة من ايرادات هائلة ، وتأمين فرص عمل للخريجين من خلال خطط واستراتيجيات تنمية وطنية شاملة في كل القطاعات والمجالات .
7- محاربة الفساد ومحاكمة المفسدين يكون بالضرورة فاعلا في ضل سيادة القانون وتقنين قانون الطوارئ ووجود الاعلام الحر والاحزاب الوطنية ، بالاضافة الى ذلك تعزيز دور القضاء النزيه ، وتعزيز فكرة الامن للجميع عن طريق تعزيز دور فروع الامن الحقيقي في حماية الدولة ( مؤسسات حكومية ومؤسسات مجتمع مدني ) والوطن من اي عدوان او مؤامرة حقيقي يهدد سلامة الوطن ومواطنيه والوصول الى فكرة كل مواطن خفير في خدمة الوطن وليس الفئة المذكورة آنفا .
8- تعزيز دور سوريا الاستراتيجي المقاوم للتطبيع مع اسرائيل ،والداعم لحركات التحرر الوطني في العالم العربي والعالم .
9- هذا كله يؤدي بالضرورة لتحقيق نظام جمهوري برلماني يكون لكل وطني فيه الدور الفاعل والمجدي في بناء وطن الحرية والرخاء للجميع .
3 – متى نثور :
الثورة هي ناتج طبيعي لعوامل موضوعية وذاتية مركبة وتراكمية ، تتحقق بنضوجها . ولايمكن توقيتها قبل او بعد ذلك ، والثورة يقوم بها الشعب ويفرز قيادته (طليعته الثورية ) المعبرة عن مطالبه من خلالها ، ولا يمكن لاحد ان يعتليها او ان يسبقها او ان يتخلف عنها ...........
بالنسبة للموضوعي : لم يصل الشعب السوري الى حد الازمة المعيشية بمفعومها الحياتي ، هناك مشاكل يمكن حلها بتحقيق المطالب الاساسية السابقة الذكر ، وما يتعلق بالحريات العامة والخاصة وحرية التفكير والتعبير عن الرأي في سوريا يمكن ايضا تحسينها وصونها بتحقيق ذلك ايضا ....
اما العامل الذاتي : فكل عارف بالشعب السوري يعلم انه لم يقتنع تماما - وانا واحد منهم - بأن النظام السوري فاسد بالمجمل ، هناك فاسدون في كل مكان ، وهناك وطنيون حتى في السلطة نفسها ...
لم يمارس المواطن السوري الديمقراطية بشكل حقيقي طوال عقود ، ولكن لم يقتنع اغلبية الشعب السوري بأن الديمقراطية مفقودة في سوريا ، اذ لا احد ينكر ان هناك شكل ديمقراطي موجود ، هناك هامش ديمقراطي يمكن لاي احد ان يستغله ويناضل لتوسيعه ، ومن خلاله فليتفضل ويطرح برامجه ويعمل لاقناع الجماهير بصحة نهجه وطريقه ، ليلتف الشعب حولها ويتبناها لتتحول الى قوى مادية فاعلة على الارض ، قادرة على التغيير ...
ولديكم وسائل الاتصال الحديثة ، استغلوها لتوعية الجماهير ورفع مستوى وعيهم الفكري و النضالي والسياسي ... لا تهييجهم وزجهم في نار الامل بالتغيير لنتدفأ على وهج احتراقهم ...
4 – كيف نثور ؟؟؟؟؟
الثورة ( التغيير ) لها اشكال ، ليس بالضرورة الشكل التقليدي للثورات – مع انه مطروح وحتمي اذا تحققت شروطه – وباستخدام مترادفات الثورة : النضال – العمل الجماهيري – البرنامج المطلبي – الشعارات – البرامج السياسية – الفكر – الايديولوجيا – الحزب – الاستراتيجية – التكتيك .. يمكن العمل على التغيير من خلال اشكال متعددة اهمها اتفاق القوى الوطنية ( احزاب ومؤسسات وجمعيات وافراد ) على حد ادنى من المطالب الوطنية الملحة والنضال من اجلها بالاشكال المتاحة ، ابتداءا من العمل الجماهيري المباشر وانتهاءا بالانتاج الفكري والثقافي ، بهدف الوصول الى النظام الجمهوري البرلماني الديمقراطي الحر ، الذي يضم ويعمل من اجل كل الشعب السوري بكل انتماءاته الفكرية والسياسية والطائفية والقومية ..... بعيدا عن الثأر والتهميش والاقصاء والفوضى ... الذي اتسمتم به انتم الثورجيون طوال فترة دعواتكم الى الثورة ... لا تعرفون على من ولمن ولماذا وكيف ومتى والى اين ...
 2011-02-06

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق